ذكرى الاحتجاجات بعيون أصحاب خيم التحرير ومسعفيها الأوائل

بغداد/ علي الجاف

على مدخل ساحة التحرير من جهة ساحة الطيران، وضع حاجز بدائي من قبل مجموعة من قوات الامن لقطع الطريق صوب الساحة، كان الباعة المتجولون قد نصبوا اكشاكهم وسط الشارع بأريحية منحتها لهم كتل خرسانية لا يبدو انها ستتحرك من مكانها قريبًا، منذ ان وضعت قبل قرابة عام.

ويمر اليوم عام على اندلاع اعنف الاحتجاجات التي أدت الى استقالة حكومة عادل عبد المهدي وراح ضحيتها المئات، ونحو 20 الف جريح بحسب أرقام غير رسمية.

تقول أم زينب 52 عامًا، “كنت مع أوائل الخيم التي نصبت هنا في ساحة الأمة، شاركت الشباب أحزانهم وأفراحهم، دفعت بأولادي الثلاثة الى المشاركة فيها، ساعدت في إعداد الطعام وطبخه وحتى توزيعه”.

وتعلق أم زينب على سؤال لـ(المدى)، بشأن العنف الذي رافق التظاهرات منذ انطلاقها: “كثير من الشباب راحوا ضحية القمع، الرصاص كان تأكيدًا على انهم لم يطالبوا الا بالحق”.

ومنذ ساعات المساء الأولى، تجمع العشرات قرب الحاجز الأول للمتظاهرين على جسر الجمهورية استذكارًا لصبيحة الاول من تشرين الاول 2019.

ويبدو ان استذكار الاحتجاجات اثار الشجون والعواطف لدى المتظاهرين، اكثر من الاهداف التي انطلقت من أجلها التظاهرات، والتي يقولون انها لم تتحقق بعد.

حسين جليل 29 عامًا، وقف قرب سياج الجسر قبالة المطعم التركي: “هنا كنت من الذين تلقوا ضربة في كتفي برصاصة مطاطية، نقلت الى مستشفى الشيخ زايد بالتك تك، والى الآن أعاني من آثار الاصابة”.

واضاف جليل الذي يعمل في مجال الديكور الداخلي والسقوف الثانوية، ان “الذكريات هنا كثيرة، شيعنا اصدقاء وأخوة قتلتهم قنابل الدخان المسيل للدموع، والرصاص المسلط على الرؤوس، هذه الثورة لن تنسى، والدماء التي سالت فيها لم تبرد بعد”.

وتناقصت اعداد الخيم بشكل كبير في مقتربات الساحة وشارع السعدون وقرب الجسر مع انسحاب الكثير من المتظاهرين، ذات الحال مع المخيمات قبالة المطعم التركي الذي باتت بنايته مظلمة ومهجورة خلا الا من بضعة أفراد.

الطبيب المقيم حسين الناصري كان يقف قرب آخر مفرزة طبية في الساحة، “عانينا كثيرًا عندما كنا نسعف المتظاهرين في الايام الاولى، حصلت مضايقات في العمل، بعض مدراء المستشفيات رفضوا ارسال سيارات الاسعاف الى الساحة، شيئًا فشيئًا صنعنا لوحة جميلة من التعاون فيما بيننا”.

ويضيف الناصري لـ(المدى): “استطعنا جلب الكثير من الدعم الطبي لعلاج المصابين، وهناك من الاطباء من تطوع لإقامة غرف عمليات ميدانية ومستشفى ميداني متكامل”.

قرب جرف نهر دجلة، أزيلت كل الخيم التي كانت هناك قبل نحو عام، لم يكن واضحًا كيف تقلص الدعم، لكن الكثير من المتظاهرين يشيرون الى ان أزمة جائحة كورونا أثرت بشكل مضاعف على الزخم في الساحة، مع التزام الجميع بالتباعد الاجتماعي تفاديًا لتفشي الاصابات.

بارق الرصافي 22 عامًا، كان يلتقط صورًا تذكارية تحت نصب الحرية يقول: “لقد بقينا سلميين الى النهاية، البعض انجر الى الاستفزازات ورد بطريقة عنيفة، لكن هذا لا يبرر الهجوم على المتظاهرين في ساحة الخلاني ومرآب السنك غيرها من الأماكن”.

ويضيف الشاب الذي لم يكمل الاعدادية: “تعرفنا هنا على شباب واعين وملتزمين، وتعلمنا منهم الكثير، كانت تقام هنا تحت النصب محاضرات ثقافية وسياسية استفاد منها الكثيرون، كنا نقوم بحماية تظاهرات الطلبة أيام الاحد، وفي بداية التظاهرات كنت (كولجي) أقوم بصد القنابل الدخانية واطفائها”.

وخلال الايام الماضية كانت مجموعات شبابية عدة، قد عملت على اعادة صباغة نفق السعدون ورسم ما تضرر من لوحات على جدرانه، كما قاموا بتنظيفه استعدادًا للمناسبة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here