مسار الإنتخابات المبُكرة يُعرقله المتحاصصين سياسيا وطائفيا

مسارالإنتخابات المبُكرة يُعرقله المتحاصصين سياسيا وطائفيا
دكتور/ علي الخالدي
تعتبر الإنتخابات شريان الحياة الديمقراطية، فهي من يحافظ على صحتها وتُنشط ممارسة الجماهير الشعبية سياسيا لإحدى حقوقها الطبيعية التي تسعى الدول توفيرها للمواطن تلقائيا دون مناشدة، لذا فان الانتخابات القادمة التي دعى إليها منتقضي تشرين في عام 2019، و قوبلت بالرصاص الحي الذي حصد أرواح أكثر من 700 شهيد من الشباب المنتفض، وألاف الجرحى والمعوقين، الذين يتطلب رعايتهم وأسرهم من قبل الحكومة، التي تعاني من أزمات إقتصادية غير بعيدة عن فساد الأحزاب المتحاصصة لخنق الأنتفاضة التي عقد شعبنا المغلوب على أمره آمالا في كنس سيطرة المتحاصصين عن الحكم .
فالإنتخابات المبكرة التي رضخت الأحزاب الولائية لوسائل صيرورتها في الأول من حزيران القادم، تكتسب أهمية كبيرة في حياة الشعب العراقي ولدى حاملي همه الذين دعوا اليها مبكرا ضمن شروط، اذا أتخذت شكلها الصحيح ورافقـت عملية إجرائها، ستوفر مساحات واسعة من الديمقراطية، وتكون ذات مصداقية مقبولة من طرف ابناء الشعب، الذين سيشاركون فيها بزخم كبير, إذا ما إستعملت البطاقة البايومترية فحسب، وعلى اساس دوائر متعددة. فبدون ذلك تصبح ضربا من الخيال، لكون الأحزاب المتمسكة بالسلطة وبنهج المحاصصة المقيت، لا يعجبها إجراءاها بالشروط التي ستبعدهم عن تزويرها، كما هو حال الإنتخابات السابقة التي حظيت بمشاركة طفيفة من قبل الجماهير
لقد بدأت الأحزاب المتحاصصة مبكرا بوضع العصا في دولاب مسار الإنتخاب المبكرة خشية إهتزاز عروشها بعد جراءها، بداءنها بمعارضة الإشراف الدولي الذي إشترطه المنتفضين عليها، وإنتهاء بعرقلة التصويت على تعدد الدوائر الإنتخابية، لتغطية ما سيصيبها من فشل وخذلان في فقدان ما تخطط له من مقاعد( تحصل عليها بالتزوير )، بإستعمال المال السياسي، وغيره من الوسائل التي بواسطتها أوصلن الوطن لحافة الهاوية خلال 17 عاما من التأخر الحضاري وعدم مواكبة التطور الذي حصل في العالم
كان من المفروض عند الأعلان عن موعد إجراءها أن يبادر مجلس النواب،( بإعتباره ممثلا للشعب !!) على إقرار قانون الأنتخابات، و إستكمال عضوية المحكمة الدستورية بالأضافة لتعديل الدستور وتخليصة من المواد ذات الصبغ الخاملة لقنابل موقوته، ويكون واضح المفاهيم، كما طالبت الجماهير الشعبية ومريدي الإنتخابات الديمقراطية قبل عقود، فبالإضافة إلى كونها سنرسم الشكل الذي سيضع العراق على ميناء الأمن والأستقرار وتعزبز سيادته الوطنية التي فقدها لعقود، منذ تسلط البعث الصدامي على رقاب العراقيين، وتسليم العملية السياسية والديمقراطية التي جاءت بعد إحتلال العراق في عام 2003 الى الأحزاب الإسلامية والإثنية، وتبنيهم نهج المحاصصة المقيت، الذي به سهلوا فتح الابواب امام تدخلات دول الجوار خصوصا إيران وتركي, فحولت وإياهما الشعب العراقي إلى العيش على ما تصدره لنا من أنتاجهما الزراعي والصناعي، بعد أن وُضعت العراقيل أمام تنميته صناعته وزراعته كحجب المياه عنه في أجواء صمت الأحزاب المتحاصصة، وعدم إعادة وتطوير عجلة المصانع التي توقفت بالحصار ودك مواقعها من قبل قوات الإحتلال عمدا، مما أدى إلى إعاقة التنمية الأقتصادية والإجتماعية.
فطبيعة سلوك مريدي المحاصصة السياسية قد عززت فقدان ثقة الجماهير بالحكومات التي واصلت التحاصص، فكانت وراء مطالباتها بالتغيير والإصلاح عبر تظاهراتها التي عبرت عن طموح الجماهير الشعبية، ومسقطة في الوقت تفسه، قناع الوطنية الزائف وزيف تدينهم الذي خدعوا به بسطاء الناس، وكشفت صورتهم الحقيقية وخاصة عند شدهم الأحزمة في بهرجة المواكب الحسينية التي أخذت طابعا وقتيا ولمرة واحدة. عندها أدركت الجماهير الشعبية إستحالت تحقيق المطاليب بالتغيير واﻷصلاح لأن الأحزاب المتحاصصة قد تمسكت بالمواقع القيادية في الحكم الذي شمل كافة مرافق الدولة الإدارية والأمنية، وعبرها إستطاعت بناء أسس دولة عميقة يقودها حيتان فساد تحميها ميليشيات مسلحة بذلت كل ما من شأنه إعاقة سيطرتها في مرافق الدولة، فالاحزاب الإسلامية بمختلف طوائفها لا يهمها سوى ربط الحكم بالدين وبمذاهبهم، وبالتالي القضاء على كل من يتطلع فتح ملفات فسادهم العديدة والتي لم تمس ليومنا هذ ارغم مطالبة الجماهير الشعبية بفتحها. حيث وقف وراءها عدم توفر القدرة اللازمة للجم تحرك السلاح المنفلت، وحصره بيد الحكومة، والتردد في ملاحقة مرتكبي الجرائم وبسط سلطة القانون، وتكوين ظروف مناسبة يعيش فيها شعبنا بأمن وإستقرار، وهو مطمئن على مستقبل أجياله

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here