الترجمة الأدبية … بين التحديات والمعالجة

الترجمة الأدبية … بين التحديات والمعالجة
ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد – البصرة
تأليف: بيث وورثي Beth Worthy
تعني الترجمة الأدبية بترجمة الأعمال النثرية مثل الروايات والقصص والمقالات وغيرها وكذلك الشعر الى اللغات الأخرى.
ماأهمية الترجمة الأدبية؟
تهتم الترجمة الأدبية بتقديم آراء مؤلف ما وأفكاره الى متلقين جدد ، كما أن الأعمال الأدبية المترجمة مثل حكايات هوميروسHomer الكلاسيكية تفتح للقراء أطلالة على التاريخ والفلسفة والسياسة وغيرها من المجالات. ثم أن الترجمات الحديثة تعين القراء على تقييم نمط الحياة في مختلف الثقافات والبلدان من خلال توسيع معارفهم وخبراتهم حول تلك الثقافات.
تحديات الترجمة الأدبية وطرق مواجهتها
تعتبر الترجمة الأدبية واحدة من أكثر أنواع الترجمة تحديا للمترجم ، فالمترجمون الذين يتعاطون مع أنواع الترجمة الأخرى مثل الترجمة الطبية على سبيل المثال يستوجب عليهم الأهتمام بأنجاز ترجمة حرفية مكافئة ، أما في الترجمة الأدبية فلابد من الأبتعاد عن الترجمة المباشرة. في أدناه بعض التحديات التي يتعين على مترجمي الأدب التعامل معها:
1. التفنن الأبداعي في التعامل مع المفردات
تضم الأعمال الأدبية نصوصا أبداعية نسجها مؤلفوها بجمالية متقنة بهدف التعاطي مع فئة معينة من الجمهور. وهذه الفئة المتميزة من المتلقين تفهم مثل هذا التلاعب اللفظي بالمفردات والتعبيرات التي يلجأ اليها المؤلف لطرح مختلف المواضيع والأفكار. من هنا يتعين على مترجمي الأعمال الأدبية أن يدركوا تماما ضرورة عدم عرقلة التدفق الأبداعي للآراء والأفكار. وهذه مشكلة لابد لمترجمي الأدب من مواجهتها والتغلب عليها من خلال أستخدام المفردات التفسيرية والتقريبية والأبداعية التي تبلور المعنى المقصود باللغة الأخرى مع مراعاة رؤية المؤلف الأصلي.
ولأن سائر اللغات تتباين في مابينها فأن مترجمي الأدب لابد أن يتحلوا بالنظرة الأبداعية المتميزة التي تعينهم على التعاطي مع أي غموض أو سجع أو تعبير أصطلاحي في الأعمال الأدبية المترجمة.
2. أسلوب المؤلف الأصلي وحالته النفسية والشعورية
في الوقت الذي تتسم فيه ترجمة الوثائق والمستندات التجارية بالدقة المتناهية وأضفاء الصبغة المحلية فأن الترجمة الأدبية تتخطى هذا الأمر الى المستوى اللاحق ، فمترجمو الأدب في حاجة الى ألمام عميق بالمواضيع التي يتناولها الكاتب والمستمدة من خبرته. ولابد أن يتأكد أولئك المترجمون من أن ترجماتهم لاتبتعد عن مزاج المؤلف وحالته الشعورية ناهيك عن أن الأعمال الأدبية ، عموما ، تتسم بأستخدام التعبيرات الأدبية التي تثير المشاعر وتحفز على فهم الأفكار ، وهذا يحتم على الترجمات الأدبية أهمية المحافظة على التعبيرات المميزة للكاتب وأسلوبه في الكتابة.
ولكي يضمن مترجمو الأدب النقل الأمين لمزاج المؤلف وحالته الشعورية في ترجماتهم فأنه يتعين عليهم أن يعرفوا المزيد عن ذلك المؤلف. وهم بذلك ربما يسعون لأجراء مقابلة معه لكي يفهموا دوافعه وخلفيته الأجتماعية أو خبراته الحياتية التي تساهم في صياغة أسلوبه الأدبي المميز له. وفي حال تعذر الوصول الى المؤلف المعني عندئذ يتعين على المترجمين أن يقرأوا الأعمال التي نشرها ليتسنى لهم فهم أسلوبه في الكتابة.
3. التعبيرات ذات الصلة بالثقافة
لاشك أن الأعمال الأدبية تستهدف طائفة محددة من القراء. والمؤلف من جانبه يستخدم تعبيرات ثقافية وكذلك تعبيرات يومية مألوفة يفهمها الجمهور. أن استخدام التعبيرات الثقافية ، وأن كانت بسيطة في لغة الجمهور المستهدف ، يمكن أن تشكل تحديات جدية لمترجمي الأدب. فعلى سبيل المثال : (يمثل دون جوان شخصية خيالية سيئة السمعة في “أسطورة دون جوان” The Legend of Don Juan. وهذه الشخصية المعروفة بأغراء النساء تنمو بشكل يفوق الحياة وأن أسمه يجسد شخصية الرجل الفاسق). فلدى ترجمة (أسطورة دون جوان) يتعين على المترجم أن يتخذ قرارا أما في ترجمة الأسم نفسه دون تغيير أو يلجأ الى أستخدام أسم مكافيء يمكن لجمهور المتلقين في اللغة الهدف أن يتقبله.
والترجمات الأدبية ربما تبدو مجردة من المعنى للقراء الذين لايفهمون أنماط السلوك أو ثقافة الشعب الذي يتحدث اللغة الأم التي أختارها المؤلف ، لذا لابد أن يعمد المترجمون في بعض الأحيان ألى تعديل الشخصيات أو التعبيرات المستخدمة في الأعمال الأدبية أو تغييرها أو تطويعها لتتماشى مع ثقافة اللغة الهدف وأنماط السلوك التي تنعكس في اللغة ذاتها.
4. اللهجات واللغة العامية
أن استخدام اللغة العامية واللهجات في القصائد الشعرية والمقالات وغيرها من الأعمال النثرية ربما تشكل تحديات للمترجمين سيما أذا أخذنا في الحسبان وجوب ترجمة مثل تلك التعبيرات للحفاظ على اسلوب الحديث الذي يميز الشخصية ذات الصلة وكذلك تعبيراتها الثقافية.
ويحتاج المترجمون الى فهم معمق لأستخدام المفردات في كل من اللغة الأصلية واللغة الهدف ليتمكنوا من ترجمة اللهجات واللغة الدارجة بأمانة وأتقان. وفي معظم الحالات فأن ترجمة مثل تلك الأعمال النثرية حرفيا (كلمة بكلمة) لن يفضي الى المعنى المقبول. من هنا فأن الشخص ثنائي اللغة لايمتلك الأهلية الكافية ليكون مترجما أدبيا بارزا. لذا فأن الأطلاع الكبير على كل من لغة المؤلف واللغة الهدف يمثل الطريقة المضمونة الوحيدة التي تعكس الأعمال المترجمة وفق المعنى الذي يقصده المؤلف مع أمكانية فهم الجمهور له.
وربما يجد المترجمون أنفسهم في حاجة للقيام بعملية بحث لاتقتصر على اللغة التي كتب بها المؤلف أعماله الأدبية فحسب أنما تمتد الى ثقافة تلك اللغة لضمان فهم أفضل لسياقات اللهجات أو المفردات العامية المستخدمة في الأعمال الأدبية أومعانيها. لذا لابد أن يدرك المترجمون التعبيرات اللغوية التي لن يؤدي أستخدامها الى أحداث تغيير في المعنى الذي أستخدمه المؤلف في النص الأصلي.
أن التعقيدات التي تميز محتوى الترجمة الأدبية تقتضي مهارات لغوية محددة. وأذا أستندنا الى هدف محتوى النص الأصلي وسياقه فأن أختيار المفردات المناسبة أمر حاسم لنقل أفكار المؤلف الأصلي الى الجمهور الجديد.

https://www.gmrtranscription.com/blog/literary-translation-challenges

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here