حوارات أرباب العصر

حوارات أرباب العصر
مريب قولك يا هيوم العصر أراك تعتصر حبة جوز هند بكلتا يديك، غير أن العقل يقول لا يمكن عصرها بل يجب كسرها لشرب ما فيها… إلا أنك تريد الأتيان ببرهان يوهم العقل بإستدلال ضعيف، مالك والدين والربوبية فنحن في زمن كثرت الصنمية كأرباب إضافة الترهات التي يدعو إليها امثالك… أصحيح قولي؟
غالبا ما يجالسه من يرتاد ذلك المكان الذي يعتمره أو يطوف حوله من يعلق… إن كان فعلا إله عظيم ورب اكوان لِمَ لم يبني له بيت من حجر الماس وعلى يد مخلوق خارق يفعل ما يؤمر، أم أن العقل يسبق المخيلة كما يراه لانج؟ عالمنا هذا سادته الأفكار المنحرفه، فبعد ان سيطرت العلمية التكنلوجية والحداثة تفوقت على نفسها والعقل، ذهبت تبحث عن الأقوى في المحيط من الموجودات فكان صاحب الوجود هو الذي يقع عليه الرهان فلابد من دحر نظرية الخالق الواحد المسيطر والمكون، رغم أن تلك العقول التي حملت بأفكار لقيطة نتيجة معاشرة الماسونية التي تبحث المجد الدنيوي المرافق للربوبية فشغف بلقب المسيطر هو من دفع الى تسنم هدم نظرية الإله الواحد والخالق فجاءت النظريات أن الإنسان أصله قرد وان الانسان اوجدته الطبيعة الدين افيون الشعوب، نظريات عديدة ولعل نظرية الإلحاد الابستيمولوجي التي تدعو الى إنكار وجود الله، النبوات والكهنوت (سدنة الكنيسة ـ رجال الإكليروس) إضافة الى إنكار البعث، وإنكار العالم الغيبي، ففي عالمنا الإسلامي الذي استخدمته الصهيونية عبارة فرق تسد هي التي بقرت بطن بقرة صالح رغم كثرة الدلائل التي طلبها الملحدين بأن تكون آية التعصب هي التي تطرح نفسها سيدة للموقف، فكلما زاد التعصب والغلو زاد الإلحاد… هذا هو الواقع الذي نعيش والذي يدفع به من هم خلف عجلة الهيمنة والسيطرة على العالم..
غريب امرك يا هذا… الحقيقة لا استطيع مجاراتك فأفكارك التي تطرحها تكاد تطرح نفسها على المجتمعات فنحن في كل يوم نمارس طقوس دُعينا إليها من خلال إرث عن آبائنا وأجدادنا فالصلاة والصيام والحج بمعنى العبادات التي ألزمنا ان نقوم بها وإلا هناك جهنم، فبرأيي رغم أن الاختيار ظاهر قائم إلا ان هناك قوى خفية تهيمن على جميع الإرادات فتدفع بنا الى الخوف والترهيب من العالم الآخر… حياتنا مشروطة بأعمال عبادة تامة لكونها حبل النجاة، كأن الخالق يدفع بنا الى هاوية أجتماعية في عالم مُغري يحيط بنا فيه النفاق والكذب الرياء والفساد السرقة النهب القتل الرغبة كلها معطيات تكاد تكون تحت اليد إذا ما أردته، فقط اطلب عون الشيطان الذي يرحب بك ويدلك على الطريق ثم يتخلى عنك حسب الرهان بينه وبين الخالق… بات عقلنا لا يستوعب أن تفعل سكون عذابك الحاقة او الويل او جهنم او … مسميات جميعها مرتبطة كطائر في أعناقنا إذن اي هي مساحة الاختيار إذا ألغيت المشيئة وكانت للخالق الأزلي الوجود.. غير أني يا هذا برغم جنح عقلي الباطن بعيدا إلا انه يقودني الى نقطة البداية لأية ارددها كونها المفصل في رأي في نشأةة الخلق حيث تقول::
( ما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) إذن الغاية هي العبادة والمخلون البشري هو الذي حاد واراد لنفسة ان يكون ربا او إلها أو حسب نفسه خليفة حسب الآية ( إني جاعل في الأرض خليفة ) الجعل كان قبل ان يقوله للملائكة التي تنبأت بإرادة الخالق اتخلق فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء…وهذا يقودني الى القول: سفك الدماء هو البداية لذا كانت القرابين تقبل من البعض وترفض من البعض الآخر، فقابيل وهابيل وقربانهما خير دليل…
أراك يا سيدي العزيز لست بعيدا عن الإدارك الحسي لما اعنيه إن عالمنا تداخلت الافكار الغربية والشرقية وغيرها كما تتداخل الاديان فيما بعضها فجميع ارباب الاديان لهم القدرة على العطاء والشفاء والدفع بالبلاء لكن آلية العبادة طقس او طقوس تمارس بحرية إلا الدين الإسلامي، فطقوسه والحريات في فن آلية العبادة فيه معقوفة التزمت التعنصر والتطرف باد بشكل لا يمكن تجاهله وهو الفتيل المشتعل دائما لا ينطفئ رغم ان هناك من الديانات التي لم تكن حتى في الجاهلية لا يتعب رجل الدين المسلم نفسه من الدعوة الى تغييرها لكن هناك طائفتان وربما ثلاث هي من امسكت اقطاب التطرف السنة والشيعة والمسيحية… رحى تطحن من آلاف السنون ولم تخلف سوى الغلظة والإرهاب مع أن الإرهاب الحقيقة الذي يجب محاربته هو النفس البشرية ذات الغل والملغمة بِالافكار التي أوجدت الإلحاد… كما لا تنسى أن لكل شيء غاية وهذا ما تقوله نظرية الغائية اليس كذلك؟ كل ما وجد على الارض او في السماء وما بينهما هو موجود لغاية ولعل هيوم عندما يطرح تساؤله كيف نبرر تلك الكوارث والبلاءات والاحداث التي تقع والشر المقيم في ظل وجود إله عادل غير ظالم فهو يراها تنافي صفات الإلهوية لهذا كانت قدرته متناهية فلم تقع او يسمع بتلك الكوارث والشرور ان تقع بإمكان بقدرته ان يمحقها ولا يجعل لها وجود أصلا.. وهذا يدعونا للقول إما ليس له قدرة على منعها او أنه إله عطوف عادل لا يقدر على منع الشرور… الكثير من الافكار المادية مثلا يوعز تلك الاحداث الى العوامل الطبيعية كالكوارث ومن مثلها أما الشرور فهي تتبع النشأة والخلق وتأثير البيئة او المجتمه اي بعبارة أخرى مكتسبة وهذا ما لا اقبله لأن الإنسان يولد بطبيعة واحدة قد يكون الخير والشر متكافيء لكن التغذية في الوضع الاجتماعي والفارق بين الازمان والطبقية هي من تطعم الشر ليكون متوارثا وهذا واقع أزلي فالسلطان لا ينجب إلا اميرة او أمير سلطان يورث والفقير لا ينجب سوى فلاح او غفير ربما توجد طفرات لكنها قطرة في محيط… لذا تجد كل البشر الفقراء والضعفاء والمهمشين هم الجنود الى رحى الحروب وهيلمان السلطان حتى الدين جاء للفقراء وليس للأغنياء ومع ذلك السخط والعقاب يكون نصيب الفقراء في هذا العالم الارضي وحتى الذي سيبعث إليه…
لا ادري يا هذا… ارى الكثير من قولك فية وجه حقيقة لكني ابقي لنفسي مساحة من اللجوء عن الضرر الى الخالق الله الذي لا حول ولا قوة إلا به… نعم هناك وجوه من الحقيقة فيما تطرح لكن تبقى الحقيقة الساطعة أننا مهما انحرفنا فلا مناص أو خلاص من الخوف والعاقبة فمن يؤمن بالمبعث الآخر لابد له أن يخاف إيمانا بأن هناك حياة أخرى غير التي على سطح الأرض … فليكن ما تؤمن به وليكن ما أؤمن به ستبقى رحى الحقيقة هي من تحول جلمود افكارك الى حبات رمل يسفها البعض الى زمن ومن ثم يعود الى خط البداية الحقيقة لكن بعد فوات الآوان.
القاص والكاتب
عبد الجبار الحمدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here