حقيقة الأنسان ألسّويّ

حقيقة الأنسان ألسّويّ:

مرّ عليّ(ع) بطريقه في سوق الكوفة و كان وقتها رئيسا لـ 12 دولة ضمن الأمبراطورية الأسلامية, فلحقه رجل كان يصيح (أنا مظلوم), فمسك عليّ(ع) يده و قال له دعني أشاركك الرأي فأنا مثلك مظلوم و الله, و بدأآ يصيحان معاً في شوارع العاصمة الأسلامية[أنا مظلوم]!

و كان أيام خلافته في الكوفة .. كثيراً ما يجلس في دكان بقال ألصّحابي ألجليل (ميثم التّمار), إذ كان البقال تلميذه و صديقه أيضاً، و كان الخليفة عليّ بن أبي طالب(ع) يبيع التّمر مكانه إذا غاب!

مرّ الأمام(ع) أيضاً من أمام دار بآلكوفة .. فسمع صوت أمرأة تعتب و تسّب الإمام(أيّ عليّ) مدّعية بأنّ الخليفة الأمام عليّ(ع) قد تسبّب في قتل زوجها في الحرب, و بقيت بلا معيل لتربية أولادها؛ فطرق الباب و قال لها: إسمحي لي إما أن أُلاعب أطفالك لتخبزين أو العكس أخبز أنا و تُلاعبين الأطفال؟ فقالت: بل أخبز أنا و تكفل بالأطفال, ففعل(ع) حتى أنتهت!

و يقول أمير المؤمنين (ع) : [وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلًا – وهو أخ الأمام عليّ – وَ قَدْ أَمْلَقَ ، حَتَّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً، وَ رَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ غُبْرَ الْأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ ، كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ ، وَ عَاوَدَنِي مُؤَكِّداً وَ كَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً ، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمْعِي، فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي ، وَ أَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقَتِي ، فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً ، ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا ، فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا ، وَ كَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا. فَقُلْتُ لَهُ : ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ يَا عَقِيلُ ، أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ ، وَ تَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ ، أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَ لَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى].

و قال أمير المؤمنين (ع) : [وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَةٍ فِي وِعَائِهَا ، وَ مَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا ، كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِرِيقِ حَيَّةٍ أَوْ قَيْئِهَا .
فَقُلْتُ : (أَ صِلَةٌ ، أَمْ زَكَاةٌ ، أَمْ صَدَقَةٌ ؟ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ)!
فَقَالَ : لَا ذَا ، وَ لَا ذَاكَ ، وَ لَكِنَّهَا هَدِيَّةٌ .
فَقُلْتُ : (هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ ، أَ عَنْ دِينِ اللَّهِ أَتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي ، أَ مُخْتَبِطٌ أَنْتَ ، أَمْ ذُو جِنَّةٍ ، أَمْ تَهْجُرُ! وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا ، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ ، وَ إِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا !
مَا لِعَلِيٍّ وَ لِنَعِيمٍ يَفْنَى وَ لَذَّةٍ لَا تَبْقَى ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ وَ قُبْحِ الزَّلَلِ ، وَ بِهِ نَسْتَعِينُ) ](1)

و أخيراً .. يقول الإمام الصادق (ع) : [ما مِنْ رجل تكبّر أو تجبّر الا لذلةٍ وجدها في نفسه]، و هذا قولٌ مُجرّب له مصاديق .. بل صدق على الكثيرين ممن نعرفهم, خصوصاً حُكّام الدّول و الوزراء و الأمراء و المدراء ألذين تميّزوا عن الناس بكلّ شيئ حتى المظهر و آللباس و الرواتب و الأمكانات و الحمايات و القصور و البيوت, و المصيبة أن بعضهم يحسب نفسه من الشيعة المواليين و يُحبّ عليّ بن أبي طالب و يزوره بلا حياء, و قد وصفتهم الآية الشريفة خير وصف بكونهم من المنافقين و مصداقهم المُتحاصصون, بقوله تعالى:
[يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَ مَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَ مَا يَشْعُرُونَ ](2).

ألعامري كان الأمل و صار جزء من الفتن!
لقد علّمتك غير هذا النهج الذي بدا منك!
ألعارف ألحكيم / عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة : 346 ، طبعة صبحي الصالح .
(2) سورة البقرة / آية 9.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here