إشعال الحرائق أسلوب فاشي في مصادرة حقوق الإنسان وكتم الأفواه!

كاظم حبيب
إشعال الحرائق أسلوب فاشي في مصادرة حقوق الإنسان وكتم الأفواه!
تضمن الدستور العراقي، بالرغم ن نواقصه وكونه حمال أوجه، نصوصاً مهمة تضمن للمواطن والمواطنة الحق في إبداx الرأيK بغض النظر عن مدى صواب أو خطأ هذا الرأي، أو عن مدى رفض أو رفضك أو تأييدي وتأييدك لهذا الرأي الذي صرح به هذا المواطنة أو المواطنة. فالدستور يكفل هذا الحق بشكل مطلق. ولكنه يمنح من يختلف مع هذا الرأي ويجد في التصريح الذي أطلقه أحد الأشخاص إساءة له أو للدولة أو لمنظمة أو حزب أو شعب أن يرفع دعوى قضائية لمقاضاة صاحب التصريح، دون أن يمتلك الحق أو أن يسمح لنفسه بممارسة دور القاضي لتنفيذ عمل يعتبر بحد ذاته ممارسة خاطئة ومخالفة دستورية صريحة وتجاوز على القوانين المعمول بها، أو حتى اعتبارها ارتكاب جريمة.
يمر عراق اليوم حالياً بفترة عصيبة حيث فقدت الدولة قدرتها الكلية في السيطرة على أفعال مجموعات من الناس أعضاء في الميليشيات المسلحة، حيث ترتكب شتى التجاوزات على حقوق الإنسان وعلى الشرعية الدستورية بما في ذلك الخطف والتغييب والتعذيب والقتل. وعجزت السلطة التنفيذية، رغم الوعود والقسم الذي أطلقه رئيس الوزراء بملاحقة القتلة، وكذلك القضاء العراقي عن تنفيذ أي إجراء لوضع حد لمثل هذه التجاوزات الفظة، كما أن اللجان التي شكلها سوف لن تنتهي إلى قرارات واضحة أو حتى إذا توصلت فأنها ستوضع في أدراج مغلقة لا ترى النور في ظل سيادة الدولة العميقة في البلاد. ورئيس الوزراء وحكومته يرى كل ذلك ولا يجرأ على مواجهة منفذي تلك الأفعال أو من يقف خلفهم في داخل العراق وخارجه. إنها منحة العراق وشعبه في الطغم التي تحكم العراق.
في الأشهر الأخيرة تم ارتكاب جريمتين لا يمكن ولا يجوز السكوت عنهما من جانب مجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب والسلطة التنفيذية، بغض النظر عن مدى الفعل الذي أغاض من مارس هاتين الجريمتين. ففي 31 آب/أغسطس 2020 قامت جمهرة غاضبة بإشعال الحرائق في مكتب قناة دجلة الفضائية في بغداد، والتي مقرها الرئيس في عمان/الأردن احتجاجا على بث إحدى قنوات مؤسسة دجلة أغاني في ليلة عاشوراء، الذي اعتبره الغاضبون عدم احترام مشاعر الناس لذلك اليوم الحزين عند أهل العراق عموماً والشيعة خصوصاً، رغم أن تلك القناة لا تبث للعراق وحده بل لكل العالم العربي أولاً، ولكل الناطقين بالعربية في العالم ثانياً، ورغم أن إدارة القناة قدمت اعتذاراً رسمياً وحاسبت المنفذ لتلك الفقرة. وكان المفروض في الغاضبين أن يأخذوا كل ذلك بنظر الاعتبار، إذ لا يحق لهم ولا لغيرهم القيام بدور القاضي وتنفيذ إجراء إشعال الحرائق وتدمير كل ما هو موجود في مكتب قناة دجلة، إذ يعتبر هذا العمل تجاوزاً فظاً على الدستور العراقي والقوانين المرعية واستهتاراً بالدولة العراقية وهيبتها ودورها، لاسيما القضاء العراقي. إنها جريمة بلا جدال. إذ كان المفروض في المجموعة الغاضبة تقديم دعوى قضائية ضد قناة دجلة ومقاضاتها أمام المحاكم العراقية، إن كان الدستور العراقي يسمح بذلك. والغريب بالأمر كله أن المسألة مرت دون أن يتخذ القضاء العراقي أو مجلس النواب ولا حتى الحكومة العراقية إجراءات رادعة ضد تلك الجهة المعلومة التي نفذت الهجوم وأشعلت الحرائق في مكتب قناة دجلة في بغداد. إن هذا الموقف الجبان والمخالف للدستور العراقي قد شجع دون أدنى ريب ارتكاب جريمة مماثلة أخرى ضد مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد بسبب تصريحات أدلى بها هوشيار زيباري لقناة الحرة حول الحشد الشعبي وموقف الحكومة منه ونقده لهذا الحشد. فقد قامت مجموعات من الحشد الشعبي بإشعال الحرائق بمقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد وتدمير ما فيه. دون أن تتخذ الحكومة العراقية والقضاء العراقي موقفاً مباشراً من التهديدات التي أطلقت قبل تنفيذ الحرائق. والذي كان يعني أنها لن تتدخل لمنع وقوع هذا الفعل الإجرامي. من حيث المبدأ لا يحق لهذه المجموعة من الناس أن تصدر قراراً وتنفذه بعيداً عن القضاء العراقي أولاً، كما لا يمكن اعتبار تصريح هوشيار زيباري معبراً عن رأي الحزب الديمقراطي الكردستاني وقيادته ثانياً، وبالتالي لا يجوز مقاضاة الحزب لأن عضواً قيادياً فيه أدلى بتصريح اغضب مجموعة من الناس أعضاء في الحشد الشعبي ثالثاً، وأخيراً لا يحق للحشد الشعبي أو أي ميليشيا عضوة في الحشد أن تقوم بمثل هذا الفعل الإجرامي لأنه مخالفة صريحة للدستور العراقي ولحق الفرد في توجيه النقد أو الادلاء برأيه بأي شأن من شؤون العراق ومؤسساته، بما فيها القوات العسكرية والحشد الشعبي. فالحشد الشعبي ليس مقدساً، رغم وجود قوى قدمت تضحيات غالية بمشاركتها في تحرير محافظة نينوى، ولكن فيه ميليشيات ذات نهج غير ديمقراطي وتمارس نهجاً مناهضاً فرادة الشعب واستقلال البلاد.
إن من واجب السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والقضاء العراقي اتخاذ الموقف السليم إزاء هذه الأفعال التي تشيع الفوضى وعدم استقرار وتشجع عليهما، وتؤكد غياب دور الدولة بسلطاتها الثلاث وفقدان ما تبقى من هيبة دولة عبر مثل هذه الأفعال. لا بد من اتخاذ إجراء عادل وعاجل ضد من مارس أو دفع لتنفيذ مثل هذا الفعل، سواء أكان في العراق أم في الخارج. إن من تابع الإعلام الإيراني سيجد دوره البارز في التشجيع على ارتكاب مثل هذه الجريمة في بغداد، إذ أن القيادة الإيرانية وإعلامها اعتبروا التصريح ضد الحشد الشعبي تجاوزاً على مؤسساتهم والتنظيمات العسكرية أو شيه العسكرية العائدة لهم التي ترعاها إيران في العراق، ومنها ميليشيات في الحشد الشعبي، أو الحشد الشعبي كله!!!

، ع بهؤلاء الناس إلى إشعار الحرائق بالمكاتب وتدمير ما فيها يعتبر تجاوزا فظاً على الدستور العراقي والقوانين المرعية وجريمة يفترض محاسبة مرتكبيها والدافعين إليها، والذي لم يحصل حتى الآن.
إن عدم محاسبة الجهة التي نفذت الهجوم على مكاتب قناة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here