التقدم والتخلف (1) و(2)

التقدم والتخلف(1)و(2 )، الدكتور صالح الورداني
————
لماذا تقدم المسلمون بينما كانت أوربا تعيش في الظلمات؟
ولماذا تقدمت أوربا بعد ذلك وتخلف المسلمون؟
والجواب هو أن الأوربيين استردوا أنفسهم وشخصيتهم..
وقرروا التحرر من الأفكار والمعتقدات البالية التي فرضتها عليهم الكنيسة..
وكانت البداية هى الثورة على الكنيسة..
ومن هنا برزت فكرة العلمانية..
وكانت الخطوة الثانية هى استثمار تراث المسلمين وثرواتهم أيضاً..
والالتزام بالعمل والنظام والبحث العلمي الجاد..
ومن هنا بدأ التقدم الصناعي..
وهذا التقدم لم يأخذ الدين في طريقه بل احتفظ الأوربيون بالمسيحية ولم يرتدوا عنها بل حصروها في دائرة الكنيسة..
أما المسلمون فقد سرقت عقولهم وذهبت شخصيتهم..
وقلدوا الاوربيين في كل شئ..
وحصروا الدين في دائرة المساجد..
ورغم ذلك لم ينهضوا ولم يتقدموا..
ولكي ينهضوا يجب أن يحدثوا ثورة كثورة الأوربيين وينبذوا المذاهب التي حلت محل الدين ويحجموها ويطلقوا العنان للعقل والعلم..
ويتحرروا من عقل الماضي ويطووا راية المحرمات والمحظورات التي اخترعتها المذاهب..
إن اختفاء حقيقة الدين وأهدافه وحلول المذاهب والمعتقدات البالية مكانه هو سر تخلف المسلمين وانحطاطهم..؟
وإن قلنا بغير هذا فسوف نتهم الإسلام..
ونشكك في حكمة الله وعدله..
إذ من غير المقبول أن يرسل الله رسالة تتخلف بالناس وتحول دون نهوضهم وتقدمهم..
وتجعل الكفار والمشركين يعلون عليهم ويستضعفونهم..
من هنا نحن بين أمرين :
إما أن نقر بفشل ما في أيدينا من المذاهب والمعتقدات البالية..
أو نقر بصحة نهج ومعتقد من تقدم ونهض من غير المسلمين..
وإذا أقررنا بالأمر الأول فقد عدنا إلى رشدنا وصنا الإسلام وسلكنا سبيل النهوض والتقدم..
وإذا تعصبنا لهذه المذاهب والمعتقدات فقد اتهمنا الإسلام وفتحنا الأبواب على مصارعها لخصومه للطعن فيه والنيل منه..
وبقينا على حالنا من التخلف والانحطاط..
وهو ما يقود للإقرار بصحة الأمر الثاني..
قال سبحانه (كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً)
ولو كنا قد فهمنا هذا النص القرآني لتقدمنا..
إن التقدم إنما يقوم على الأسباب المادية أو الرزق بمفهومه الشامل..
وهو ليس حكراً على المسلمين..
والله سبحانه قد رزق غير المسلمين بالعلم والفهم والابتكار لكونهم أخذوا بالأسباب وسعوا في الأرض..
أما المسلمون فقد تعصبوا للماضي ورفضوا الانفتاح على الحاضر وغرقوا في السفاهات..
والخلاصة لكي ننهض نحن بحاجة إلى ثورة على المفاهيم المغلوطة التي وطنتها المذاهب..
وعلى رأسها مفهوم العلم ومفهوم الرزق ومفهوم الدين والتدين..

التقدم والتخلف (2)
———–
من الحقائق المؤكدة أن المعرفة هى أساس النهوض والتقدم..
والحقيقة الأخرى هى أننا نملك المعرفة..
والسؤال هنا : مادمنا نملك هذه المعرفة فلماذا لا نتقدم..؟
والجواب يكمن في عقولنا وساستنا وقدوتنا..
أما العقل المسلم المعاصر فقد استسلم لدجال العصر المتمثل في الإعلام المضلل..
واستسلم أيضاً للساسة الفاشلين والقدوات الزائفة..
وأصبح عقلاً تابعاً لا متبوعاً..
أما الساسة بأشكالهم وصورهم المختلفة من عسكر وحزبيين وعلمانيين ووارثين للحكم فهم لا يملكون العلم والخبرة، فضلاً عن كونهم من صناعة الغرب الصليبي المتربص بالإسلام والمسلمين..
وهم قد فرضوا على شعوبهم المعرفة الزائفة التي تجعل منهم تابعين جاهلين مضللين..
أما القدوة التي تتمثل في الفقهاء والنخب من المثقفين فهى تعيش في عزلة عن الواقع وتتجنب المعرفة خوفاً من تبعاتها..
وخوفاً من الساسة أيضاً..
ومن هنا نقول أن أسباب تخلفنا تكمن في عقولنا وساستنا وقدواتنا..
والخطوة الأولى نحو التقدم هى أن نسترد عقولنا ونحررها..
وبدون ذلك لا يمكن أن نحدث ثورة معرفية..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here