جسورك يابغداد الحزينة تزف أبناءها تباعا !

جسورك يابغداد الحزينة تزف أبناءها تباعا !

احمد الحاج

جريمة بشعة تفوق الخيال هزت اركان المجتمع العراقي برمته من اقصاه الى اقصاه تمثلت بإلقاء ام لطفليها الصغيرين من جسر الائمة انتقاما من طليقها بعد اكتسابها لحضانتهما ، حتى ان الجريمة النكراء تلك تصدرت ترند العراق على تويتر ،فضلا عن تصدرها النشرات الاخبارية العربية ، والكل يسأل “ترى لماذا انحدر المجتمع العراقي المحافظ اسوة بالعربي كل هذا الانحدار الصاروخي نحو الهاوية ؟” .
ولاشك ان إرتباط جسر الائمة بهكذا حوادث مؤلمة ليس جديدا عليه اذ سبقها مصرع واصابة اكثر من 1000 شخص غرقا في حادثة التدافع الشهيرة اعلى الجسر في آب من عام 2005 والتي اسفرت عن غرق اعداد كبيرة جدا بعد سقوطهم في نهر دجلة من اعلى الجسر القديم والصغير نسبيا على وفق المقاسات العمرانية والهندسية الحديثة للجسور حول العالم ، يومها برز اسم الشهيد عثمان العبيدي رحمه الله ، والذي كان قد اسهم بإنقاذ ستة اشخاص من الغرق ليغرق مع الضحية السابعة من شدة التعب والاجهاد ..ومازال العراقيون كلهم يذكرونه بخير ويترحمون عليه بل وصنعوا له تمثالا يتوسط منطقة الاعظمية حيث يسكنها !
في تموز من عام 2020 تم انقاذ شاب حاول الانتحار بإلقاء نفسه من جسر الائمة من قبل الشرطة النهرية ..في ايار 2020 انقذت الشرطة النهرية عشرينيا حاول الانتحار من جسر الائمة ..في آذار من عام 2019 تم انقاذ شاب حاول الانتحار من جسر الائمة ..في شباط من عام 2019 القت امرأة بطفليها في النهر من جسر الائمة ثم حاولت الانتحار بعدهما بالقفز في النهر وتم انقاذها مع احد طفليها البالغ من العمر 4 سنين فيما غرق الثاني الاصغر سنا ..في اذار من عام 2020 تم انقاذ فتاة حاولت الانتحار من جسر الائمة ..في آب من عام 2018 انقذ شاب في اللحظات الاخيرة بعد محاولته الانتحار من جسر الائمة ..وهكذا دواليك ، وفي تصوري ان اختيار جسر الائمة للانتحار ربما يعود في جانب منه الى ان سياج الجسر تم تصميمه بعلو منخفض ما يسهل القفز من فوقه اسوة ببعض جسور بغداد القديمة ، وربما لارتباطه بالشحن العاطفي اكثر من غيره من الجسور العراقية الاخرى في اللاوعي الجمعي ..اقول ربما …علما ان لكل جسر من جسور بغداد الـ 13 قصصا وحكايا اكبر من العد والحصر ، بعضها ارتبط بالثورات والوثبات والتظاهرات ( جسر الجمهورية ، الاحرار ، السنك ، الشهداء ، انموذجا ) والاخير سمي بهذا الاسم بعد ثورة 14 تموز وكان اسمه جسر المأمون ، لسقوط العديد من الشهداء والجرحى فوقه عام 1948 ابان العهد الملكي تنديدا بمعاهدة بورت سموث بعد تعرضهم للرصاص الحي ، وبعضها بالانتحارات ” الائمة والاحرار والجادرية انموذجا ” وبعضها بالتفجيرات ” الجسر الحديدي تم تفجيره بشاحنة مففخة عام 2007 ما اسفر عن مقتل واصابة 37 شخصا وسقوط العديد من العجلات في النهر !” كذلك ” الجسر المعلق الذي فجرته الطائرات الاميركية عام 1991لكونه يؤدي الى القصر الجمهوري ومرة على خلفية تفجير حدث عام 2003 وفيه نظم الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد رائعته ” على المعلق نلتقي ” يقول ببعض ابياتها: سقــطـتْ مـحاجُـــرهــم . وأنـــتَ معـلَّــــقُ ..وهـــوتْ خـنـاجـرُهم ، وجـرحُـك َ بيـرقُ !
اما عن جسر المثنى فهذا يغلق اكثر مما يفتح ولطالما سمعنا بإغلاقه لأغراض الصيانة ..بين الحين والاخر ..ومن المفارقات ان اغلب جسور بغداد تحن لمساجدها وغالبا ما تبدأ بجامع كبير من جهة الرصافة وتنتهي بأخر يوازيه في الكبر من جهة الكرخ ..جسر باب المعظم يبدأ بجامع الازبك وينتهي بجامع طه ..جسر الصرافية يبدأ بعادلة خاتون وينتهي بجامع براثا ..جسر الشهداء يبدأ بجامعي الاصفية عن يسار وجامع الوزير عن يمين وينتهي بجامع الحنان من جهة الكرخ ..جسر السنك يبدأ بجامع الخلاني من جهة الرصافة وينتهي بجامع الشاوي في الكرخ !
ومن الجدير ذكره انني وبينما كنت ابحث عن حادثة جسر الائمة الاخيرة حيث قتلت الام فلذت كبديها ظلما وعدوانا واغراقهما في النهر من اعلى الجسر واذا بي اعثر على مقال سابق لي ضمنته كاملا الدكتورة العمانية سعيدة بنت خاطر الفارس، المنشور في بوابة سلطنة عمان الاعلامية ضمن مقال لها بعنوان ” اللي عمره ما تبخر ” وهي تتحدث عن هموم الوطن العربي وشعوبه قائلة في سياق مقالها الاتي :
ولنصل لعمق المشكلة أضع يدي على مقال كتبه كاتب عراقي اسمه أحمد الحاج، عبر نسخة ورقية تسمى (صوت العراق) ويحمل المقال عنوان( حين يكون المسؤول باشا حقيقي تنحل العقد) يقول فيه : ( في عام 1957م، أزيل الجسر العائم الذي يربط الأعظمية بالكاظمية وتم بناء جسر قوي شبيه بجسر الأحرار من حيث التصميم الشبيه بدوره بجسر باترسي في لندن، وبعد الانتهاء من بناء الجسر أراد أهالي الأعظمية – وهم سنة – تسميته باسم الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، فيما أراد أهالي منطقة الكاظمية – وهم شيعة – تسميته باسم الإمام الكاظم، ووصل الأمر إلى – ثعلب السياسة العراقية – بلا منازع، نوري باشا السعيد، فقالوا له كيف الحل باشا؟ أطرق رأسه مليًا ثم قال ” بسيطة نسميه جسر الأئمة وتنحل المشكلة” فكان له ما أراد بكل ودٍّ واحترام وسط بهجة وفرح الجانبين، المعاظمة والكواظمة حفظهم الله من كل سوء ومكروه، لا بوكسات، لا دفرات، لا هاونات، لا مسدسات، لا قناصات، لا رمانات، لاهتافات، لا استفزازات، لا تظاهرات لا ميليشيات، لا قاذفات، لا بي كي سيات..لا صحافة تؤجج الفتن ليل نهار، لا عمائم تنبش الماضي وتؤلب القلوب على بعض، لا ساسة يلعبون على الحبلين من أجل مصالحهم ومصالحهم فقط ” كلمتان حلتا المشكلة (جسر الأئمة) وبس والنتيجة حبايب بهدف لكل منهما، حقاً إن ‏العراق اليوم بحاجة ماسة إلى قادة أذكياء، أوفياء، أمناء على شاكلة – أبو صباح – الباشا نوري السعيد الذي شغل منصب رئاسة الوزراء في المملكة العراقية 14 مرة بين 1930 – 1958 والذي قتل فيما بعد بعيد قيام ثورة 14 تموز، ولم يترك لأهله مالاً أو تركة فيما خصص لزوجته مبلغ قليل بالكاد يكفي لسد رمقها، بالمقابل لو توهمنا وعلى سبيل الفرض أن بناء الجسر كان في يومنا هذا ونشب الخلاف بين الجانبين- الكواظمة والمعاظمة – لتسميته ترى كيف سيتصرف من أثروا على حساب الشعب انطلاقاً من ديماغوجيتهم المعروفة – إرضاء للجمهور التابع لهم شكلياً لضمان تأييدهم في الانتخابات فضلاً عن المهاترات والخصومات التي يخوضونها ضد بعضهم البعض على مدار الساعة – ؟! لاشك أن التصريحات النارية والطائفية ستملأ صفحات الجرائد والفضائيات والإذاعات مشفوعة بنبش الماضي القريب والبعيد، وتجيير منابر الجمعة لحساب هذا الطرف أو ذاك، وانتشار الميليشيات المسلحة وارتفاع وتيرة الاغتيالات والاختطاف متأثرة بالشحن الإعلامي من كلا الجانبين، رحم الله الباشا وأيامه ).
ولرب سائل يسأل ، ترى ما هو الدافع وراء الجريمة البشعة..ما الذي يحدث..هل هذه المرأة هي أمهما فعلا ؟
وأقول إن أشد ما لفت انتباهي وأثار ريبتي هو كم الجرائم النكراء الوحشية وغير الطبيعية التي حدثت في زمن متقارب خلال اقل من شهر تقريبا في عموم الوطن العربي كلها أعقبت التطبيع مع الكيان الصهيوني المسخ وستحدث أمثالها قريبا ولا أشك في ذلك قيد أنملة من خلال قراءة مجريات الأحداث وإستشرافها ، وتحديدا في كل دولة لم تطبع مع الكيان أو أنها مطبعة ولكن على مستوى الحكومات من دون الشعوب وكأنها جرائم مبرمجة ومخطط لها بعناية لحرف البوصلة عن التطبيع وإشغال الرأي العام بها عن نقده ومهاجمته ” نحو جريمة فتاة المعادي،الشابة المصرية مريم ،التي سحلت حتى الموت، فهذه لم تكن جريمة عادية،كذلك جريمة الزرقاء في الاردن حيث قطعت يدا شاب وفقئت عينه بالقوة في جريمة لم تكن طبيعية بالمرة ، جريمة الفتاة الجزائرية التي أختطفت واغتصبت وقتلت وتم سكب البنزين على جسدها ومن ثم احراقها في جريمة وحشية لم تكن طبيعية بالمرة ، جريمة تونس حيث عثر على جثتين داخل شقة ، الاولى مشنوقة بحبل والثانية مقطعة الى اجزاء ، جريمة المغرب حيث تم اغتصاب وقتل الشابة رحمة لحمر، لتأتي جريمة الطفلة العراقية هاجر ابنة الـ 10 اعوام والتي أغتصبت وقتلت بطريقة بشعة للغاية ، ومن ثم جريمة اختطاف 12 مدنيا من منطقة الفرحاتية التابعة لمحافظة صلاح الدين واعدام 8 منهم بدم بارد ، بينهم مراهقون وذلك بعد ساعة واحدة من اختطافهم على يد قوة مسلحة يقال أنها مجهولة الهوية سبقها انتحار – أو قتل – مدير شركة دايو الكورية المسؤولة عن تنفيذ ميناء الفاو الكبير،المهندس بارك تجول هوبا ، ومن ثم واقعة جسر الائمة والقاء طفلين في النهر ، وكلها جرائم مروعة وغير مسبوقة بإمكانها شغل وسائل الاعلام العربية كلها دفعة واحدة وقد شغلتها عن الطعن في التطبيع والتركيع بالفعل ..فمن الذي له المصلحة في كل ما يجري وماهو الحل لكبح جماح الظاهرة قبل استفحالها اكثر واكثر في جمهوريات الخوف والموز والدول العميقة ؟ اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here