حادثة هزّت ألعرش مرّتين

حادثة هزّت ألعرش مرّتين:
في سورة الطلاق .. و هي السورة الفريدة التي أمرّ الله النبيّ(ص) مراعاة قوانين حساسة و حدّية و مصيرية مباشرة بلا نقاش و بلا مقدمات!
إبتداءاً يجب أن يعرف المفسرون و الأدباء و المراجع العظام بأنّ الخالق تعالى يعرف ما يضرّ و ما ينفع و ما يُحتمل من إنعكاسات من أعمال مخلوقه سواءا خيرا أو شراً .. لذلك فأن أوامره عزّ و جل قد وردت بصيغة الأمر تارة و بصيغة الأفضلية أو مجرّد الأشارة تارة أخرى, و جميعها سواءاً كانت أمراً أو تفضيلاً أو إشارة تدخل من باب الواجبات التي على العبد إطاعتها والوقوف و التأمل فيها, لأن تركها سيكون وبالاً و مدمراً و العمل بها يكون جنة و سعادة!
و من جملة الأحكام التي خصص لها الباري سورة كاملة مدعومة بكل آيات القرآن الكريم و كأنها تدور و تحمي آيات تلك السورة الفريدة و هي سورة الطلاق إلتي ضمّت مجمل القوانين الخاصة بآلعلاقات الاجتماعية و الأدب بين الزوجين كمنطلق لبناء البشرية, حيث بدأها بأصدار تلك الأحكام لاعزّ و أقرب و أحبب مخلوق في الوجود لله تعالى و هو نبيّنا الحبيب و كأنه يقول لنا ؛ يا عبادئ هذا الأمر هام و خطير و مصيري لهذا كلّفت بها أقرب و أحَبّ الناس لي و هو حبيبي محمد و أنتم من الطبيعي ألسير على هديه و آلحرص على تطبيقه لا محال إن كنتم تريد ون سعادة الدارين!

لقد بدأ إفتتاح السورة بأول آية في (الطلاق) مباشرة بأمره للرسول(ص) قائلاً:
(يا أيها النبي إذا طلّقتم النساء فطلّقوهن لعدّتهن و أحصوا العدّة و إتقوا الله ربكم لا تُخرجوهنّ من بيوتهن ولا يخرجن إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة و تلك حدود الله و من يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه, لا تدري لعل الله يحدث من بعد ذلك أمراً).

واضح أن الله تعالى قد كره و أبغض الطلاق لأنه و كما وصفها الحديث أبغض – على وزن أفعل – الحلال عند الله, لأنه الوحيد الذي يهزّ العرش .. أعوذ بآلله حين يهز عرش الرحمن بينما لو إجتمع جميع قوى الوجود و معادلاتها المغناطيسية و الكهربائية و الذرية و قوى الكائنات على أن تهز ذرة من العرش لعجزت .. بينما عملية تعتبر للأسف بسيطة جدا بين البشر خصوصا في العراق تهز العرش!!

و هكذا بقية الآيات تباعاً كلها ترمز بل و تصرح محذّرة بوضوح إلى حساسية و خطورة الأمر الذي لا قرين له في الوجود, مؤكداً على وجوب التعامل بآلمعروف و المحبة حتى لو تمّ الفراق و الطلاق و لا يحق لأي طرف أن يكشف عورة الطرف الآخر مهما كان فضيعاً, حتى لو تمّ الأفتراق الأبدي بينهما, و تلك حدود الله التي لم يعترف بها ليس العراقيين و العرب و حتى أكثر القوميات؛ بل و علماؤوهم أيضا الذين يفتون بغير علم طبقا لهوى جيوبهم و ما تحتها بقليل للأسف الشديد!

من أين آتي لكم بآلأئمة .. بعليّ .. لا بل حتى بآلعلامة الحليّ و بآلصدر الذي قتلتموه و أصحابه (رحمهم الله), حين سأل الحليّ أحد مقلّديه عن مسألة حياتية حساسة للغاية مفادها: [هل يتنجس البئر لو وقعت فيه نجاسة]؟ فلم يجبه .. بل طلب من آلسائل إمهاله بضعة أيام كي يأتيه بآلجواب!
و بعد مضي أيامٍ أجابه تفصيلاً بحكم الله و بحسب شرعه ..
لكن السائل بعد سماعه للجواب سأله عن سبب تأخر العلامة بآلجّواب بعد هذه المدة و كانت لأوّل مرة, فأجاب رضوان الله عليه؛

بصراحة حين سألتني خطر على بالي فجأةً البئر الذي أمامك في بيتي .. و خفت أن يختلط الجّواب مع تدخل مصلحتي الشخصية في الأمر و بآلتالي يكون الجواب بغير حكم الله خالصاً, لهذا قمت أولاً بدفن هذا البئر الذي تشهده أمامك في بيتي, ثمّ أفتيت بحسب مراد الأسلام!

نعم أيّها الأخوة ألأسلام المحمدي – العلوي – الأصيل لم يبق منه شيئاً بسبب تدخل أهواء الناس و المفتين و المراجع و مصالحهم و ذويهم و مقرّبيهم في أمور و مسار الفتوى بغير مراد الله و أهل بيته 100% .. حتى تغيير شيئا فشيئاً حتى أصول الدّين ناهيك عن فروعه و كما تشهدون على كلّ صعيد خصوصاً الأقتصاديّ و الماليّ و آلجنسيّ! و الناس لضعف وعيهم أو عدمها يقبلون بآلفتوى كيفما كان لمجرد معرفتهم بأنها صدرت من مرجعه دون تمحيص أو تفكير و مراجعة .. لهذا تجمد الأسلام الحقيقي خصوصاً على صعيد الحياة السياسيّة و الاجتماعيّة و الاقتصاديّة, بحيث يستطيع شخص مثل رئيس الحزب ألإسلامي و العربي و الكردي و البارزاني أن يحدد مسار المجتمع و بقوّة و عناد و بلا رادع, مكتفياً بدين تقليدي شكلي تعلمه في القرن الماضي لينشره في هذا الوسط و هو لا ينفع بآلدرجة الأولى سوى مصالح مرجعه وحزبه و إهمال باقي الناس حتى لو ماتوا و إحترقوا و أصبحوا عبيداً تحت أمرة المستكبرين.

و لهذا فإن ما حدث بآلأمس بإلقاء امرأة عراقية مقهورة لأطفالها في نهر دجلة قد هزّ (العرش) مرّتين ؛ ألأولى كانت في الطلاق بسبب عنجهية و قساوة الرّجل, و الثانية بسبب حقد و كراهية الزّوجة التي أرادت الأنتقام لترتاح وتتخلص من القهر بسبب الأنحراف الفكري فتسببت بقتل البراءة كلها برمي طفليها في نهر دجلة وهذه الحادثة ليست الأوّلى ولا الآخيرة بل حوادث كثيرة قد حصلت و ستحصل مستقبلاً و بشكل أسوء ممّا كان بسبب تلك الثقافة المنحرفة, بجانب أحكام ألمفتين التي تبدلت بسبب الأميّة الفكريّة, و لم يعد الناس يعرفون دين الله الذي يرتكز على المحبة و العفو و حين يخلوا المجتمع من الحُب و الأدب الهادف و الرحمة و العدل الكونيّ يحلّ محله الظلم و الفساد بشكل طبيعيّ, خصوصاً في المجتمع العراقي الذي تربى على يد البعث و باقي الأحزاب المنحطة باسم الأسلام و الوطن و الدّيمقراطية بعد 2003م, فأنتجوا شعباً مُنهكاً لا يكره إلّا الحُب و الرحمة و القراءة والمطالعة .. حتى وصل الحال ببعضهم لِئّن يحكم على المقال سلباً أو إيجاباً وهو لم يقرأهُ مرّة واحدة, و هذه سابقة جاهليّة لا أعظم منها ولم أشهدها من قبل لإنتشار ألأميّة الفكريّة وسط النّخبة ناهيك عن العوام الذين باتوا وعلماؤوهم لا يعرفون معنى الحُبّ و دروب العشق .. بل إعتبره بعضهم كفراً و كما سمعت بنفسي من بعض المراجع, و [كأيّن من قرية عتت عن أمر ربها و رسله فحاسبناها حساباً شديداً و عذّبناها عذاباً نُكراً] (سورة الطلاق/8)!
لذا لا تبحثوا عن أسباب المحن التي ألمَّت بكم لأنها منكم وإليكم! و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
العارف الحكيم عزيز الخزرجي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here