السلطة الفرنسية تتنمر على الجالية المسلمة

السلطة الفرنسية تتنمر على الجالية المسلمة

كنا نصنف حكام المنطقة العربية بالدكتاتوريين وهم كذلك. وكان البعض يصف حكام اوربا الغربية بالديمقراطيين فظهر لهم ولنا عكس ذلك. لانه ظهر ان ممارسة وتطبيق الديمقراطية والحرية لديهم منتقاة وتختلف: من طبقة اجتماعية إلى أخرى. ومن اتباع دين إلى اخر. ومن اشخاص اغنياء وذوي جاه ونفوذ إلى ضعفاء وفقراء. ومن شركات نافذة متعددة الجنسيات إلى شركات ومعامل ومصانع صغيرة ذات دخل محدود. ومن نفوذ دول غنية وقوية إلى دول فقيرة.
ان فشل حكومة ماكرون في حل المعضلة الإقتصادية التي تواجهها فرنسا منذ انطلاق مظاهرات السترات الصفراء قبل سنتين. اؤلئك الذين ادركوا بأن الديمقراطية والحرية هي فقط لاصحاب رؤوس المال من الشركات واصحاب النقوذ الاقتصادي والسياسي والاعلامي. لقد كانوا طيلة الأشهر الطوال الماضية يطالبون بديمقراطية اكثر شمولية مما عليه الان.
لقد جاءت محنة كورونا لتنقذ الحكومة من فشل ادائها الإقتصادي ليكون هذا الوباء كقميص عثمان. لقد حملت الحكومة وباء كورونا تردي الوضع الإقتصادي والصعوبات المالية والمشاكل المتراكمة.
من المعلوم ان الحكام العرب عندما يفشلون في حل الاشكاليات الإقتصادية وتضيق عليهم السبل وتتراكم الديون. يهرعون لتوريط شعوبهم للدخول في اتون حروب مع جيرانهم أو يبتكروا حروبا داخلية لاشغال الشعب في نزاعات طائفية أو قومية.
اما في فرنسا فيعمد السياسيون عندما يمرون بظروف اقتصادية صعبة إلى البحث عن ضحية ضعيفة كالجالية المسلمة لوضع وزر معظم اخفاقاتهم السياسية والإقتصادية ظلما وعدوانا عليها. انها الخاصرة الضعيفة في فرنسا والتي لن يدافع عنها احد.
ان الجالية المسلمة كانت بالأمس وهي اليوم مرشحة ايضا للشيطنة من خلال الهجوم على دينها ورسولها دون وجه حق. فما بين كل انتخابات وانتخابات رئاسية أو برلمانية أو بلدية تخلق الطبقة السياسية أجواء متوترة وتروج قصص دنيئة مفبركة تشتم وتقذف رسول الله محمد منقذ البشرية. تلك الاكاذيب والخزعبلات الاعلامية تدفع جهلاء المسلمين لممارسة اعمال ارهابية.
منذ وقت طويل تحاول السلطات الرسمية قدر استطاعتها فرض خيارات مناقضة للدين الاسلامي. انها تريد تاسيس اسلام فرنسي خاص ليس له طعم أو لون أو رائحة. هدفه جعل بأس مسلمي فرنسا بينهم وتشجع تراشق الاتهامات بين قادة جمعياتهم ووضع بعضهم أهداف محتملة لاتهامهم بصورة كيدية في اوقات انتخابية مختارة بالارهاب أو مساندة الارهاب.
المعضلة الكبرى والسبب الأساسي لتنمر السلطات على مسلمي فرنسا نابع بسبب تناحرهم ورفض تعاونهم مع بعضهم لخدمة الجالية. انهم يرفضون تطبيق المبدا القراني وهو ان المسلمين إخوة. يجب أن يسامح بعضهم البعض الاخر في اختيار الطريق العقائدي. وان يتعاونوا فيما بينهم في المشتركات الكثيرة التي تجمعهم.
لحد هذه اللحظة لم تشأ الجمعيات الإسلامية التعرف على الحل لمعضلة الجالية. على الرغم بأن الطريق الذي ساروا عليه منذ حوالي أربعين سنة قادهم إلى التمزق ولم تجني منه الجالية شئ. بل أن الجالية ابتعدت عنهم وياست من امكانية اصلاح ذات بينهم. في حين انه من المؤكد بان تعاونهم فيما بينهم سيجبر الاخرين احترامهم. أن دول العالم سابقا ولاحقا لا يحترم الضعيف حتى لو كان يحمل مبادىء سامية. ومن المعروف ان نيل الحقوق تنتزع انتزاعا عن طريق الاعتماد على قوة وكفاءة الموارد البشرية المسلمة وعلى ترشيد واستغلال الأصوات الانتخابية لخدمة الجالية. هذه الجالية اليوم تائهة بعد ان ياست من اغلب قياداتها بعد تفشي النزعات الانانية والحزبية والمناطقية لديها. أن مسلمو فرنسا بحاجة إلى قيادة واعية بعيدة عن الحسابات السياسية والمناطقية والقومية. وان تكون ذكية وواقعية فتقيم الظروف المستجدة التي تمر بها لخدمة الجالية وفرنسا.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here