صراع المقالات والتعقيبات والردود !!

صراع المقالات والتعقيبات والردود !!

متي كلو

اذا اردت اكتشاف عقل شخص .. فانظر اليه كيف يحاور من يخالفه الرأي!

“جورج برناردشو”

اصبح التواصل بين الناس متعدد ومتنوع من خلال منصات التواصل الاجتماعي منها التحاور والنقاش و تبادل الاراء للفائدة العامة وزيادة المعلومات ونشر المقالات المتنوعة جزءا من هذا التنوع وهذه المقالات اما تكون ثقافية او اجتماعية او تاريخية وغيرها،وكل مقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها وتعبر عن ارائه وهناك بعض المنصات تسمح بالرد او التعقيب على المقالة وابداء الرأي فيما جاء بالمقالة وتكون الردود اما اضافة معلومة جديدة فاتت عن الكاتب او تصحيح جزء من المقالة وهذا يصب على الفائدة للكاتب والقراء معا اي كل قارئ يدلي بدلوه،او هناك من يخالف رأي الكاتب وهذا حق لان الاختلاف لابد منه، فيكتب رأيه وفق رؤيته وهكذا تتشعب الردود او التعقيبات ولكن مع الاسف الشديد هناك من يكتب ردا او تعقيبا وهو بعيد كل البعد عن صلب الموضوع او جوهره ويحاول البعض ان يسحب القراء الى مهاترات او مناكفات عقيمة وكانها حلبة مصارعة وفيها الغالب والمغلوب ويعتقد بانه الغالب وصاحب الرد او التعقيب هو المغلوب او بالعكس كما يعتبره خصما وبعض هذه الردود فيها التجريح والاساءة وهناك من يريد ان تتحول هذه التعليقات الى عداء شخصي.

عند اختلاف الاراء بدلا من ترحب بها ما لها للفائدة للجميع، يتعرض المخالف للرأي الى الهجوم والاقصاء فضلا عن شن وابلا من الاتهامات واستخدام كلمات وجمل لفضية لا ترتقي الى النقاش الحضاري وغياب ثقافة الاختلاف وخاصة بعض الكتاب او اصحاب الردود الذين يعيشون في دول متحضرة، وخاصة عندما ينشر احدهم مقالة معززا بعدد من المصادر لكي يوثق مقالته بالمصداقية والبحث العلمي او الاكاديمي فيعتقد بان ما جاء بمقالته هي الحقيقة المطلقة غير قابلة للنقاش ويريد ان يفرضها فرضا على القراء وياخذ القارئ الى اسير افكاره وكأنها حربا ضروس وامام هذه المشاهد هناك الكثير من القراء يعزف عن المشاركة في الردود او التعليقات خوفا لعدم الانزلاق في متاهات اثنين احدهما الجلاد والاخر ضحية واحيانا اخرى بالعكس، ويوجه كل واحد منهما للاخر الطعنات ويعتقد نفسه منتصرا والاخر خصما مدحورا، كما هناك من يصب النار على الزيت ليؤجج محتوى الموضوع بتعليقات او ردود لاذعة يشوبها العصبية او الاستهزاء او الاستخفاف او السخرية بالجانب الشخصي وليس لفكرة المقال كما هناك من يستخدم الفوقية في الرد على الاخرين ويفقد الموضوع قيمته الحقيقية .

واكثر ضجيجا هو من يتصيد في الماء العكر خاصة في المقالات القومية او المذهبية او الطائفية او صراع التسميات لجذب اكبر عدد ممكن من المتفرجين حول حلبة المصارعة!! بدون الالتزام بقواعد الحوار بالرغم من ان بعضهم يرفع شعار”اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية” لكن في موضوع اخر يرفع شعار جورج بوش، حين قال”من ليس معنا فهو ضدنا” اثر احداث 11 سبتمبر 2011 ولهذا ابتلت الساحة الثقافية من غياب ثقافة تقبل الاخر سواء كان على منصات التواصل الاجتماعي او في الحياة العامة.

في الأونة الأخيرة طفت على السطح قراءات مختلفة لمقالات تاريخية متباينة ويستشهد صاحب المقال بمصادر تاريخية ويختار المصادر التي تطابق مع ارائه ومعتقداته ولكن مع الاسف نجدها مليئة بالتعصب الاعمى والعنصرية والطائفية لان بعض تلك المصادر كتبها أصحاب العاهات الفكرية المستديمة ولم يكن نزيها في تدوين الاحداث، وعندما تقدم له مصادر تاريخية ايضا ولكن تخالف مصادره فيرفع البطاقة الحمراء بوجهك حتى واذا ابديت بعض الملاحظات حول المقالة! فاذا كانت هذه النخبة”الكتاب” عاجزة عن تبادل الحوار الموضوعي فهل لنا الحق بان نلوم القراء العاديين! واكثر هذه النقاشات عبثية على غرار المناكفات بين المذاهب المتعددة! واصعب النقاشات تلك التي تاتي من المؤيدين المحشوين بما يقوله بعض المتطرفين !! وافكار هؤلاء ترتبط بمصالحهم الشخصية ولهذا يجب ان نتجنب هؤلاء قدر المستطاع ، لان التحاور معهم لا يجدي نفعا ولنبتعد عن لغة الشنج والصراخ والوعيد ولا نجعل ساحة النقاش، ساحة معركة للانقضاض على الاخرين ولا يمكن ان نجعل التعليقات نزاع متخاصمين.

ان الاختلاف في الرائ باعتقادنا هي ثقافة واخلاق ولا يمتلكها الكثيرون، ونحن نعلم جيدا ويشاركنا القراء بان الاخلاق لا تدرس في الكليات او المعاهد ولا تباع بل صفات مكتسبة، ولهذا يجب ان نتحاور ونناقش ونتبادل الاراء بكل شفافية ولنختلف بتواضع ونعتذر وبهدوء وبتواضع ولاباس ان نفترق بتواضع ايضا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here