الافترائات على رسول الله لن تقلل من عظمته

أريد أن اسلط الضوء في هذا المقال عن اراجيف المظلليين والافاكين على سيرة رسول الله وسنته خصوصا مع قضية النساء وقيادة الحرب والتعامل مع اهل الكتاب.
ان الله اصطفا محمدا من الناس اجمعين لتبليغ الرسالة الخاتمة. فهو الذي علمه خير تعليم ورعاه ونصره على اعداءه. لم يتعلم بالقراءة والكتابة من اشخاص واتاه الله جوامع الكلم وخصه بصفات واخلاق اصبحت اسوة لكل حر كريم شجاع عادل صادق وفي. انه الرجل الانسان الرسول جعله الله خير نموذج للبشرية.
ففي شبابه كان يرعى الغنم ثم عمل بالتجارة وكانت قريش تسميه بالصادق الامين. يقول الله فيه “ان الله وملائكته يصلون على النبي يايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”. “وانك لعلى خلق عظيم”. “فأنك باعيننا”. “فلا وربك لا يؤمنوا حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما”. “قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم”.
تزوج رسول الله وكان عمره 25 سنة من السيدة خديجة وكان عمرها 40 سنة. بقى معها وحدها دون ان يتزوج عليها حتى توفيت بعد 25 سنة عن عمر يناهز ال 65 سنة. ظل وفيا لها حتى بعد وفاتها طيلة حياته الشريفة.
هدى الله بعد وفاتها قلوب أهل المدينة المنورة للايمان برسالته. حيث بدأ عصر جديد لبناء دولة في المدينة وما حولها. هذه الدولة كانت بحاجة إلى موارد بشرية ومادية.
امره الله أن يؤلف بين القبائل العربية كي يدافع عن الرسالة أمام اعداءه مشركي قريش. لذلك فقد بدأ يتزوج بنساء اخريات ارامل باستثناء عائشة بنت ابي بكر صاحبه المقرب.
من المعلوم ان زواج رسول الله من أكثر من امرأة بعد أن تجاوز عمره خمسين عاما لا يمكن أن يكون بسبب رغبة جنسية انما كان لربط بعض القبائل العربية وتأليف قلوبها عن طريق الرحم. والمصاهرات لاهداف سياسية واجتماعية. كما ان رسول الله كان قائد دولة ورجل مستقيم لم يقرب الزنى والفحشاء وهمه رضى الله والحياة الاخرة وبناء صرح دولة المسلمين الفتية. لقد تمكن من الحفاظ على شرف زوجات الشهداء من الفقر والضياع. فعندما كان يتزوج رسول الله من امرأة من قليلة عربية يكسب اغلب أهلها. كانت المرحلة بحاجة إلى كسب او تحييد العشائر من خلال هذا العمل.
لقد اعطى اهمية كبيرة للمرأة المسلمة إذ قال النساء شقائق الرجال. واوصى الناس بالبر بامهاتهم. فعندما ساله احد الصحابة لمن ابر واعمل الخير قال له امك ثم امك ثم امك ثم ابيك
اما مقاومته (ص) والمسلمين الاوائل الطغيان والعبودية والظلم القريشي. فقد كانت اضطرارية بعد أن ارادت قريش استئصال المسلمين والقضاء عليهم. لذلك جاهد لاعلاء مبادىء نبيلة واحقاق الحق وانتصار راية التوحيد والعدالة والسلام ضد الوثنية والاستعباد والطبقية والتعصب والفسق والفساد والربى.
ان مقاومة المسلمين في عرفنا اليوم مشروعة ضمن قواعد القانون الدولي في حق الشعوب والامم في تقرير مصيرها. فرسول الله عندما وصل المدينة كان أكثر من 80% من الانصار أهل المدينة الاصليين معتنقين دين محمد ورضوا بحرية الاحتكام إلى القران الكريم. فقد بايعوا رسول الله ليصبح قائدهم الديني والسياسي. كان الطرفان المهاجرين والانصار قد عاهدوا الله ورسوله بالطاعة واختاروا عقيدة الاسلام. لقد كانوا هم الاغلبية الساحقة التي لها الحق في تقرير مصيرها.
رفضت قريش الاعتراف بالواقع الجديد فجهزت حملات عسكرية لمحاربة هذا الكيان الجديد. اضطر المسلمون الاوائل خوض الحرب الدفاعية في بدر وغيرها. كانت اهداف المسلمين اشاعة الصدق والعدل والاخلاص والوفاء بالعهود والمواثيق والتضحية للاوطان والعمل في سبيل الله لاحقاق الحق ونصرة الضعفاء جنبا إلى جنب اطاعة الوالدين وتقديس وحدة الأسرة. كذلك حرمت الخبائث كالخمر والخنزير والربى والقمار والزنى.
كان العدو الأساسي لرسول الله والمسلمين قريش قبيلة النبي محمد واصحابه. لم تكن الحرب مع اهل الكتاب من اليهود أو النصارى. رفضت قريش بشدة أي تغيير في دينها الوثني وحاربت معتنقي الدين الجديد بكل قسوة وظلم. لم تلتزم بحرية المعتقد “لكم دينكم ولي دين”. بل حاصرت المسلمين وعملت على استئصالهم في شعب ابي طالب أول الامر بمكة. ثم اجبرتهم لترك موطنهم والهجرة إلى المدينة.
في المدينة المنورة عمل رسول الله لتشريع قانون سمي بصحيفة المدينة وهي تمثل أول دستور مكتوب للمواطنة في التاريخ. لقد عمل رسول الله في تلك الوثيقة عقد اجتماعي بين المسلمين واليهود والنصارى وبعض المشركين غير المحاربين. يدعو ذلك الدستور الى ضرورة التزام الجميع بحماية ذلك المدينة من عدوان قريش التي تتربص بالمؤمنين الدوائر.
لقد كان رسول الله والمسلمين أقرب الى اهل الكتاب لأنهم ايضا من الأديان السماوية مقارنة بقريش الوثنية على الرغم من انتماءه وصحابته لهذه القبيلة. ان حدثت مصادمات ومعارك مع بعض عشائر اليهود فذلك أمر سياسي وليس ديني اذ خانوا الوعود والعهود في المدينة واصطفوا في الحرب مع قريش. رغم توقيعهم صحيفة المدينة مما اضطر رسول الله من اجلائهم.
كان رسول الله يحترم حرية الراي ولم يجبر احد على دخول الاسلام وكان يقول (من اذى ذميا فقد اذاني). اما القران الكريم فقد اثنى كثيرا على الصالحين من أهل الكتاب. كما انتقد ايضا خياناتهم لرسول الله. مثلما انتقد ايضا بصورة اشد خيانات بعض المسلمين المنافقين لرسول الله. ان العدالة في القران الكريم وسنة رسوله عامة شاملة للجميع وليست لها اية علاقة بالدين أو القومية او العشيرة.
بعد أن رئينا ملامح سريعة من اخلاق نبيلة وشمائل عظيمة يتمتع بها رسول الله والذي قال الله فيه “وانك لعلى خلق عظيم”. نسمع ونرى اليوم حملات الكراهية والحقد والافتراءات على الاسلام ورسوله بصورة لم يسبق لها مثيل. ففي جميع دول العالم عندما يكذب اي شخص أو يسرق معلومة دون الاشارة إلى مرجعها يحاكم ويعاقب. ان تشويه وجه الاسلام واهانة رسوله ليست الا اكاذيب غير صحيحة وخدش في الشرف والاخلاق وافتراء واضح وليست لها اية علاقة بحرية الرأي.
لا يمكن معالجة وحسم هذا الأمر الا من خلال المحاكم الدولية النزيهة. من خلال جمع الادلة والبراهين والقرائن والرسوم وهي كثيرة جدا. ان هذا الافك والكذب والعنصرية من قبل اعلاميين وسياسيين يجب أن لا يمر دون عقاب. لانه ازدراء بدين ملياري مسلم مؤمن برسالة محمد.
يجب رفع الشكوى الى محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الاوربية والامم المتحدة. بل يجب رفعها أيضا الى المحاكم الفرنسية. لقد سبق ان بتت تلك المحاكم ضد مواطنين فرنسيين مسلمين وغير مسلمين لمجرد تشكيكهم بعدد قتلى اليهود في المحرقة في العهد النازي بالمانيا.
لا بد من ردع هذه الحملة الظالمة قانونيا وهو أمر ممكن وضرورة معاقبة مروجيها كذلك اجبار المشاركين والمشجعين على استمرارية النهج العنصري ضد المسلمين بالإقلاع عنه. يجب ايضا رد الاعتبار للمسلمين والاعتذار منهم. ان من البديهي أن تقوم بهذا الدور الدول العربية والاسلامية كتركيا وباكستان واندونيسيا وإيران ومصر والجزائر والمغرب والعراق وتونس وغيرها.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here