التدخلات السياسية بالملف الأمني والقرى الخالية تسببتا بجريمة الخيلانية

بغداد/ تميم الحسن

بعد 5 سنوات من تحرير ديالى تكشف جريمة ضد عائلة في المقدادية شمال شرقي المحافظة، عن وجود نحو 60 “داعشيا” يعبثون بأمن بعض القرى، فيما تتردد القوات الامنية في اقتحام مواقعهم.

واثارت حادثة “الخيلانية” وهي قرية تابعة لقضاء المقدادية فارغة منذ 6 سنوات، ردود فعل غاضبة ضد ادارة الامن في ديالى، كما فتحت باب الاتهامات ضد بعض الشخصيات السياسية وعلاقتها بتنظيم داعش.

وأقدم مسلحون مجهولون يعتقد أنهم من داعش، الثلاثاء الماضي، على قتل الشيخ علي فضالة الكعبي في “الخيلانية” وتفخيخ جثته لتنفجر على ابنه وثلاثة من أحفاده أثناء محاولتهم رفعها وترديهم قتلى.

ويكشف مسؤول سابق في ديالى لـ(المدى) ان الخيلانية التي وقعت فيها الجريمة “قرية خالية من السكان منذ عام 2014، وهي واحدة من 5 قرى في المقدادية ينتشر فيها داعش”.

ويستغل التنظيم الخلافات العشائرية ومنع بعض الفصائل المسلحة عودة السكان الى تلك القرى التي يبلغ عدد سكانها نحو 15 الف نسمة (اغلبهم يسكنون مخيمات النزوح) للاختباء.

ويقدر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه “وجود بين 10 الى 12 عنصرا في كل قرية، يعوضون بآخرين في كل فترة حين يقتل احد منهم، حيث يأتي التعويض من تلال حمرين في العادة”.

في زمن القاعدة

والخيلانية، كانت مسرحا لتنظيم القاعدة حتى عاد السكان اليها في عام 2008، حيث ادعى شخص في عام 2006، يسكن في قرية مقابلة للخيلانية، بأن مسلحين من داخل القرية قتلوا أولاده.

وهجر السكان القرية، في أول رحلة نزوح، واعتقلت القوات الامنية على خلفية حادث القتل الاول بين 50 الى 60 شخصا، بعضهم صدرت بحقه احكام اعدام، حتى عاد تطبيع الأوضاع بعد عامين من الحادث.

ويضيف المسؤول السابق: “بعد ظهور داعش قام الشخص بنفسه وبمساعدة بعض الفصائل المسلحة بتحريك قضية مقتل اولاده مرة اخرى، وادعى بان لديه ثأرا مع جميع ابناء الخيلانية، ما ادى الى نزوحهم للمرة الثانية ولم يعودوا حتى الآن”.

ويسكن في الخيلانية نحو 150 عائلة، ولا يتجاوز اعداد نفوسهم الـ1000 شخص، فيما تتميز القرية بكثافة عالية بالمزروعات وهي ما تدفع بعض مربي الحيوانات الى الرعي هناك، كما حدث مع الشخص الذي اختطف مؤخرا، واضطرت عائلته الى البحث عن جثته بعد ان سحب الى داخل القرية.

ويتابع المسؤول السابق: “في هذه المناطق الاهالي هم من يقومون بدور الامن واحيانا دور معالج العبوات، حيث ذهب اهل المختطف (الشيخ علي فضاله) للبحث عنه وقتلوا الى جانبه لانهم لا يعرفون بان جثته كانت مفخخة”.

وتتردد القوات الامنية منذ إعلان تحرير ديالى عام 2015، في دخول نحو 50 قرية في المقدادية، عاد سكانها الى اكثر من 40 قرية منها، حيث قاموا هم (الاهالي) بدور القوات الامنية وصدوا هجمات داعش.

المسؤول السابق في المقدادية، يقول ان “القوات الامنية اخذت دور المتفرج، والأهالي حافظوا على بيوتهم استمروا في السنوات الاربع الاخيرة بحماية مناطق حتى يئس داعش وتركهم”.

الأنفاس الأخيرة

اغلب المتواجدين من داعش في تلك القرى المهجورة، هم ما يعرفون بـ”الاحياء الاموات”، حيث يطلق عليها الفلاحون هذه التسمية لأنهم معروفون بالاسم ومطلوبون للعشائر والقوات الامنية وليس لديهم غير القتل وزرع العبوات.

ويضيف المسؤول السابق: “لا يمكن دخول القوات الامنية الى تلك القرى لأنها مخاطرة كبيرة، والدواعش محترفون في زراعة العبوات، كما لا يمكن وضع نقاط امنية في الداخل لانها ستكون هدفا سهل”.

ويدعو المسؤول الى عودة السكان الى تلك القرى. ويتابع: “أهالي القرى وحدهم هم من يتكفلون بمعالجة تلك المشاكل ومحاربة داعش حتى طرده”.

وتعتبر قرية الخيلانية من اكثر القرى التي تضررت من عمليات ‏التحرير في نهاية 2014 واحرق عدد كبير من المنازل والبساتين، واهلها اغلبهم نازحون في مخيم الوند.

وتبرر بعض الفصائل في ديالى عدم عودة السكان، بحجة انتماء ابنائها الى تنظيم داعش على الرغم من ان ‏اغلبهم خضع الى عمليات تدقيق امني في المخيمات ولم يثبت ارتباطهم بالتنظيم.

وعلى خلفية الحادث أعلنت قيادة عمليات ديالى، الجمعة الماضية، أنها شرعت بتفتيش وتطهير قرية الخيلانية في قضاء المقدادية.

لكن المسؤول السابق وهو من سكنة المقدادية اكد ان “العملية العسكرية كانت في محيط الخيلانية، في مناطق تبعد نحو 25 كم عن القرية!”.

وذكرت خلية الإعلام الأمني في بيان أن “القطعات التي شاركت في العملية هي الفرقة الخامسة، وشرطة ديالى”، مشيرة إلى أن “القوات عثرت على أوكار لداعش داخل أنفاق”.

أضاف البيان، أن “الجهد الهندسي باشر بفتح الطرق وتجريف النباتات الطبيعية والقصب، وتهدف العملية إلى حرمان عناصر عصابات داعش الإرهابية من إيجاد أي موطئ قدم في محيط قضاء المقدادية، وملاحقة العناصر الإرهابية المجرمة”.

اتهامات

وكانت عشيرة بني كعب (عشيرة الضحايا) اتهموا الجمعة الماضية، رئيس البرلمان سابقا سليم الجبوري والنائبة ناهدة الدايني بالضغط لاطلاق سراح شقيق منفذ حادثة المقدادية.

وقال أحد ابناء العشيرة في مقطع فيديو “اليوم تم القبض على شقيق منفذ حادثة المقدادية، وهناك ضغط على القوات الامنية من قبل ناهدة الدايني وسليم الجبوري لإطلاق سراحه”.

وأضاف “سننظم انتفاضة اذا لم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية”، فيما ردت النائبة الدايني على تلك الاتهامات، وهددت “بمقاضاة كل من ظهر في فيديو الاتهام”. وقالت الدايني في بيان، “ندين الاستهداف ومحاولة التسقيـط من قبل بعض الجهات السياسية التي لها نفوذ في القضاء والتي بدأت الدعاية الانتخابية المبكرة على حساب دماء الشهداء”.

وأوضحت أنها “ستقوم بمقاضاة كل من ظهـر في مقطع فيديو وتكلم عـنا وسنحاسبـهم ونلاحقـهم قـضائـيا وكل مـن يـقـف وراءهـم ونتحداهـم ان يثبـتوا بدليل واحد انـنا تكلمنـا مع اي جـهـة امنيـة كبيرة او صغيـرة من وقـت الحادث الاجرامي وحتى الان”.

واكـدت الـدايـنـي ان “القضاء هـو الفيصل مع هـذه الابواق والاصوات النـشاز الذين يستغلون دمـاء الشهداء لتسقيط الاخريـن”.

تغيرات سياسية

في غضون ذلك قال همام التميمي، وهو نائب عن ديالى، ان “السياسة اضاعت الأمن” في المحافظة.

واضاف التميمي في اتصال أمس مع (المدى) ان “تغيرات امنية ذات طابع سياسي جرت قبل شهرين في ديالى اثرت بشكل كبير على ادارة الملف الامني”. وأكد النائب ان بعض القيادات الامنية في ديالى “تركت المناطق الهشة واهتمت بالطرق السريعة”، مبينا ان “اختيار قادة الامن في ديالى من اختصاص بعض القوى السياسية وليست من اختصاص رئيس الوزراء”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here