عدوى الارهاب في أوروبا

عدوى الارهاب في أوروبا.

كنتيجة للعبث بدم الفالقة الاستراتيجية السورية.

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

منهجية التحليل السياسي تقضي بضرورة تفكيك المركب وتركيب المفكك، لا بل تفكيك المشهد الدولي والإقليمي والمحلي إلى أجزاء، ودراسة كل جزء لوحده على حدا، لغايات فهمه بالعمق المطلوب، قبل إعادة تركيب الصورة من جديد، بناءً على ما تعطيه الأجزاء من ارتباطات وتقاطعات وتباينات اتجاه المشهد العام.

الأرهاب(مدان بكل اللغات)الذي حدث في فرنسا(أكثر من مره)وبروكسل، وما سيحدث لاحقاً في جلّ الساحات الأوروبية وغيرها من ساحات العالم وبشكل يتكرر بين الفينة والأخرى، هو تدمير ممنهج ومخطط له لضرب التعايش السلمي الديني الأجتماعي في ألمانيا وبروكسل وفرنسا وجلّ أوروبا، كونه سيعطي المسوّغ لما يسمى باليمين المتطرف في الساحات الأوروبية، لرفع وتيرة حملته على المهاجرين خاصةً من الأصول العربية والمسلمة، وكذلك الحال بالنسبة لتصاعدات عميقة بالمعنى الرأسي والعرضي لما يسمّى بيمين اليمين في جلّ القارة العجوز، فيصبح اليمين بمثابة يسار يمين بالنسبة لليمين المتطرف كما أسلفنا، كل ذلك ليصار الى تفجير أوروبا من الداخل وحسب رؤى البلدربيرغ الأمريكي، كما هو نتيجة للعبث بدم الأيديولوجيا والجغرافيا والديمغرافيا السورية على مدار أكثر من عقد مضى، من قبل مجتمعات المخابرات الأوروبية.

كارتلات العسكر والشركات والاقتصاد والمال والمجمّع الصناعي الحربي الامريكي، وجلّها تشكل جزء وازن من الدولة العميقة – لا كلّها – التي تحكم وترسم، والادارة الامريكية أي ادارة تنفذ فقط، ومسموح لها أن تلعب بالهوامش الممنوحه لها والتكتيك من عميق الحكم هناك، وأي رئيس أمريكي هو بمثابة ناطق رسمي فقط باسمها.

هذه المصفوفة الامريكية، ما زالت تعمل على تبييض صورة الأرهابيين، وما زالت تستثمر في الأرهاب، وأي أزمة اقتصادية ومالية عالمية متفاقمة ومتوقعة في عام 2021 م حيث النمو الاقتصادي سيكون في السالب والسالب فقط بدون هامش، بجانب كوفيد 19 المفتعل ضمن الحروب البيولوجية وصولاً الى نظرية المليار الذهبي لسكّان العالم، وهي نتاج أيضاً، العبث بدم ديكتاتورية الجغرافيا، ودم الديمغرافيا للفالقة السورية في جلّها، والتي هي بمثابة مفاعل نووي متسارع في عقابيله من الناحية السياسية والاقتصادية وهندسة المجتمعات، عبر اللعب بالاثنيات والاعراق، بما فيها ديكتاتورية الجغرافيا الاردنية، حيث فلسطين مغتصبة وتصرخ، والاردن يغتصب بصمت، عبر طرف اقليمي ودولي متقاطع مع محلي متأمرك ومتأسرل وبتآمر بعض العرب، فهل تسكت مغتصبة يا حكومة؟ وهذا الصمت متفق عليه والأيام بيننا وستخبرنا بما كان البعض منّا يجهل أو يتجاهل المعطيات والواقع في كيفية اغتصاب الاردن بصمت، وصمت متفق عليه.

البعض منّا مع كل أسف لا يعرف أنّ السياسة ليست مجرد صور تذكارية مع الفقراء والنازحين واللاجئين، بل هي استقراء للمستقبل، وكل خطوة غير مرئية في المستقبل يجب معاملتها على أنّها كمين، والسياسي الذي لا يكترث الاّ للهتاف والمديح، لا يختلف عن بائع المواشي في سوق الحلال كل يوم جمعه، وبائع الجرائد على الأشارات الضوئية في بعض عواصمنا العربية القطرية.

ومن هنا نرى أنّ الساسة المراهقون ودبلوماسية صعاليكهم الجوفاء والخرقاء، يعتقدون أنّ اللعب في دماء الجغرافيا هومجرد لعب مع الخطوط والحدود والتراب، ولكنّ من يلعب بدم الجغرافيا عليه أن يعلم أنّ الجغرافيا ستلعب بدمه ورأسه، وكون المنطقة في حالة سيولة شديدة والأرهاب المعولم يتم تسييله، الكل صار يلعب بدم الجغرافيا السورية وتبعها اللعب بدم الجغرافيا والديمغرافيا الاردنية وعبر مضامين الاعلان الهليودي الاخير(صفقة القرن)في البيت الابيض، حيث سيرحل برحيل ترامب عن البيت الابيض.

انّ تكلفة الأستسلام أكبر من تكلفة الصمود، لأنّك باستسلامك ستكون انبطاحيّاً وتزحف حبواً على شفاهك نحو الآخر، وانجازات الصمود أكثر فائدة من التكاليف، وأن تكون حليفاً لأمريكا أكثر خطورة من أن تكون عدواً لها، والاستقلال السياسي يتطلب استقلالاً اقتصادياً، والمقاومة تتطلب اقتصاداً مقاوماً، وكل الأحداث تثبت صحة هذه المعادلة وتؤكد يوماً بعد يوم، أن الاستعمار ينطلق من الاقتصاد ويمر وينتهي به أنظر الى حالنا وكيف يستخدمنا الآخر لمحاربة بعضنا البعض، ضمن استراتيجيات الخداع الأستراتيجي(حروب عربية عربية)ولاحقاً عربية فارسية، كنهج ولاياتي أمريكي وهي انعكاس لأستراتيجية الصبر الأستراتيجي، التي يتحدث عنها كوادر استخبارات البنتاغون لصناعة حروب متنقلة(عربية عربية)والبدء من اليمن، وكلا الأستراتيجيتين وفّرتا الغطاء للعملية العسكرية على اليمن الطيب والفقير، حيث لعنة الجغرافيا تلاحقه فما ذنبه؟.

الأوروبي زرع الريح فحصد العاصفة فبال على نفسه، أي أحدث بولاً من وجل شديد وعظيم وخطير، وضمن منحنيات وحالات التبول اللارادي، وبعيداً عن لازمة التضامن مع ما يجري وجرى وسيجري في الدول الأوروبية من ارهاب مدان وحقير والذي له ما بعده، فانّ أوروبا وقعت بين الصير والباب، فهي من جهة مجبرة على اللحاق بالسياسة الأمريكية في محاصرة روسيّا وتخريب الوطن العربي، ومن نتائج ذلك خسائرها الاقتصادية وتدفق اللاجئين عليها كعبىء اقتصاي ومسألة قلق عنصري معا، وفي ذات الوقت هي عاجزة عن حفظ أمنها الداخلي وهي ملحقة بواشنطن حيث سياساتها الخارجية والدفاعية تتكأ على واشنطن، وقد فتح بنك حسابها الآن بفعل رؤية البلدربيرغ الأمريكي وعليها أن تدفع فواتير اللجوء الكثيف والأرهاب العابر للقارات، فهل تقود جلّ العمليات الأرهابية التي حدثت في باريس ولندن، وتفجيرات بروكسل، وقبلها تفجيرات باريس ومجزرة شارلي ابدو، ومجزرة نيس جنوب فرنسا وما جرى في ألمانيا من ارهاب حقير، يقود أوروبا نحو فكرة التعاون مع ايران والجيش السوري والرئيس الأسد وحزب الله ومع روسيّا؟ فاذا ما أرادت أوروبا مكافحة الأرهاب فعلاً فثمة ممرات الزامية لها، عبر سورية وحزب الله وايران، خاصةً وأنّ العالم صار يقترب أكثر وأكثر من الفكرة الروسيّة القائلة: الأسد ونظامه وايران وحزب الله ليسوا هم الخطر.

أسباب عديدة قادت إلى ذلك من نتائج، هناك عنصرية في المجتمعات والساحات الأوروبية، ضد المهاجرين وأبنائهم، فآلا يتمكن المسلم الأوروبي من الاندماج بتلقائية في محيطه؟ حتّى صار مفهوم مسلم أوروبي متناقضات أوروبية مجتمعية، وسماح كثير من الساحات الأوروبية ومنذ السبعينيات من القرن الماضي للمال الوهّابي بالعمل بحريّة في مجال الدعوة والتبليغ، حتّى كادت السلفية الوهابية أن تحتكر المراكز الإسلامية والمساجد والتعليم الديني داخل جلّ الساحات في أوروبا وخاصة في فرنسا، فقد وافقت الحكومات الأوروبية المختلفة وكذلك الفرنسية خاصةً على ذلك للعلاقات المميزة مع السعودية من صفقات السلاح المختلفة وعلى مدار عقود، وصولاً إلى الفساد والدفعات المالية التي تلقاها السياسيون الأوربيون والفرنسيون على مدى عقود خلت من دول الخليج النفطية، كل ذلك سمح بتلزيم الإسلام الأوروبي لأخوتنا في السعوديه من دون أدنى اعتراض، وتم سلفنة أحياء كاملة من مدن أوروبا، الأوروبي الذي ينبذه المجتمع صار يبحث عن هويته الإسلامية، وجد نفسه وقد صار سلفياً وهابيّاً، فالشيخ سلفي تدفع الرياض راتبه، والمسجد سلفي، والمحيط صار سلفي، وهذا مذهب لا علاقة له بالإسلام المحلي الذي جاء منه هؤلاء المهاجرون ولا بمجتمعاتهم الأصلية، فهذا هو إسلامهم الأوروبي لا إسلامنا نحن العرب، ما جرى في السابق في جلّ الساحات الأوروبية من ارهاب معولم مع إدانتنا له، هو بداية حصادهم لما زرعوه لا منتهاه، فعليهم أن يبحثوا عن مكامن الخلل في سياساتهم وعنصريتهم، ودعمهم للزومبيات الأرهابية المدخلة الى الداخل السوري من جهات الأرض الأربع على مدار أكثر من عقد من الزمن، ليجعلوا من سورية مغناطيساً جاذباً للأرهاب، فما كان الاّ أن انقلب السحر على الساحر، فصارت الساحات الأوروبية ودول الجوار السوري مغناطيساً أشد جذباً للزومبيات المدخلة، ولحواضنها في دواخل المجتمعات.

فبين الواجب الأوروبي الأخلاقي وواقع السلوك السياسي والأمني الأوروبي هوّة وبون شاسع لا يعرف أحد كيف يمكن ردمها حتّى اللحظة في العالم، ويبقى السؤال الكبير والضخم أمام منظومات الأمن الأوروبية ومجتمعات استخبارات القارة العجوز والمتصابية بعنفوان: هل هناك استراتيجية أوروبية في الشرق الأوسط؟ هل لدى أوروبا قناعة أن أمريكا تسعى الى تفجيرها لأعادة صياغتها وهيكلتها بل هندرتها من جديد؟.

مثلاً قد تكون الهجمات الإرهابية الحديثة في جنوب فرنسا وهي مدانة – سببها الرئيس مانويل ماكرون نفسه وسياسات الرأسمالية المتوحشة(بلا شك يحاول توظيفها ترامب في الاستحقاق الرئاسي)، والتي قبلها في شارل أيبدو وغيرها قادم لا محالة، كما قال وزير الداخلية الفرنسي، تشكّل مرحلة تحوّل مفصلية على صعيد العلاقات الدولية، لم تنته تداعياتها بعد، ومآلاتها وعقابيلها وقد طبعتها الخطابات الهوياتيّة، ولا يمكن نفي واقع أن من أول تداعيات الهجوم في نيس جنوب فرنسا، وقبله في باريس، إثباته صحة المخاوف من وصول تهديد(الجهاديين)إلى قلب أوروبا، بعد فترة من الحراك الغربي المبهم إزاء انتشارهم في الشرق الأوسط.

لكن، في المقابل، فإن الاعتداء قبل سنوات على(مسرح باتكلان والأستاد الرياضي وقبلهما في شارل ايبدو وغيرها)لا ينفي أنه يستبطن إشكاليات فرنسية داخلية من المفترض ألا تغيب، اذاً نحن ومن جديد بصدد نماذج حيه لعودة الإرهاب المدخل إلى الداخل السوري إلى موطنه الأصلي حيث يضرب بالنار، انّها الهجرة المعاكسة الآن، وعلى فرنسا أن تنحو نحو معالجات أمنية وسياسية جديّة، وهذا يعني تغيراً جذريّاً في موقفها من مجمل الأزمات في المنطقة أو الاندفاع هروباً نحو الأمام بعيداً عن مصالحها، وها هي باريس مع كل أسف تدفع ثمناً باهظاً لسياساتها إزاء الشرق الأوسط، إن لجهة ليبيا، وان لجهة سورية، وان لجهة إيران، وان لجهة لبنان، ماذا سيقول: ماكرون الان، وزير خارجيته، ومدير مخابراته برنار ايميه؟.

المحور الأمريكي في المنطقة والعالم، مصر بشكل هيستيري على تشكيل مجموعات عسكرية، قد تطيل من أمد الصراع مع الأرهاب المدخل والمصنّع والمدعوم في سورية والعراق وليبيا وفي الداخل السيناوي المصري(صحراء سيناء)وفي المنطقة ككل، بدلاً من تقصيره ومحاربته واحتوائه، حيث الأهداف تتموضع لأستنزاف الدولة الوطنية السورية وحلفائها، تمهيداً لأنهيار النظام واسقاط الرئيس بشّار الأسد، واستنزاف وارهاق الروسي في الداخل السوري، وتغيير الهندسة الأجتماعية للشرق الأوسط.

لذلك نلحظ أنّه ثمة ولادات قيصرية من الخاصرة لمجموعات ميليشياوية عسكرية جديدة، وتحت عنوان محاربة الأرهاب ومقاتلة يأجوج ومأجوج العصر، نازيوا القرن الحادي والعشرين، دواعش البلدربيرغ الأمريكي، ان في سورية، وان في العراق، وان في ليبيا، وان في صحراء سيناء، وان في أي ساحة أخرى، سواء كانت ضعيفة أو قوية في المنطقة، بعد أن يصار الى التمهيد والتهيئة عبر استراتيجيات الذئاب المنفردة لغايات التسخين، والبحث عن سلّة أدوات، وان لم توجد يصار الى خلقها أو تخليقها.

وأحسب أنّ النفق السوري صار معتماً أكثر من أي مرحلة ووقت مضت ومضى، فبعد قوات سورية الديمقراطية والتي تحدثت عنها بالتفصيل في أكثر من اشتباك وتحليل ولقاء تلفزيوني وبث على قناتي الخاصة على اليوتيوب(طلقات تنويرية) بأنّ الكرد هم آخر الأوراق الأمريكية في الداخل السوري، وثمة ضلوع أمريكي وفرنسي في حادثة الطائرة الروسية ما غيرها التي سقطت في مصر قبل سنوات تذكرونها، الى جيش سورية الجديد، الى انشاء مجلس عسكري في تركيا لكل الميليشيات العسكرية الأرهابية العاملة في الداخل السوري كمدخلات، واطلاق يد تركيا من جديد، سواء عاد ترامب أو فاز بايدن، في الداخل السوري كما تقول المعطيات والوقائع والمعلومات.

خاصةً وأنّ جيش سورية الجديد هو نتاجات جماعة الأخوان المسلمين في الداخل السوري والداخل التركي ومن بعض الساحات، وهو محاولة أخرى لأعادة انتاج ما يسمّى بالجيش الحر بمسمّى جديد في الجنوب السوري لمواكبة قوّات سورية الديمقراطية في الشمال السوري والشمال الشرقي ودائماً وأبداً تحت عنوان محاربة عصابة داعش وما تفرع ويتفرع وسيتفرع عنها.

ولو ربطنا العبارة السابقة ذكرها قبل قليل، مع ما قاله أحد ضباط المخابرات الامريكية، عن تغير سياسة بلاده ازاء قوات الحماية الكردية، بأنّه لا مساعدات عسكرية لحزب الأتحاد الديمقراطي، وأنّ هذه المساعدات العسكرية الأمريكية بعد الآن الى المعارضات العربية السورية، وليس لقوّات الحماية الكردية، فهل نحن بصدد عنوان جديد: الى الجنوب السوري در؟!.

جيش سورية الجديد كمنتج مستحدث، هو مشروع قديم جديد، حديث حافظ عليه الأمريكان الى جانب برنامج البنتاغون الفاشل لتدريب المعارضة المعتدلة، والأخيرة بمثابة غطاء سياسي للأرهاب في الداخل السوري والمنطقة ككل، ليصار الى نقل عدواها(المعارضة المعتدلة كشيفرة) بالمعنى الأستراتيجي لاحقاً، لدول الجوار السوري والتي شاركت وتشارك وستشارك، كل بحسب طاقته وجهده ومدى تورطه، كي يتم تغير الهندسة الأجتماعية والديمغرافية لخلايا وعروق مجتمعاتنا العربية الأسلامية.

ويبدو أنّ المعطى السياسي الآن صار مواتياً لتصدير هذا المنتج(جيش سورية الجديد)أو تظهيره للعلن، ليصار الى صرفه مع زميله في الشمال السوري والشمال الشرقي(قوّات سورية الديمقراطية)في فينّا وعلى طاولة المفاوضات، في ظل تقارب تركي أمريكي تكتيكي لا استراتيجي في الداخل السوري لحين، ومن المحتمل أن يتحالف هذا المنتج الأخواني الجديد مع قوّات البيشمركة الكردية في سورية المدعومة من مسعود البرازاني أبو مصطفى، حيث هندسة هذا الأحتمال تجري على قدم وساق.

آواخر عام 2013 م وبدايات عام 2014 م بحثنا في استراتيجية تركيا في دعمها لجبهة النصرة، فرع القاعدة السوري في شمال الوطن السوري للقضاء على جبهة(ثوّار سورية)، بزعامة الأرهابي جمال معروف رجل الرياض ورفيق العلّوش زهران الرجل الآخر، ثم توالدت الأحداث والتطورات، الى أن أعلنت جبهة الأصالة والتنمية وهي تنظيم اخواني سوري صدّرت البيان الأول معلنةً ولادة جيش سورية الجديد.

هنا نفهم ونستوعب أنّ تصريحات كوادر ادارة الدولة العميقة في أمريكا: أنّ العملية السياسية السورية مربوطة بمدى ما يجري على الميدان السوري، بأنّه يأتي ويتماشى بسياقات قوات سورية الديمقراطية وجيش سورية الجديد، كاجراء اسعافي في الربع الساعة الأخيرة، ومرة أخرى هل نحن بصدد العنونه لاحقاً في تحليل : الى الجنوب السوري در؟!.

بلا شك أنّ الأمريكان يستخدمون أردوغان وحزبه وحكومته ليلبي مصالح الولايات المتحدة في الصراع الأقليمي، كونهم يرونه المنافس القوي لمصر ومكانتها، والمقابل الموضوعي لأيران في معادلات الصراع الدولي والأقليمي، حيث أنّه وبعد الفعل العسكري الروسي في سورية ودخول المنطقة في دهاليز المجهول، عملت واشنطن دي سي على اعادة انتاج أردوغان وحزبه انتخابياً كمنافس لمصر ومقابل موضوعي لأيران، مع توجيه ضربة مزدوجة لمصر وروسيّا بأبعاد ثلاثية سياسية وأمنية واقتصادية، عبر اسقاط طائرة الركاب الروسية قبل سنوات، عبر ذئب داعشي منفرد من أبنائها في الداخل المصري، لأعادة ضبط وصياغة الموقف المصري من قضايا الأقليم، وتحديداً في الحرب على سورية وبعد انضمام القاهرة لمجموعة الأتصال الدولية.

كوادر البلدربيرغ الامريكي تقول: أنّ أخطر الأرهابيون هم الذين يقاتلون في صفوف داعش في سيناء وليبيا؟ أرى أنّه يجيء في سياق استراتيجيات بديلة لواشنطن لاحقا ان عاد ترامب أو فاز بايدن، ولكن في سياق التسعير لدعم عروق الأرهاب في المنطقة وضخ دماء جديدة فيها، لمزيد من مصفوفات الزومبيات الأرهابية، ومزيد من ولادات قيصرية من الخاصرة، لميليشياوية مصفوفة ارهابية كاملة لتغيير الهندسة الأجتماعية للمنطقة، فهل تعوا ذلك يا قادة العرب ويا نخب عربية كما تزعم؟!.

اذاً تعمل واشنطن ليس فقط على عرقلة المسار السياسي، لا بل وعلى تفجير أي لقاء، انّه انقلاباً أسوداً على برنامج العمل المقرر وعبر مربع التفجير(الأمريكي القطري الفرنسي التركي)لمحاصرة الروسي سياسيّاً ودبلوماسيّاً، ومنع موسكو من فرض ايقاع وشروط الحل في سورية، بل عملت الواشنطن على استفزاز الفدرالية الروسية بدعوة بولندا وفلنندا، وجعلت اليابان تطلب الحضور، وهي دول لا تشكل أي جزئية من مجموعة الأتصال المتفق عليها حول سورية، حيث تسعى الى التوسع وعبر مدخل التقسيم للدول الى أساسي يقرر، وفرعي يشارك دون أن يقرر، الى سلةّ تموضعات استراتيجية لتمييع المسار السياسي حول سورية وتشتيت قدرة الروس ودبلوماسيتهم السياسية الأستخباراتية التفاوضية لضبط المفاوضات، ومنع الصيصان التفاوضية البعض عربية من الأعاقات، في الوصول الى المشتركات الأممية لوضع سورية على سكة الحل السياسي.

فهل صعاليك جلّ القاعدة، وبلطجية تنظيم حرّاس الدين، ونازيو أحرار الشام طالبان سورية، هم من سيجلسون على طاولة المفاوضات مقابلاً موضوعياً لوفد الدولة الوطنية السورية يا بعض بعض بعض عربنا؟ وهل ثمة روابط موضوعية بين تطورات الميدان السوري واستثمارات الجيش السوري وحلفائه في الميدان لعمليات الطيران الحربي الروسي من الجو، ثم تسخين لبنان لغايات تفجيره؟.

ترى واشنطن أنّ الحل السياسي في سورية يكمن في التوصل إلى تفاهمات بشأن سلاح حزب الله في لبنان، تفاهمات حول الحشد الشعبي في العراق والمراد استبداله أمريكيّاً بالحرس الوطني كمقدمة لتقسيم العراق، وهيكلة الدور الإيراني في المنطقة، والتفاهم على حدود ونفوذ ومصالح روسيّا، وهذا ما تدركه الأخيرة، كما تدرك أيضاً أنّ أمريكا تريد الانتصار في سورية لمحاصرتها ومحاصرة صعود الصين، ونفوذ إيران المهدد بصورة وأخرى لوجود المسخ الكياني “إسرائيل”.

ومن يقول أنّ الأمريكان يقلقون لتمدد الإرهاب هو ساذج، كون واشنطن هي من توظف الإرهاب وإنتاجه، لتحقيق استراتيجياتها المتوحشة، وخاصة استراتيجيه الاستدارة نحو أسيا( إيران وروسيّا والصين)، وكذلك في الشروع في البدء بتطبيق استراتيجية الثيران الهائجة التي طبقها بوش الأبن في العراق، ولكن بنسختها الأوروبية في الداخل الأوروبي، ومشروع الحروب الناعمة بالوكالة لن ينتهي حالياً، وأمام الجماعات الإرهابية مستقبل مشرق وواعد، كما تريد من خلال دعمها وانتاجها لزومبيات الأرهاب تفجير أوروبا من الداخل، وضرب هياكل الأمن القومي الأوروبي واطلاق رصاصة الرحمة على القارة العجوز، لأعادة صياغتها من جديد، وما تفجيرات باريس وايضا قبل سنوات(الأستاد الرياضي ومسرح باتكلان)الاّ خطوة صغيرة أمام سلّة الأهداف الأمريكية الأستراتيجية لشطب أوروبا، بعد الفشل الأمريكي في ضرب أقوى الأقتصاديات الأوروبية عبر الأزمة الأوكرانية، وتوريط ألمانيا بعروقها لأستنزافها اقتصادياً لبرلين.

تحدثت وخلال أكثر من عقد من الزمن مضى وما زلت، عن سلّة مشاريع استخباراتية أمريكية بلدربيرغيّة، فمن مشروع داربا الأستخباري، إلى مشروع أوميغا والفرقة سيلز في الداخل السوري، الى مشروع هارب الأستخباري سلاح الطقس.

تدرك روسيّا أنّ من يسيطر على سورية، يسيطر على الممر الإستراتيجي لجلّ الشرق الأوسط، وبالتالي يتحكم ويسيطر على كلّ أوراسيا العظمى وأسيا الوسطى، حيث الصراع في سورية وعلى سورية، هو صراع على الشرق وما بعد الشرق كلّه وقلبه سورية بنسقها السياسي وموردها البشري وديكتاتورية جغرافيتها، والفدرالية الروسية وبكين بجانب طهران وجلّ دول البريكس تدرك ذلك جيداً.

إنّ لمفاعيل وتفاعلات الحدث السوري، إن لجهة العرضي منه، وان لجهة الرأسي منه، تداعيات عديدة عابرة ليس فقط لدول الجوار الإقليمي، بل للقارات التي تشكل المعمورة ككل، وبالرغم من عمق(سلال ومراوح)الأرهاب المدخل الى الداخل السوري، وما تتعرض له من غزو أجنبي، وان كان الأخير في جزء منه بلبوس محلي أو عربي، ومرور وقتاً طويلاً على اندلاع شراراتها، فانّ النسق السياسي السوري ما زال متماسك، إن لجهة التماسك المؤسساتي الدولاتي للجيش، وقوى المخابرات والأمن الداخلي، وان لجهة تماسك الكتلة البشرية في دمشق، وهذا وفّر له القدرة الأكثر والأكبر والأقدر والأفعل، لجهة الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة، ولجهة ضبط التفاعلات الداخلية وآثارها أيضا.

باعتقادي وظني وتقديري، أنّ الأثر الأممي(العدوى كنتيجة)للحدث السوري، سيقود في نهاية المطاف، إلى إعادة تشكل وتشكيل جل المشهد الدولي من جديد، والى عالم متعدد الأقطاب والنهج، في حين وبعد أن أخذت عدوى الحدث السوري، طابع إقليمي وعابر للحدود السياسية المصطنعة، ولحدود جغرافيا الطبيعة والتاريخ أيضاً، في تماثل محطاته وتساوقه، لجهة الماضي وعبر حاضرها، ومستقبلها، ونستولوجياها، فانّ الأمر كلّه بحاجة إلى عمليات استقرائية شاملة وناجعة وناجزة، توفر لصانع القرار السياسي والأمني، في ساحات دول الجوار الإقليمي السوري، لجهة الضعيفة منها ولجهة القويّة على حد سواء، توفير قاعدة بيانات ومعلومات في غاية الدقة والضرورة، من أجل أن تحسن التصرف والتعامل، مع جلّ المشهد.

لا شك أنّ القوام الجيو– سياسي السوري، يمارس ويتفاعل بقوّة على مجمل، مكونات الخارطة الجيو – سياسية الشرق الأوسطية، وكما تشير معطيات التاريخ والجغرافيا، إلى أنّ تأثير العامل السوري، كعامل إقليمي حيوي في هذه المنطقة، تتطابق آليات عمله وتأثيره، مع مفهوم العامل الجغرافي الحتمي، والذي تحدث عنه جميع خبراء علم الجيويولتيك، وعلم الجغرافيا الإستراتيجية، وعلم الجغرافيا الإقليمية، وحتّى علم الجغرافيا المناخية، حيث تؤكد معطيات العلم الأخير، بأنّ الطبيعة المناخية لدول الجوار الإقليمي السوري، لن تستطيع مطلقاً الإفلات من تأثيرات العامل المناخي الدمشقي، فهل استعدت عمّان ولبنان والعراق وتركيا لذلك جيداً بعد أن ضرب الارهاب هذه الدول أكثر من مرة؟.

وبناءً وتأسيساً، على معطيات وثوابت الجغرافيا السياسية- الإقليمية ومحركاتها، فانّ استمرار ما يجري في سورية بالمعنى العرضي والرأسي، سوف تكون مخرجاته بالمزيد تلو المزيد من عمليات التعبئة السلبية الفاعلة، إن لجهة لبنان، وان لجهة الأردن، وان لجهة العراق، وان لجهة ليبيا وان لجهة أنقرا نفسها لاحقاً، أضف إلى ذلك الشمال الفلسطيني المحتل – الدولة العبرية حتّى اللحظة.

ولا يختلف اثنان عاقلان وبعد كان ما كان من نتائج وتداعيات حتّى اللحظة، وعبر الحدث السوري، وما نتج عنه من خسائر جمّة لجهة الشق الديمغرافي، الإنسان السوري ومقدرات الدولة السورية المختلفة وإضعافها، ليصار إلى الاحتفاظ بخصم إقليمي واهن وضعيف(من زاوية الطرف الخارجي الثالث المتدخل في الحدث السوري)على أنّ العنف والعنف المضاد في سورية والذي تمّ صيرورته كحياة إرهابية بتعبيراتها المختلفة، قد تم الإعداد له مسبقا من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية والأمريكية، ومجتمع المخابرات الصهيوني وأدواته في الداخل الغربي والأمريكي، وبعض دواخل بعض الساحات العربية، والتي لديها الاستعداد للقبول بتنفيذ مثل هكذا رؤى سياسية دموية، لعقد نفسية عديدة لموردها البشري المتحكم والحاكم وما يترافق مع مركبات نقص متعددة له.

وكلّ ذلك قبل انطلاق فعاليات ومفاعيل ما سمّي بالربيع العربي جدلاً، والذي قد يكون فاجأ(المطابخ)الضيقة والمحصورة جداً، بأشخاص محددين في تلك الأجهزة والمشكّلة بطريقة عنقودية عنكبوتية، في تشكيل الفرق التفكيرية الخاصة بتلك الهياكل الأستخبارية.

هذا وقد ظهر وبان جليّاً زيف “التطلعات الديمقراطية وحقوق الإنسان” في مواجهة الذبح بدم بارد مأفون، وإسالة حمّامات من الدم الطائفي الأثني العرقي هناك، والتي كانت نتاجات تفكير تلك “المطابخ” الموجّهه.

يعتقد الكثير من المحللين أنه، في حال سقط النسق السياسي السوري أو لم يسقط، فإنّ إقامة معسكرات للمجموعات السلفية المتطرفة في سورية و\ أو على حدود دول جوارها، سيكون له تداعياته المباشرة على أمن الدول المجاورة هذه، حيث يواجه العراق حالياً عمليات إرهابية ولبنان دخل على الخط بمستويات محددة، فهل على الأردن أن ينتظر حدوث توتر طائفي ومذهبي سينتقل إليه عاجلاً أم أجلاً بفعل السياسات الأمريكية الفوضويّة، بالرغم من أنّ الارهاب ضرب الاردن مرات؟!.

وبحسب خبراء في شؤون تنظيم القاعدة، فإنه ليس هناك فرق في أي مكان بالنسبة لهؤلاء الإرهابيين لنشر إرهابهم، لأن وصولهم المباشر إلى “الجنّة” مرتبط فقط بمعيار قيامهم بهذه العمليات.

ودون شك يعتبر الداعمين الرئيسيين للسلفيين ولعناصر القاعدة، واستناداً على الوثائق المنتشرة على المواقع الالكترونية المختلفة، هم أهم أعداء حزب الله وأكبر الداعمين لمنافسيه في لبنان.

وهل صحيح أنّ ماكرون الرئيس الفرنسي وأي رئيس أمريكي قادم يدعم حرب أهلية في لبنان؟ الصحيح والثابت أيضاً بجانب التساؤل السابق: أنّ الاستخبارات التركية تعمل وتسعى على تسويق جبهة النصرة ومعها السعودية(تصريحات ماكرون عن الاسلام ونشر الصور المسيئة لسيدنا محمد بن عبدالله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ضخت الدماء في عروق العلاقات التركية السعودية من جديد)، على أنّها البديل “الحمل الوديع” أو البديل “البهي” عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية المعروف إعلامياً بداعش العصابة الإجرامية، وعن تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد المغرب العربي وأسميه: بدامس، والمطلوب والمعني الآن من تنظيم دامس: استهداف الجزائر بالدرجة الأولى وكدولة إقليمية ذات احتياطات غاز ضخمه جدّاً، ولفك ارتباطها الوثيق مع الفدرالية الروسية.

حيث هناك سايكس بيكو جديدة في المنطقة وعلى حساب الأمن الإستراتيجي لتركيا، ولبنان الآن يتحول مرةً ثانيةً، إلى ساحة خصبة بالبويضات لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وجاهزة للتلقيح الطبيعي، حيث عدد الخلايا النائمة في الداخل اللبناني وخاصةً في المخيمات الفلسطينية، مع وجود قرار أممي بعدم السماح للوصول إلى الحلول السياسية للمسألة اللبنانية، من شانه أن يقود إلى مزيد من تعقيد الأمور، والدفع باتجاه زاويا ضيقة يصعب الخروج منها إلاّ بقرارات دولية وإقليمية متصلة بمستقبل خطوط العلاقات الأمريكية الإيرانية من جهة، والعلاقات الروسية الأمريكية من جهة ثانية، وبمستقبل الوضع في سورية والعراق من جهة ثالثة.

حيث هناك غطاء دولي يرعى الخطوات التي تؤسس إلى استمرار الأزمة الإقليمية، إن لجهة دعم الإرهابيين، وان لجهة دعم الأنظمة، وحيث الطرف الخارجي في المسألة اللبنانية، لا يريد بقاء(البرلمان الحالي ولا عهد عون)ويريد حكومة بدون حزب الله، لأنّ بقاء البرلمان والعهد ومشاركة حزب الله في أي حكومة، من شأن ذلك، أن يقلب الطاولة على رؤوس أصحاب المخططات الخارجية المتصلة بإعادة رسم خريطة نفوذ ومصالح جديدة، تستند إلى الصراعات الدولية وكل ما ينجم عنها من إرباكات وتقاطعات غير محسوبة النتائج.

الطرف الخارجي فيما يجري بالمنطقة، لا يريد حلول عسكرية في الدول والساحات العربية، بل حروب استنزاف بعيدة المدى، فلا حسم للأزمة السورية، والعمل على البقاء عليها ملتهبة، كساحة كباش إقليمية ودولية حادة، ولا مقاربات سياسية وعسكرية في الداخل اللبناني، ولا ضرب للإرهاب والتطرف، ولا دعم للجيش اللبناني أمريكياً بالمعنى الحقيقي والنوعي، الذي من شأنه أن يقضي على الإرهاب المصنّع في الداخل اللبناني والمدخل إليه من الخارج، مع العرقلة الأمريكية لأي مشروع متصل بدعم الجيش اللبناني من جانب إيران، حيث المطلوب توازنات دقيقة بميزان الذهب من غير المسموح المساس بثوابتها.

كما حذر بعض المحللين السياسيين(ونحن منهم)في الدول المجاورة كالعراق والأردن وتركيا ولبنان، من قضية إقامة مناطق عازلة ومستقلة من قبل المجموعات الإرهابية و\ أو دول الجوار السوري، الأمر الذي سيشكل خطراً وتهديداً على الأمن القومي وحتى على السيادة الوطنية الكاملة لدول المنطقة.

إنّ الصورة التي كان من المقرر أن يرسمها الشعب السوري لبلدهم تحت عنوان الحرية والكرامة، تحولت اليوم إلى صورة مليئة بالدم والفوضى، وأجزاء كبيرة منها تنقل العدوى بالتدريج إلى دول الجوار.

وقد تحول القلق من التحولات الدموية الجارية في سورية، إلى تحديات كبيرة بالنسبة للمسؤولين العرب في دول الجوار، وهم يتابعون أخر التطورات وعمليات الكر والفر في هذه المنطقة المنكوبة من العالم، وإذا لم نقل: قد أضحى هذا القلق أكثر من قلق الرئيس بشار الأسد فإنه يساويه.

تلاقح المصالح بين مختلف الأطراف في المنطقة، صارت أكثر وضوحاً في تنفيذ خطّة البطّة العرجاء ترامب، لضرب ما أنتجته واشنطن من دواعش في الداخل العراقي والداخل السوري، حيث المعارضة السورية المسلّحة تراها فرصة لإعادة ترتيب أوراقها، وبالتالي التحرك لاحقاً ضد قوات النظام السوري، في حين ينظر إقليم كوردستان إلى إعلان الاستقلال كدولة بشكل كامل، لتكون إسرائيل جديدة في الشمال العراقي بديلاً عن “إسرائيل” الحالية.

وخصوم الدولة الوطنية السورية، ينتظروا أن يسرّع التحالف الدولي ضد داعش الذي تم خلقه من جديد، بإسقاط النسق السياسي السوري، في حين حلفاء الدولة الوطنية السورية ينتظروا أن يواجه التحالف واقعاً صعباً واقفاً أمام خيار الفشل والانكسار لواشنطن ومن يدور في فلكها في المنطقة والعالم بعد الدخول العسكري الروسي المشروع، أو الذهاب إلى التنسيق مع دمشق لتغيير مناخات المنطقة، حيث التحالف يحمل فيروسات إنهاء نفسه بنفسه منذ الإعلان عنه أمريكيّاً من قبل الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما.

الفدرالية الروسية ليست عاجزة بسبب الملف الأوكراني أو غيره من ملفات الخلافات مع واشنطن، عندما تحذّر فقط من ضرب داعش وبنفس الوقت ضرب قوّات النظام السوري، فموسكو مدركة أنّ واشنطن وحلفائها مقبلون وبقوّة على فخ عميق ومتاهات جديدة لن تخرج منها بسهولة، فسوف تمارس روسيّا سياسة الانتظار والمراقبة إلى حين ليس ببعيد، مع الاستمرار بدعم الدولة الوطنية السورية ونظامها عسكرياً ومالياً وبكل شيء، وبتدخلها العسكري في سورية والذي لا يكلفها يومياً بأكثر من عشرة ملايين من $، في حين قوات التحالف يكلفها يومياً أكثر من عشرين مليون من $، كون مصانع السلاح الروسية مملوكة للحكومة الفدرالية، والأسلحة والذخيرة مخزونة من السابق، في حين مصانع السلاح الأمريكي لشركات خاصة متعددة الجنسيات تابعه للمجمع الصناعي الحربي الأمريكي الذي يسيطر عليه القطاع الخاص، ثم أنّ ميزانية التدخل العسكري الروسي جزء من ميزانية الدفاع الروسيّة كملحق مالي، وبالتالي لا أثر على الأقتصاد الروسي وبنيته.

يعيد الناتو توجيه نفسه نحو الحرب غير المتساوقة، كما يتم التركيز الآن على العمليات الاستخباراتية، وقد انكبَ المخططون الإستراتيجيون في الناتو وبشكل متزايد، على دراسة الأكراد والعراق وحزب الله وسورية وإيران والفلسطينيين والنسيج الديمغرافي الخليط في الأردن.

وفي سيناريو الحرب الشاملة، يحضّر الناتو نفسه لأدوار عسكرية سريّة في كل من سورية وإيران(رغم توقيع الاتفاق مع طهران ثم انسحاب ترامب منه)ثم في الصراع العربي الإسرائيلي، والذي تم اختصاره قصداً من بعض العرب بالمسار الفلسطيني – الإسرائيلي، ضمن ما تسمى بعملية السلام في المنطقة.

هذا ويتم العمل أيضاً على زعزعة العراق بشكل أكبر، فبينما تم اختبار حلفاء إيران في دمشق، لم يتم اختبار حلفائها في العراق بعد، فبعد سورية، سوف يتحول اهتمام مجموعة الدول التي تعمل ضد سورية إلى العراق، وقد شرعوا سلفاً في تحريك العراق على أساس خطوط التماس الطائفية والسياسية، وتلعب تركيا وقطر والسعودية أدواراً هامة في تحقيق هذا الهدف، والواضح الآن هو أنّ الفروق بين المسلمين الشيعة والمسلمين السنة التي عملت واشنطن على تعميقها منذ الغزو الآنغلو – أمريكي للعراق في سنة 2003م تتفاقم الآن عبر الطائفية الكردية.

يبدو أن الكثيرين في المؤسسة السياسية الإسرائيلية الصهيونية، يعتقدون الآن أنهم نجحوا في تحطيم “كتلة المقاومة” ومحورها، وسواء كانوا على صواب أم لا، فهذا موضوع خاضع للنقاش والتحاور والتداول، لا تزال سورية واقفة على قدميها، و “حركة الجهاد الإسلامي” الفلسطينية(التي كانت المجموعة الفلسطينية الأكثر نشاطاً في محاربتها لإسرائيل من غزة في 2012م و 2014 م)، وفصائل فلسطينية أخرى سوف تقف مع إيران حتى لو تمكنت مصر من تقييد يدي “حماس”، وهناك أيضاً حلفاء إيران في العراق، كما أن سورية ليست خط الإمداد الوحيد لإيران لتسليح حليفها حزب الله، الواضح أيضاً أن الحصار والحرب الكونية على سورية هي واجهة في الحرب السرية متعددة الأبعاد ضد إيران.

ومن شأن هذا وحده أن يدفعَ الناس إلى إعادة التفكير، في تصريحات المسؤولين الأمريكيين وحلفائهم حول قلقهم على الشعب السوري على أساس من الإنسانية والديمقراطية.

هناك مرحلة إستراتيجية في حرب البنتاغون السريّة ضد طهران وعليها، حتّى وقبل الانتهاء من الملف السوري ضمن الخيارات المحدودة والمحصورة عبر التسويات السياسية الراهنة، لتجاوز العتبة الزمنية، بعدها الإدارة الأمريكية بطّة عرجاء في اتخاذ أي قرار، حيث تستثمر الولايات المتحدة الأمريكية بإستراتيجية الوقت وانتظار تطورات الميدان واللعب في مكونات المحور الخصم لها في المنطقة والعالم، بما فيها مكونات ديمغرافية ومفاصل الدولة الفدرالية الروسية ومكونات ديمغرافية ومفاصل الدولة الصينية.

* عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

هاتف خلوي: 0795615721 منزل – عمّان:- 5674111

سما الروسان في الأول من نوفمبر 2020 م.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here