كل شيئ ممكن بالعراق إلّا ألعدالة:

ألمقدمة:
سمعت يوم أمس من أحد ألشّيوخ في دولة الأسلام عبر المحطة الرئيسية الرسمية (جام جم) يقول:
ألعدالة مستحيلة في الأرض إلا بظهور الأمام المهدي(ع) مبرّرا الموقف بكلام رفضته أساساً .. و لعله هو نفسه قد دخل بطنه لُقيمات من الحرام فأمات بعض قلبه وشوش أفكاره حتى آمَنَ بما أملاه عليه الشيطان أو بعض جنده للأسف, رغم إن ذلك الشيخ من القادة الاجلاء و الأمناء والمخلصين والمثقفين حقا بنظر الأمام و الناس ورأيه هو الأول والأفضل بشأن مسائل الدّولة و قوانيها وشؤون الناس و أعرفهُ لأن ثقافته قرآنية طبقا لحوزة قم لا النجف المتأخرة بقرن تقريباً عنها, على كل حال .. حين سمعت ذلك كاد اليأس يدخل قلبي أنا أيضا!
و لا أدري إذن كيف يتحقق العدل بظهور المهدي(ع)؟ وكيف يظهر والأرض خالية حتى من مئات المؤمنين المثقفين بأسس العدالة الكونية الألهية بجانب الوضع المتأزم لكلّ شعوب العالم و أممه وعلى كل صعيد بسبب المنظمة الاقتصادية العالمية الرائدة للحكومات!؟

ألمتن:
يبدو أنّ كل همّ و فكر و جهاد إنسان اليوم خصوصاً العراقيّ و على كل صعيد هو آلتنمر و التكبر و التسلط بوجوده و هي صفة ذاتية جوهريّة من صفات النفس التي تعتبر نتاج تزاوج الرّوح مع الجسد, بسبب فقدان الدّين الصحيح في وجوده و كما هو الحال الآن حتى لدى بعض مراجع الدِّين الذين يحسبون المليارات هي وحدها تخلدهم و تخدمهم, ناهيك عن الأحزاب والمتحاصصين والعمائم السوداء و البيضاء و الكشائد و العقال ألذي يجمعهم؛ حيث الجميع يخططون بأساليب أخس من أساليب الشيطان للسيطرة على الآخرين للفساد و لأجل تعميم الظلم و النهب و تعميق الفوارق الطبقية بين الناس حتى أوصلوا العراق و هي أغنى دولة إلى نهاية مأساوية لا حل لها إلا الفناء و هذا يعني حلول القيامة و السّبب يعود إلى أنّ روح التسلط ألمُميزة بجانب روح الشهوة كقسمان بارزان من القوى الرّوحيّة الخمسة التي تُشكل طاقة الروح هما المسيطران على كل قوى الروح و الإيمان و روح القدس؛ لذلك فأن الفساد يطغى بشكل طبيعي ما لم يُروّض ساعة بعد ساعة بل دقيقة بعد أخرى, لهذا فالحل الوحيد هو القراءة و البحث المستدام لتحصين الأنسان و المجتمع .. فبعد تثقيف الشعوب و الأمم ووصولها لمستوى فكريّ و ثقافيّ و إيمانيّ و أدبيّ و علميّ راق؛ يمكنك الإيمان بإمكانية حدوث التغيير بحيث عندما تعرض على أحدهم منصباً أو مالاً أو منالاً؛ ليس فقط يمتنع و يتراجع عن قبوله خوفا من إرتكاب المعصية في تطبيق ألاحكام الكونية التي كسبها و خزنها في فكره و ثقافته الأنسانيّة, بل يبدأ بآلبحث عن المستحق الأكبر لذلك, لإيمانه الصافيّ و أدبه الراقي ليحكم بعد ذلك على الموقف بعد ما يرى طبعا و هو الأهم؛ أنه ليس هناك من هو أتقى وأكفأ وأولى منه لهذا المنصب ؛ و إذا كان هو الوحيد الذي يستطيع القيام بدوره و بنجاح بحسب المعايير الكونية التي لا بد و أن يتعلّمها و يتمرّسها و لو بنسبة نجاح مقبولة؛ عند ذاك سيتقدم و سينجح و سينقذ المجتمع و يحقق سيادته بتطبيق القانون الأنساني الكوني لا الوضعي الذي تسبب في طغيان التكنولوجيا على القيم لجهل الحاكم و بآلتالي على تعميق الفساد و الطبقية و التسلط و القنص و التحاصص .. و كما كان و للآن في وضع العراق قبل و بعد صدام .. بل بدأ يزداد و يتفاقم و كل عراقي و عربي الآن يرى أن نجاحه و خلاصه مرهون بصفة الكذب و النفاق  لا بمدى معارفه و تقواه و صدقه! و إن وصول المنافقين للمناصب ألرئاسية والوزارية لا يتحقق إلا عائلياً أو حزبياً أو بدعم قوى خارجية ترتبط بـ (المنظمة الأقتصادية العالمية) .. يعني بعيداً عن المعايير الكونيّة التي طرحنها .. لهذا كلّ عراقي بات مشروعا للفساد لأنه ليس فقط لا يعرف العدل و المحبة والرّحمة و التواضع؛ بل بات يسعى لتحطيمها أوّل بأوّل كي يستطيع تنفيذ أفكاره و مصالحه في أجواء الفساد.

قبل قليل في هذا أليوم / ألجمعة 06/11/2020م أرسل أحد الأخوة المثقفين الناشطين رسالة طرح نفسه كرئيس مستقبلي لأنقاذ العراق و إعادة الوضع لسنوات الستينات بعد أن ثبت فساد القوى والأحزاب الحاكمة و أضاف (أنت ستكون المستشار الأول لي, فأجبته بآلتالي:

قبل إيراد الجواب الذي بعثه له؛ أودّ ألأشارة لمسألة هامة كمقدمة على وضعنا و تفكيرنا إلى أين وصل بسبب الفساد العظيم برعاية أهل الكشائد والمشايخ و العمائم و الأحزاب وآلوطنيين!؟ بحيث أن مخلصينا و مثقفينا؛ بدؤوا يفضلون إعادة الوضع إلى نصف قرن للوراء فهو الأفضل و آلأنسب مما فيه الناس الآن و هذه بحدّ ذاته تفكير سقيم و محنة كبرى لم يفكر أحد فيه و يدلل على إنتهاء العراق!؟

المهم .. إليكم نص الجواب على فكرته لأنقاذ العراق:
بارك الله فيك أخي ألمثقف وإعلم أنّ كلّ سياسيّ وحزبي عراقيّ يفكر هكذا فحين زرت العراق العام الماضي رأيت حتى سائق التاكسي ينتقد, و أكثرهم يقول : [و الله لو كنت الرئيس لفعلت كذا و كذا و كذا و كذا], ولم أرَ حتى ناحية أو قرية صغيرة منظمة و مرتبة و سائرة بإدارة نموذجية و الناس فيها سعداء رغم مرور عشر حكومات للآن عليها. كل مدننا خصوصا الشيعية كانت مستهلكة و خائبة لا توجد فيها حتى مستوصف جيد للعلاج و لا مدرسة و لا شارع نظيف, طبعا المدن السّنية أو الكردية ترتبت شكلها بعض الشيئ؛ إنما رتبوا أوضاعهم لا لوجه الله أو حُبّهم لشعبهم ؛بل لإظهار الشيعة جهلاء و أغبياء و طلاب سلطة و مال و كما سرقوا و الكرد و السنة معاً ترليون و نصف ترليون دولار كانت حصة مستشفيات و مدارس و بيوت للمستضعفين الذين لا قدرة لهم و أكثرهم يموت يومياً!
فحين تراجعهم – جماعتنا – و أكثرهم يعرفونك للحصول مثلا على كتاب إداري أو تأئيد لتخدمهم طبعاً لا لتكون جزءاً من الدمج أو الهدم تراهم – يفعلون بك فعلا و كأنك تمرّ بآلبرزخ لتواجه يوم القيامة لحظة بعد أخرى, بإختصار يعني معاملة أو كتاب إداري بسيط يمكن أنجازه بدقائق تتعلق بمصير بلدك قد تطول سنة كاملة و ربما عقود كما حصل معي للأسف, لأني رفضت الرشوة و مسح الأكتاف و الأحذية!؟ طبعاً أستثني شريحة واحدة أثبتت أنها أنظف شريحة و هي الكرد الفيليين ألذين ليس فقط لم تدنس أياديهم بآلحرام ؛ بل صمدوا و حقوقهم و بيوتهم و محلاتهم التي كانت تُزيّن بغداد ما زالت مهدورة و مسروقة و أكثرهم يعيشون في المنفى للآن!
 
 و فوق كل هذا الظلم ؛ ترى حتى الكناس ألعراقي مع إحترامي له و بعد ما رآى تفاهة و سطحية و فساد الذين حكموا و أوصلوا الوضع لما أشرنا له؛ يرى بنفسه – أبسط إنسان – أنه ألأقدر و الأولى من جميع المشايخ و الحاكمين و الحزبيين الذي حكموا و فصخوا و نهبوا الفقراء, بل يعلن صادقا أو كاذباً أنه الأكفأ و الأقدر على إدارة ليس فقط العراق .. بل العالم كله .. أما كيف ..فإن (النتائج) هي التي تراها أمامك على أرض الواقع ؛ خراب في خراب و دمار في دمار, و الأسباب بيّناها مرارا, هي بسبب إمتدادات الثقافة الصدامية جيلا بعد جيل من الحكومات الماضية وقد كنت مسؤولاً لقسم التأسيسات بمركز التدريب في وزارة الصناعة, و كانت الحزبيات والمحسوبيات والعشائريات و العلاقات الشخصيّة و العائلية هي الطاغية و الحاكمة كمقياس للحصول على المناصب و تطورت هذه الحالة لمراتب أعلى ليضاف لها التحاصص كقانون لحد هذا اليوم!!

 إن صدام نفسه كان يتبجح بذلك و يقول الواسطات و المحسوبيات لا يمكن القضاء عليها, فقد كلّف أحد مستشاريه و قال له : [كما تعرف إنني إخترت إبن عمي هاشم أخ (على حسن المجيد) ليكون محافظا للحلة لمحبتي الكبيرة لأهل الحلة الأصلاء .. و أريدك أن تأتيني بتقرير عن الوضع العام في الحلة من دون اخبار أحد بمأموريتك لأرى حقيقة الوضع).
 و جاء التقرير لصدام من قبل مستشاره مذهلاً و كأن الحلة في زمن إبن عم صدام قد تحول إلى دائرة من دوائرش الامن العامة!
 بعد ذلك سأل المستشار صدام بعد أخذ الأمان منه قائلا: سيدي الرئيس؛ هل كنت تعرف بذلك آلوضع المأساوي وبتلك الأوضاع التي إختلقها السيد هاشم حسن المجيد؟ أجاب صدام الكذب و النفاق و كأي عراقي تقريباً إلا إستثناآت لا حول ولا قوة لها: لا !؟
فقال المستشار : تلك هي الحقيقة يا سيدي و الأمر لكم!
 

العراقيون بصراحة يا صديقي مهدي : يحتاجون أول ما يحتاجون إلى دين سماويّ صحيح و رحيم غير هذه الأديان و المذاهب المنتشرة, حيث لا يوجد دين الأسلام الحقيقي في العراق كما باقي بلدان المسلمين و هذا وضعهم من الأول تقريبا, مراجعهم يؤمنون بأقل من عشر القرآن و الباقي لا يحسبونه من القرآن ولا يعملون به .. دينهم دين الملوك الذين يحكمونهم بآلحق أو الباطل, المهم هو عدم مواجهتهم لأنها تدخل ضمن (رمي النفس في التهلكة), بجانب كل هذا يحتاجون لنظام إداري و إنسانيّ مبني على أساس وضع مصلحة المواطن في المقدمة, بإعتبار المواطن هو الأصل و الوطن فرع اخدمة المواطن و ليس العكس كما يشير الحُكام لذلك كي يسخروا و يستفيدوا من حقوق الناس و طاقاتهم لاجل مصالح الحاكمين و كما وقع في العراق! و يحتاج أيضا إلى حكومة مركزية شعبية يقودها علماء في التأريخ و القانون و الاجتماع و الفقه و الأديان برواتب عادلة كباقي موظفي الدولة بحيث عندما يشرعون قانونا معينا ًيعرفون كيف و لماذا و متى و أين و إحتمالات النتيجة الأيجابية لا بد و أن تكون للشعب لا للحاكمين و المسؤوليين و هذا هو المفقود في عراق الجّهل و الظلم و  المؤآمرات و الكذب و الدّجل و المآسي بسبب فشل التعليم والأدب و الثقافة السائدة بعد فشل الدِّين و وجود إعلام مؤدلج يقوده مجموعات من المرضى العصابيين لا يمتلكون مقايس أو آيدلوجيا أو نهج أو مخطط هادف فيه بداية و نهاية و(فيد بكات) واضحة يمكن من خلالها تقييم و تصحيح مسار  ألخطة ألمرسومة لتحقيق ذلك, بإختصار فقدان الفكر الكوني الذي وحده هو المنقذ بدلا من الأفكار الحزبية و العشائرية و الديمقراطية و الليبرالية و غيرها من الأفكار المحدودة التي تصب لصالح الحاكمين مباشرة!

 إن كل كلمة قلتها آنفاً تحتاج لأخصائيين و علماء و فلاسفة يتصفون بآلصّدق و بالأمانة المستقاة من الدّين الحقيقي والغير معروف أساسا في الحوزة ألنجفية و الكربلائية وغيرها بشكل أخص ناهيك عن نهج الاحزاب و التيارات و الكيانات المتحاصصة و ثقافة الشارع العراقي الذي تتوقع منه كل شيئ إلا الأمان و السلام و التعامل الطيب و الثقة!
 والثالث(ألأخير): نحتاج إعلاماً هادفا لصالح الجميع عبر تساوي الفرص والأمكانات والضمانات المختلفة بالحقوق الأساسية الطبيعية!
 هذا هو بإختصار الوضع المطلوب لتحقيق سعادة الشعوب التي عليها أن تسعى لتثقيف نفسها و تغيير ذاتها الملطخة بآلظلم لتصلوا إلى حالة نكران الذات و إحترام الثقافة و الفكر كسبيل وحيد للنجاة, لتكونوا متواضعين حين ترون مُفكّراً أو فيلسوفا أو عارفا حكيماً يستجمع تلك الأختصاصات ؛ فإن الجميع يحاربوه ويقطعون حتى لقمة خبزه ..
 لأن جميع الحاكمين الذين حكموا أو الذين كانوا يحكمون من قبل قد حصلوا على مناصبهم بآلكذب و الخداع أو أنهم فُرضوا أو رُشحوا حزبياً أو بإشارة من المرجعيات المختلفة أو بآلتحاصص؛ يعني كلهم (باطل) و لا خير يُرتجى منهم لأنهم تسببوا في دمار البلاد و العباد في كل شيئ, لهذا فأن الأنتاج الوحيد الممكن منهم و من كل حكومة عراقية تُشكل بنفس المناهج؛ هي المزيد من الظلم و الطبقية و فسح المجال أمام المتحاصصين للنهب و الفساد من قبل رئيس الجمهورية و الحكومة و المجلس و القضاء و من حولهم من النواب و الوزراء ليضربوا ضرباتهم السّرية ألسريعة و العلنية و بطرق يصعب كشفها لأن كلّ عراقي شيطان أخرس لكنه تمرّس الفساد من آلبعث اللئيم الرجيم ثم جاءت الأحزاب الدّينية و الوطنية و القومية ليسرقوا ما تبقى باسم الله و أخطر شيئ يتحقق بأجوائه الفساد حين يظهر السياسي و كلمة الله على شفتيه! بجانب الظلم القانوني المبين و الساري لحد هذه الساعة في قضية الرواتب و المخصصات؛ فهناك فارق كبير بين راتب المسؤول و الرئيس و الوزير و النائب بحيث يصل آلاف أضعاف راتب مَنْ دونهم في الدرجة الوظيفية كراتب الفراش أو المقاتل أو الموظف البسيط أو المتقاعد المسكين!؟ و السبب أن كل مسؤول يحكم يعلم علم اليقين – للأسباب الآنفة – بأنه يأتي لمرّة واحدة ولا يعود ثانية لذلك لا بد من ضرب ضربة العمر لتأمين مستقبله و مستقبل أطفاله في المستقبل القادم الذي سيعود فيه وضع العراقي كما كان في الثمانينات و التسعينات يستجدي حتى من الحفاة و البدو و يفرح حين يحصل على قشور الرقي و البطيخ!!؟

 لذلك لا يمكن أن يستقر العراق أبداً خصوصا بعد فشل و فساد (حزب الدعوة الأسلامية) الذي كان أشرف حزب عراقيّ في السبعينات و الثمانينات بعد ما تبيّن أن الخط الأول و الثاني و آلثالث فيه قد أصبحوا جميعاً أغنياء و أصحاب بيوت و قصور و عمارات و أرصده في بنوك العالم المختلفة, و سيصل الوضع بعد أن أصبح العراق مديناً لدول العالم بسببهم إلى النقطة الحرجة(نقطة الأنهيار التام) و سيواجه كل عراقي جهنم أسوء من الجهنم الموعود في يوم القيامة .. للأسباب المخزية التي وضّحناها؛  كالدين الفاسد و آلتربية الفاسدة بسبب العلاقة الفاشلة بين الزوج و زوجته و هكذا باقي العائلة و كل المجتمع و كيفية تعامل الرجل مع المرأة بإعتبارها مجرد لعبة موجودة للهو مع الطفل و الجار و الشريك و ……إلخ! و لهذا نرى إن الأحزاب تهيئ الآن لتقديم وجوه جديدة للقيام بنفس دور من سبقهم, لكن الناس تعلم ذلك لأنها شهدت كل شيئ و الجميع شياطين و لا تفوتهم مثل تلك الحبائل مرة أخرى.
وعذراً على صراحتي الشديدة معكم  و التي باتت هي السبب في غربتي و تشريدي منذ نصف قرن .. بل و الله أكثر من نصف قرن .. و السلام عليكم يا عزيزي الذي تريد آلخير بتفكيرك .. لكن يستحيل ذلك من دون الأسس التي ذكرتها آنفاً و الله من وراء القصد.
ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد
 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here