البرلمان يصف انسحاب شركة دايوو من ميناء الفاو بـ الغامض والمريب

بغداد/ محمد صباح

وصفت لجنة الإعمار والخدمات البرلمانية تراجع شركة دايوو الكورية الجنوبية عن اتفاقها السابق مع وزارة النقل لتنفيذ مشروع ميناء الفاو الكبير” بالغامض والمريب” متهمة دولا إقليمية بالتدخل لإعاقة إكمال بناء “المشروع الكبير”.

وردت وزارة النقل على مصير الشركة الكورية وانهاء المفاوضات معها بالقول إنها “مازالت تتفاوض معها وستحسم كل شيء في غضون الـ72 ساعة المقبلة”، مبينة أنه في حال عدم توصلها إلى اتفاق مع شركة دايوو ستتجه للتعاقد مع الشركات الصينية.

ويصف مضر السلمان عضو لجنة الخدمات البرلمانية في تصريح لـ(المدى) انسحاب شركة دايوو الكورية عن العمل في ميناء الفاو “بالغامض والمريب” معتقدا أن الكثير من الأمور التي “اتفقنا معهم عليها أثناء المفاوضات تغيرت بشكل مفاجئ بعد تعيين مدير جديد للشركة بدلا عن السابق”.

وعثر على جثة رئيس شركة دايوو الكورية المنفذة لمشروع ميناء الفاو الكبير في البصرة جول بارك في التاسع من شهر تشرين الاول الماضي معلقة في حبل داخل إحدى القاعات الرياضية التابعة للمشروع في ظل ظروف غامضة من دون معرفة الأسباب هل هي قضية جنائية أو عملية انتحار.

وقبل هذا الحادث بعدة أسابيع توصلت وزارة النقل إلى اتفاق مع الشركة الكورية لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ميناء الفاو والمكونة من خمسة مشاريع من ضمنها بناء خمسة ارصف من أصل 90 رصيفا، وتعميق وكري القناة الشراعية التي تصل الميناء بالبحر، وإنشاء نفق مائي بعرض 30 مترا يربط الميناء بأم قصر، وطريق رابط بين الفاو والبصرة مع ساحات عمل لتفريغ وتحميل الحاويات.

هذه التغييرات بمواقف الشركة وتراجعها عن العديد من الاتفاقات التي توصلت إليها مع وزارة النقل دفعت لجنة الخدمات والإعمار النيابية إلى استضافة وزير النقل طبقا إلى السلمان، مؤكدة أن الغاية من هذه الاستضافة لمعرفة المشكلة”.

ويتوقع السلمان وهو ممثل لجنة الخدمات البرلمانية في لجنة التفاوض في ميناء الفاو الكبير أن “عملية استبدال مدير بمدير جديد كان مخططا لها استنادا للحوادث المتسارعة التي رافقت المفاوضات التي جرت بين الوزارة والشركة، منوها إلى أن المدير الجديد للشركة الكورية قدم عروضا جديدة لوزارة النقل تختلف عما تم الاتفاق عليه مع المدير السابق”.

وظهر وزير النقل ناصر بندر في مقطع فيديو مسرب وهو يخاطب على ما يبدو انه وفدا من الشركة الكورية بالقول “إنَّ الاتفاق معكم منذ البداية كان على أن يكون عمق القناة وحوض رسو السفن في الميناء هو 19.8 وليس 14.3 مترا، وأن الرقم الأخير لم يذكر أبدا”، مضيفا “إننا مقتنعون بعدم قدرة الشركة الكورية على تنفيذ هذا المشروع الكبير وفق المواصفات التي وضعناها”.

واما بشأن وجود تدخلات دولية لإعاقة تنفيذ هذا المشروع الكبير يجيب النائب عن كتلة تحالف سائرون البرلمانية بأن “هناك دولا كبيرة ومهمة في المنطقة ستتضرر من عملية انشاء ميناء الفاو الكبير، وهذا واضح من خلال الصراعات الحاصلة على إنشاء هذا المشروع، والتأجيلات المتكررة لاستمرار العمل به”. وصممت شركة ايطالية متخصصة مشروع الفاو الكبير ليستوعب 99 مليون طن من الشحن سنويًا بكلفة 46 مليون يورو ليربط الخليج العربي بأوروبا بواسطة شبكة حديدية تمر بالعراق وصولًا إلى القارة الأميركية.

وقبل عدة أشهر انجاز كاسر الأمواج الغربي والشرقي تحضيرا للبدء بتنفيذ المرحلة الأولى لبناء مشروع ميناء الفاو الكبير والتي ستكون عبر عدة مراحل تنتهي الأولى منها في العام 2024، والأخيرة منها في العام 2030.

ويرجح النائب عن محافظة ميسان أن تقوم وزارة النقل بالتفاوض مع شركة صينية لتكن بديلة عن الشركة الكورية بعد ان تراجعت عن اتفاقها السابق وطالبت أن يكون عمق القناة في الميناء 14.3 مترا بدلا من 19.8″.

ويقع الميناء في منطقة رأس البيشة بشبه جزيرة الفاو في محافظة البصرة، وتبلغ تكلفة المشروع حوالي 4.6 مليارات يورو، وتقدر طاقته المخطط لها بـ99 مليون طن سنويا، ليكون واحدا من أكبر الموانئ المطلة على الخليج العربي والعاشر على مستوى العالم، وتم وضع حجر الأساس لهذا المشروع يوم 5 نيسان 2010.

وتعلق وزارة النقل على الفيديو المسرب للاجتماع الذي جمع الوزير ناصر حسين الشبلي وشركة دايو الكورية انه” جزء من المفاوضات التي كانت تدور بشأن تكلفة المشروع الإجمالية، وعمق القناة التي تربط الميناء بالبحر”.

ويوضح فالح هادي المتحدث باسم وزارة النقل في تصريح لـ(المدى) أن الوزارة توصلت إلى اتفاق مبدئي مع مدير شركة دايوو السابق بإنشاء المرحلة الأولى من مشروع ميناء الفاو الكبير بكلفة تقدر بـ”مليارين وثلاثمائة وسبعين مليون دولار” وبمدة ثلاث سنوات، مستدركا لكن قبل أيام قليلة حضر وفد من شركة دايوو قادما من سيئول، وطلب مبالغ جديدة تضاف للاتفاق الأول.

وكان من المتوقع أن تباشر الشركة الكورية بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ميناء الفاو الكبير والمكونة من خمسة مشاريع من ضمنها بناء خمسة ارصف خلال شهر تشرين الأول الماضي تحضيرا لافتتاح الميناء في العام 2024، لكن عملية اغتيال أو انتحار مدير الشركة أعاق الكثير من الأمور.

ويضيف هادي أن “وفد شركة دايوو طلب مليارين وثمانمائة مليون دولار بدلا من المبلغ السابق الذي اتفق عليه المدير المتوفي مع وزارة النقل” مشيرا إلى أن “الـ72 ساعة المقبلة ستكون المفاوضات حاسمة مع الشركة الكورية الجنوبية”.

وتعود فكرة إنشاء هذا المشروع إلى الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، وأعيد طرحه مرة أخرى في سبعينيات القرن الماضي، وبدأت الخطوة الأولى للعمل منذ الثمانينيات إذ تم إنشاء الطريق السريع باتجاه بغداد والذي كان من المقرر أن يصل إلى تركيا إلا انه أجهض بسبب اندلاع الحرب العراقية الإيرانية حتى إعادة طرحه من جديد بعد العام 2003. ويتابع المتحدث باسم الوزارة أنه “في حال عدم الاتفاق مع دايوو الكورية في هذه الفترة سنتجه إلى شركات عالمية أخرى من ضمنها الشركات الصينية”، مؤكدا على أن النقطة الخلافية الوحيدة مع دايوو تتمثل في مبلغ العقد وعمق القناة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here