بين رؤيتين لنائب الرئيس و الرئيس….. قلق عراقي مشروع

بين رؤيتين لنائب الرئيس و الرئيس….. قلق عراقي مشروع

الدكتور / خليل الزبيدي

وأخيرا ً كُشف الحجاب عما كانتتحتويه صناديق الإقتراع في انتخابات الرئاسة الاميركية وعرف العالم بأجمعهبأن الرئيس السادس والاربعين لأميركاهو الديمقراطي جو بايدن ( ٧٨ عاما )بعد ان حقق فوزا لامعاً بحصوله على٢٩٠ صوتا ً في المجمع الانتخابي مناصل ٥٣٨ صوت ، وهذا مالم يتحققلأي رئيس أميركي سابق ، وقد تابعتوسائل الإعلام وبكل ما أوتيت منإمكانات هذا الحدث وكنا كمهتمينومثقفين وسياسيين وإعلاميين نتابعونرصد كل تفاصيل الحدث الأهم علىمستوى العالم ، ولنا في العراق حصةكبيرة من هذه المتابعة التي لا تخلو منالشعور بالقلق والترقب عما ستسفرهسياسة السيد الجديد للبيت الأبيضوهو المعروف لدى العراقيين على نحولم ينله أحد من الساسة الأميركيين مثله، فهو صاحب مشروع تقسيم العراقوهو من مؤيدي الإنسحاب الأميركيالعسكري من العراق كونه كان جزءًمهماً وفاعلاً من إدارة الرئيس باراكاوباما فهو نائب الرئيس لثمانية اعوام (٢٠٠٨ – ٢٠١٦ ) وقد زار العراق أكثر منعشرين مرة خلال الحقبة التي ذكرت . ان اكثر ما يهمنا من هذه الانتخاباتالتي سارت على نحو غير مسبوق هوعقلية الرجل الفائز وما يمتلكه من رؤيةازاء الفوضى التي تضرب العراق ،فلست منحازاً لطرف على حساب الآخربقدر حرصي على ان يقوم السيد بايدنبمسح شريط ذاكرته وإجراء عمليةفرمتة عاجلة لنمط تفكيره القديمعندما كان الرجل الثاني في إدارة اوباماوان يدرك بإن القلق الكبير الذي ينتابالعراقيين ناشئ عن خيبة الأمل من كل الحكومات المتعاقبة واخرها حكومةالسيد مصطفى الكاظمي فلازال الرجلخالي الوفاض ولم يقدم شيئاً ملموساًيستحق الذكر على كافة المستوياتفهيمنة المليشيات لازالت تتصدرالمشهد العراقي والفساد لازال الآفةالتي تنهش جسد الدولة بمؤسساتهاالمختلفة والإستخفاف بكل القيمالإنسانية وانتهاك كل قواعد وسلوكياتحقوق الانسان لازال للأسف هو الثقافةالسائدة في مجتمع تلبدت في سمائهكل غيوم الجهل والفساد والشعوذة ،مجتمع فقد بوصلته فلا يعلم بأي إتجاهيكمن بر الأمان . ولكن ثمة شريحةمهمة من هذا الشعب تحمل من الأفكاروالرؤى المنفتحة لازالت تحمل همومهذا الوطن وتدرك ان لا خيار لها غيرالشراكة الحقيقية والفاعلة مع واشنطنوإقامة السلام الشامل في المنطقة بمافيه التطبيع مع اسرائيل وان يكونالعراق بعداً استراتيجيا هاما ً لها و جزءًلا يتجزأ من أمنها القومي وتؤمن أيضاً بأن المصلحة العراقية يجب ان تدورفي فلك المصالح الاميركية ، الامر الذيدفع بهذه الشريحة وهي كبيرة كماًونوعاً بفعل تزايد حالة الوعي التيأفرزتها ثورة أكتوبر الى الإعتقاد الراسخبأن الحل للعراق المُثقل بأزماته يبقىخارجيا ً بعد حالة اليأس والإحباط التيأصابت عموم الشعب من أكاذيبالحكومات المتعاقبة منذ ١٧ عاماً . انالمخاوف التي تعتلج صدورنا فور اعلانفوز الرئيس بايدن تكمن في عدممعرفتنا لما ستؤول اليه الامور في بلد لايقف على حافة الهاوية بل هو فيعمقها بسبب الضائقة المالية وعجزالحكومة عن تسديد رواتب الموظفينبالإضافة الى تداعيات جائحة كورونافي ظل انهيار النظام الصحي ، فهل انرجل البيت البيضاوي الجديد لازاليفكر بطريقة وعقلية نائب الرئيس ؟ هللازال منقاداً الى أراء باراك اوباما ؟ ،وسط اتهامات واضحة لتلك الادارة فيحينها بأنها هي من أسهم وسهل دخولداعش للموصل واجتياح المنطقةالغربية بكاملها وصولا ً لحدود العاصمةبغداد فضلا عن اتهامها بتقوية الشوكةالايرانية من خلال توقيع الاتفاق النوويلدول الغرب مع ايران ، الأمر الذي زادمن نفوذ وهيمنة ايران ومليشياتها ليسفي العراق فقط بل في عموم المنطقة . لذا اعتقد ان هناك حزمة من الملفاتالعراقية المهمة والمفصلية ستواجهالرئيس الجديد وعليه أن يثبت جدارتهفيها منطلقاً من المسؤولية الاخلاقيةوالانسانية التي تحتم عليه دراستهاوالنظر فيها بعناية فائقة منها مستقبلالوجود الأميركي العسكري في العراق،وطريقة التعامل مع خطر تنظيم داعشالذي لايزال قائماً ، و خطر التمددوالسيطرة الإيرانية على العراق، فضلاًعن تنامي دور المليشيات المواليةلايران وبروز الفساد الذي استشرى فيكل مفاصل الدولة ليصبح ثقافة سائدة، وسياسة تكميم الافواه من خلالعمليات الاختطاف والاغتيال التي تطالالناشطين والمثقفين دائما ً ، وهيملفات تثير انقسامات حادة بينالأوساط العراقية إذ تتصور الأحزابالشيعية الموالية لإيران أن فوز السيدجو بايدن سيعمل على تهدئة الصراعمع إيران، فيما تذهب الأحزاب السنيّةوقسم كبير من الشيعة ( من غيرالولائيين ) إلى التفكير بطريقة مغايرةتماماً ناجمة عن المخاوف والقلقاللذان أشرت الى اسبابهما سلفا ً ،خصوصاً بعد ان لمسوا شيئا ً من الحزموالقوة ازاء سياسة ايران طيلة فترة حكمالرئيس ترامب ، مما قاد الى تحجيمدورها في المنطقة بعض الشئ وهذهحقيقة علينا ان نعترف بها و نحسبهالصالح سياسة ادارة الرئيس دونالدترامب . إن تعليق الآمال علىالانتخابات الأمريكية ونتائجها يدل علىانعدام وجود سياسة عراقية مستقلةعن التأثيرات الخارجية، بسبب حالة اللادولة التي نعيشها منذ عام ٢٠٠٣ ولغايةالان ، بالاضافة الى حالة التشظيالسياسي التي تتميز بها عموم الطبقةالسياسية . وفي الوقت الذي أدركت فيهالولايات المتحدة أن وجود إيران علىالخط يعتبر تهديدًا مباشرًا لإستقرارالعراق الذي لم ينجح الى الان في إقامةعلاقة استراتيجية أو تحالف حقيقي معالولايات المتحدة بعد أن يئست الأخيرةمن إيجاد حلول للفساد، والسلاحالمنفلت، والمليشيات الموالية لإيران ،فالعراق بات بالنسبة لايران مفتاحاً للحل في استراتيجيتها في المنطقة ، حيث عملت على إبعاده عن محيطهالعربي وإفشال علاقته مع الولاياتالمتحدة وقد نجحت بذلك .فماذاسيفعل الرئيس ؟؟ هل سيقوم بتخفيفالعقوبات المفروضة على ايران مقابلتقليص انشطة برنامجها النووي ؟ هلسيقوم بانسحاب شبه كامل للقواتالعسكرية وسط تحديات لازالت تشكلتهديدا كبيراً والمتمثلة بتنظيم داعشوترك العراق لقمة سائغة لداعش وايران؟ هل تغير رأيه حول تقسيم العراقوتقطيعه الى ثلاث اجزاء ام لا زالمتمسكاً به وسط دعوات شعبيةومجتمعية تناهض هذا المشروع؟ أعتقد ان على السيد بايدن ان يستمرمن حيث انتهى ترامب في الملفالنووي الايراني وان لا ينساق معتصريح الرئيس روحاني الذي يقول فيه( ان فوز بايدن اعطى فرصة لواشنطنلتصحيح اخطائها ) وان يبعث برسائلمطمئنة للشعب العراقي من حيث ماتمليه عليه مسؤوليته المهنيةوالاخلاقية وان يكون أكثر حزما ً وردعاًفي التعامل مع الملفات التي من شأنهاسلب العراق أمنه وأستقراره ، وان لايتسرع في موضوع الانسحابالعسكري الأميركي من العراق وان يثبتان أميركا هي امة عظيمة لانها دولةمؤسسات لن تتأثر بهذا الصوت او ذاكوانها ماضية في مشوارها باتجاه شرقاوسط آمن ومستقر وليعلم الساسة فيبغداد انها لن تمد لهم يد العون مالميتم اجراء اصلاحات حقيقية وجوهريةفي كل القضايا والازمات التي أسلفت ،اخيرا ً وبعد ان عرفنا ما كان يفكر بهنائب الرئيس نتمنى ان نرى ماذا سيفعلالرئيس وكيف سيفكر ؟؟؟؟.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here