ترمب و سياسة الانكفاء العسكري الداخلي

ترمب و سياسة الانكفاء العسكري الداخلي

بقلم مهدي قاسم

إذا وضعنا بعض التصرفات الحمقاء التي اتسمت بها سياسة ترمب الخارجية فأنه يُعد أفضل رئيس أمريكي الذي وضع مصالح أمريكا العليا فوق كل مصالح العالم بما في ذلك مصالح حلفائه من حكومات غربية ، و بذل كل جهده ليكسب كثيرا من مال و استثمارات وعقد صفقات أسلحة و تجارية أخرى لصالح المواطن الأمريكي أو لأمريكا بشكل عام لخلق مئات آلاف من فرص عمل عبر تنشيط عمليات استثمارية واسعة ..

ربما السبب يرجع لكونه رجل أعمال ينظر حتى إلى السياسة نظرة تاجر مسكون بهاجس ربح وخسارة ، طبعا ، سعيا إلى كسب و ربح قدر الإمكان .

ولكن الأهم من ذلك هو تميز سياسته الخارجية عن باقي الرؤساء الأمريكيين السابقين بالانكفاء العسكري نحو الداخل ، أي بدلا من توسع أو تدخلات عسكرية هنا و هناك من بقاع العالم قام ترمب بسحب أغلب قواته العسكرية كل من العراق و سوريا و غيرها ، كما عقد اتفاقية ” سلام ” مع ” الطالبان برعاية قطرية ، تهدف إلى سحب القوات الأمريكية من أفغانستان أيضا ، إلى جانب بناء سعي متواصل لتطوير علاقات دبلوماسية أو صداقة شخصية مع الرئيس الكوري الشمالي لعقد بعض اتفاقات سياسية بهدف تقليل من التوتر الأمني أومن خطر التصادم العسكري بين الكوريتين ..

و ضمن هذا المنحى وعلى الرغم من” التحرش الإيراني ” بسفن عسكرية أمريكية مرارا وكذلك بحلفاء أمريكا في المنطقة فلاحظنا أن ترمب لم ينجر إلى مواجهة عسكرية مع إيران ، وإنما كان يكتفي بفرض عقوبات اقتصادية بين حين وآخر وتشديد تلك العقوبات كلما ازداد تحرش النظام الإيراني و استفزازاته الآنفة الذكر لجر ترامب إلى تصادم عسكري مباشر ، و حتى بعد عمليةاغتيال الجنرال سليماني وضرب إحدى القواعد العسكرية بصواريخ في العراق من قبل إيران ردا على ذلك ، فأن ترمب لم يرد بضربة عسكرية مماثلة بالرغم من إن الضربة الإيرانية قد نالت من هيبة أمريكا كدولة عظمى تعرضت قواتها لهجوم صاروخي إيراني متعمد ..

و أظن حتى بعد فوز ترمب برئاسة ثانية ـــ لو حدث ذلك حقا ــ لما كان سيقدم على مهاجمة إيران لإسقاط نظام المعممين ، مثلما عوَل كثيرون على ذلك من عراقيين وعرب من المعادين للنظام الإيراني …

لقد وجد ترمب أن استخدام سياسة العقوبات الاقتصادية ضد خصوم أمريكا ، أكثر تأثيرا من لعلعة سلاح و دوي مدافع فاستعان بها بديلا عن حروب أو تدخلات عسكرية مباشرة ..

فحتى الحمقى يتسمون أحيانا من خلال بعض مواقفهم بالحكمة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here