فنانون و كتّاب أسهموا في خسارة ترمب

فنانون و كتّاب أسهموا في خسارة ترمب

بقلم مهدي قاسم

منذ بدايات رئاسته ، و بسبب أسلوبه الفج و الفظ تصادم ترمب مع النخب الثقافية والفنية والإعلامية والثقافية الأخرى الذين كان القسم الأغلب منهم أما من مستقلين أو آخر كان محسوبين على معسكر الديمقراطيين واليساريين عموما ، فخاضوا حملات تسقيط ضده ، حيث انضمت إليهم قطاعات واسعة من فئات وشرائح اجتماعية مختلفة ـــ من كلا الجنسين ــ كانت ساخطة و ناقمة عليه ، سيما من معسكر نساء إذ أنه لم يخف احتقاره للنساء ، فضلا عن استياء و سخط الأقليات العرقية الأخرى مثل أفارقة سود و بالأخص من القادمين من دول أمريكا اللاتينية ، وذلك بسبب موقفه المتشدد من الهجرة ، إضافة إلى إثارة سخط غالبية المسلمين المقيمين في أمريكا و الذين انزعجوا من عدائه الصريح ضد المسلمين ومنعهم ــ تمييزا ــ من زيارة أمريكا ..

و رجوعا إلى موقف المثقفين والفنانين و الإعلاميين المعادي ضد ترمب فقد كان هذا الموقف مهما ومؤثرا جدا على قطاع واسع من الشارع الأمريكي وذلك لشعبيتهم الواسعة كممثلين ومغنين ، فمن هنا بدأ منحى أو مجرى الانتخابات متجها لصالح المرشح الديمقراطي بايدين ، ومما زاد الطين بلة هو استخفاف ترمب بالصحفيين و الإعلام عموما ، إلى حد ناصبته قناة “سي أن أن ” العداوة الصريحة وقد جرت بين الطرفين تهجمات واتهامات متبادلة ، إضافة إلى صحف معتبرة أخرى اتخذت منه موقفا معاديا ، وبدلا من أن يسعى إلى كسبهم وإلى تحييدهم ــ على الأقل ــ فكان يبادلهم عداء و فظاظة في رده المتواصل عليهم ، كما أنه انخرط في مشادات كلامية فظة مع ممثلين مشهورين كبار مثل روبرت دي نيرو و كذلك مع مغنين سود وغيرهم ..

فهنا ينبغي القول أنه لابد أن يكون المرء غبيا بشكل فادح و بليد لحد لا يمكن تخّيله ، لكي يعادى مثقفين وفنانين وكتّابا و صحفيين بل وقنوات تلفزيونية ورؤساء تحرير صحف في الوقت الذي يريد العمل في السياسة و يرّشح نفسه لمنصب رئيس دولة !!..

غير أن الأهم في هذا كله هو استجابة القسم الأكبر من الشارع الأمريكي لموقف هؤلاء المثقفين والكتاب والفنانين والمطربين الذين دعوا إلى عدم التصويت لترمب ، من خلال فضحهم لسلوكه العنصري ــ حسب وصفهم ـ ولمجمل سياسته الداخلية ــ التي أدت إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وفقا لتعبير المعارضين لترمب ــ و كذلك السياسة الخارجية المربكِة والحافلة بتوترات خفية حتى مع أقرب حلفاء كألمانيا..

طبعا كل هذا لا ينفي حرص ترمب على مصالح أمريكا العليا والإخلاص لها ووضعها فوق مصالح العالم أجمع ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here