أ هذا برلمان أم مبغى؟!

محمد مندلاوي

عزيزي القارئ الكريم، في دول الأوروبية صاحبة الاختراعات والابتكارات التي أفادت وتفيد البشرية جمعاء، وتحديداً في دولة فرنسا، التي جاء منها مصطلح الـ”برلمان = Parler” الذي يعني الحوار، أي: بادله الكلام، وشعبياً يقال: أخذ وعطا. إنه – البرلمان- يمثل عموم الشعب وله مهمتان رئيسيتان لا ثالث لهما التشريع والرقابة. لكي تكون هذه المسؤولية الخطيرة بأيدي أمينة عادة ما يكون عضو البرلمان من كلا الجنسين من أبناء العوائل المعروفة بالوطنية والنزاهة وذات خبرة وتجربة في عالم السياسة أو الاقتصاد أو القانون الخ. إلا فيما تسمى البلدان الإسلامية أو المسلمة ومنها العربية وتحديداً الكيان العراقي المصطنع حيث أن عضو البرلمان ذكراً كان أم أنثى، غالباً ما يكون وتكون فاسداً ومرتشياً حتى النخاع، ويحمل أو تحمل شهادة دراسية مزورة صادرة من سوق مريدي، أو يحصل عليها بالمجان ودون عناء من الوزارة التي وزيرها من جماعته أو جماعتها. ليس هذا فقط، بل يتباهى وتتباهى من على شاشات التلفزة، بأنه أو أنها مرتشي وهي مرتشية، وأنه حَصَنَ وضعه المالي من خلال أخذ الرشوة هذا بالنسبة للأفندي. وكذلك السافرة السابقة والمحجبة الحالية هي الأخرى اعترفت دون أن تعرق جبينها وشاهدتها الملايين من على الشاشة الفضائية إنها أخذت الـ”كومشن” (Commission) أي: وكيل بالعمولة للبضائع، وهي التي اعترفت في وسائل الإعلام المرئية إنها وضعت ملف كركوك في درج وأخرته أربعة أعوام. بينما هي مادة دستورية حدد لها الدستور تاريخاً للانتهاء من كل مراحل تطبيقها إلا وهو عام 2007، وهي التي أقسمت على تطبيق جميع مواد وبنود الدستور من الجلد إلى الجلد. أليس ما قامت به هذه الموتورة كفيلة أن تشعل نيران العداوة القومية عند الكورد ضد العرب؟ إلا أن الكورد شعب متحضر ومسالم لم يأخذ اجترارها على محمل الجد. عزيزي المتابع، كان هناك وزيراً للدفاع اختلف مع بعض أعضاء البرلمان عن توزيع نسبة السرقات بينهم وعليه سحبوا منه الثقة وطردوه تحت ذريعة الفساد، لكن هذا الوزير المطرود بتهمة الفساد جاء به القزم حيدر العبادي إلى كتلته والآن عضو في ذات البرلمان، ألم نقل لكم أنه برلمان مَسْخَرة. عزيزي القارئ، بعد أن وضعنا أمامك جزءاً يسيراً من خيانات هذه الطغمة السنية الشيعية الفاسدة وهم اعترفوا بمحض إرادتهم ودون إكراه بأخذ الرشوة وخيانة العهد، والحنث بالقسم وفي المقابل لم تحرك البرلمان المَسْخَرَة ساكناً تجاههم!!. يا ترى، بعد كل هذا هل بقت أية شرعية لدى هذا البرلمان غير الشرعي حتى يصدر قانون قرقوشياً بقطع أرزاق شعب جنوب كوردستان؟.

عزيزي القارئ اللبيب، أن كافة القوانين التي أصدرها البرلمان المسخرة غير قانونية وغير شرعية لأنها تخالف النصوص الدستورية الاتحادية التي تقول في مادته رقم 65: يتم إنشاء مجلس تشريعي يدعى بـ(مجلس الاتحاد)… . لكن بعد مرور 17 سنة على فتح العراق وإنهاء حكم حزب البعث المجرم على يد جيش الأمريكي وتسليمه السلطة على طبق من ذهب إلى الأعاجم الناطقون بالعربية، أعني أحفاد ابن العلقمي، ويشاركهم في السلطة بعضاً من سنة المالكي، أحفاد أبو رغال، أين هذا المجلس الذي عند إنشاءه سيحافظ على التوازن العددي بين ممثلي القوميتين العربية والكوردية بخمسين بالمائة لكل منهما؟؟!!.

طبعاً من حيث اسم البرلمان تجد أن أي شعب في العالم اختار اسماً من وحي لغته القومية لبرلمانه، إلا أن مضمونه واحد كـ: مجلس النواب كما في مملكة المغرب، أو مجلس الشعب كما في مصر سابقاً، أو مجلس العموم كما في بريطانيا، أو مجلس الأمة كما في الكويت، أو الجمعية الوطنية كما في فرنسا،أو الكونجرس كما في أمريكا، الخ. إن غالبية هذه الشعوب المذكورة وغيرها التي لديها برلمانات بحدود مائتي نظام سياسي يسود في غالبيتها حكم القانون، حيث أن الكثير من برلماناتها تتكون من مجلسين،أي: ثنائي التمثيل، تتشكل من غرفتين، الغرفة الأولى تسمى المجلس الأعلى، والغرفة الثانية تسمى المجلس الأدنى حتى لا تتسيد الأكثرية العددية على الأقلية العددية وليس القيمية، ويكون التصويت في المجلس الأول بأغلبية الأصوات، بينما في المجلس الثاني الذي يجب أن يمر عليه كل قانون يصدر من المجلس الأول ويكون عدد أعضاء الإقليمين فيه بالتساوي. مثل جنوب كوردستان والعراق، فأي قانون يصدر من المجلس الأعلى ويحصل على أكثرية الأصوات يجب أن يمر على المجلس الأدنى ويحصل على موافقته، وبهذا تكون العدالة قد تحققت على مستوى دولة الاتحاد. لكن في الظروف التي مر بها العراق لسبب ما لم يؤسس مجلس الاتحاد،لكي لا تتسيد القومية التي لديها أكثر عدداً من النواب في البرلمان اتفق القادة العراقيون والكوردستانيون على أسلوب حضاري من ثلاثة بنود شبيه بمهام ذلك المجلس إلى أن يتسنى لهم تأسيسه، وهذه البنود الثلاثة هي: التوازن، التوافق، الشراكة. لكن للأسف الشديد أن محيسن وأنس لم يعهدوا على الوفاء بالعهد لقد خرقوا هذا الاتفاق عدة مرات وآخره تصويتهم العنصري المقيت على قطع أرزاق شعب جنوب كوردستان الجريح.

هناك بعض كورد الجنسية ذكوراً وإناثا لا يتعدون عدد الأصابع في اليد الواحدة شاهدتهم في وسائل الإعلام المرئية يتباكون ويذرفون دموع التماسيح على عدم تسليم جنوب كوردستان نفطه لسراق أموال العراق أصحاب فتوى: مال مجهول المالك. حقيقة لا أدري، لماذا هؤلاء كورد الجنسية لا يبكون على عدم تطبيق المادة 140 التي مضى على عدم تطبيقها من قبل السلطة في العراق 13عام! لماذا لا يبكون تحت قبة البرلمان العراقي على عدم دفع مستحقات قوات الـ”پێشمەرگە” وتسليحها كما يُسلح الجيش العراقي وقوات ميليشا الحشد الشعبي! لماذا لا يبكون على عشرات الخروقات الدستورية التي تقوم بها شيعة السلطة.

هنا نتساءل، يا ترى ما الجدوى من وجود البرلمانيين الكورد في بغداد إذا كان التصويت في برلمان الكيان الاتحادي العراقي بأغلبية الأصوات وممثلي محيسن وأنس يشكلون الأغلبية، بلا أدنى شك غداً يرفعوا أياديهم بإلغاء الاتحادية (فيدرالية)، وإلغاء إقليم جنوب كوردستان الخ.

الذي نقوله هنا بصوت عالي،أن كل من صوت ومن حرضه ويحركه من خلف الكواليس كدمى عرائس لتمرير قانون قطع أرزاق شعب جنوب كوردستان الجريح ليس فقط عنصرياً وطائفياً بل مشكوك في أخلاقه، وأخس وأحط من هؤلاء الهمج الرعاع ذلك الكوردي المظهر عربي المحتوى ذكراً كان أم أنثى الذي يبرر لهذا الاعتداء الغاشم على حقوق شعب كوردستان الجريح، الذي تتكالب عليه قوى الشر والبغي من الجهات الأربع.

“أولاد القحبة! لست خجولاً حين أصارحكم بحقيقتكم إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم” (مظفر النواب)

16 11 2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here