أكثر من عشرة ملايين موظف وعوائلهم

أكثر من عشرة ملايين موظف وعوائلهم
المنتظرة لخبز حلال كل شهر (( الراتب ))
د . خالد القره غولي ..
أعلى درجات الفساد في أي بلد مهما كان فقيرا أن تلجأ حكومته إلى حلول تؤثر على قوت المواطن اليومي وبخاصة رواتب الموظفين والمتقاعدين.. وفي العراق وفي ظل حكومة تغرق مؤسساتها بالفساد لم تجد حلا لمشاكلها المالية سوى إستقطاع نسب من رواتب الموظفين والمتقاعدين..
العراق يصدر أكثر من أربعة ملايين برميل من النفط يوميا بمتوسط سنوي تم تثبيته بسعر ٤٠ دولارا للبرميل الواحد في ميزانية عام ٢٠١٧ أي بوارد سنوي مقداره أكثر من ثمانية وخمسين مليار دولار وبما يعادل أكثر من مئة وعشرين مليون مليون دينار عراقي! وعلى وفق الإحصاءات المقدمة لصندوق النقد الدولي فإن للعراق موارد مالية أخرى تجاوزت في عام ٢٠١٥ أكثر من خمسة عشر مليار دولار كان معظمها يعتمد على السياحة الدينية والتبادل التجاري والضرائب الداخلية والرسوم الكمركية والمتغيرات الروتينية في أسعار النفط وهي في مجملها تتجاوز الأربعين دولارا.. تضاف هذه المبالغ إلى الإستقطاعات الثابتة والنسب المستوفاة من الأرباح والقروض والسلف والجبايات والموارد الأخرى..
في العراق ونتيجة لتحكم إمبراطورية كاملة من الطغاة الفاسدين على اللجان المالية في مجلس النواب ومستشاري الرئاسات الثلاث الماليين وبعض المرجعيات السياسية التي أنهكت العراقيين بغبائها.. فإنهم لم يجدوا حلا لمشاكل العراق وأزماته غير اللجوء إلى رواتب الموظفين في كل ميزانية وبحجج عجيبة جميعها كاذبة.. في بداية ما يسمى بالأزمة الإقتصادية تم إستقطاع نسبة من الرواتب بحجة التقشف تلتها إستقطاعات أخرى للحشد الشعبي والنازحين.. الأمر الأهم أن هذه الإستقطاعات ماتلبث أن تدخل في معاجم الفاسدين حتى يخرج لك حوت كذاب من الحكومة يبكي بعد فوات الأوان ويعلن أن رواتب الحشد الشعبي لم تصل إليه ولم توزع والأموال المخصصة للنازحين سرقت من هذا الفاسد في رأس السلطة أو ذاك! وتبدأ العودة مرة أخرى إلى رواتب الموظفين لتحديد نسب من إستقطاع جديد وكأن الموظفين والمتقاعدين يعملون تحت قبة وبيوت هؤلاء! رواتب الموظفين خطوط حمراء تستند وتعتمد على أسس دستورية وقواعد وقوانين ثابتة لايمكن لأحد في السلطتين التشريعية والتنفيذية أن يتلاعب بها على مزاجه وماتم إستقطاعه من الرواتب لعبة سياسية وثغرة كبيرة لفساد إقترحه متلاعبون بمصير أكثر من عشرة ملايين موظف وعوائلهم المنتظرة لخبز حلال كل شهر..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here