ابتزاز الفاسدين حق مشروع

ابتزاز الفاسدين حق مشروع، نعيم الهاشمي الخفاجي

كثير من الدول التي تملك نظام صاحب سلطة وقوة قامت في مصادرة أموال المسؤولين الذين استغلوا مناصبهم لكسب المال، لكن الوضع بالعراق مختلف تماما فنحن لا نملك نظام مستقر وقوي وإنما نعيش في دوامة صراعات قومية ومذهبية منذ ولادة العراق الحديث عام ١٩٢١، بالعراق تقليص رواتب الرئاسات الثلاث وإلغاء الرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث والنواب البرلمانيين والحكومات المحلية والمناصب الخاصة التي تضاعف إعدادها ليصل إلى آلاف مؤلفة وبرواتب تقاعدية انفجارية ما أنزل الله بها من سلطان، هذه الرواتب أن قننت فهي كافية على دفع رواتب ملايين الموظفين والمتقاعدين وتنهي العجز بالميزانية العراقية، هناك دول خليجية اعتقلت أمراء وتم إجبارهم على اعادة عشرات مليارات الدولارات رغم أن تلك الدول الخليجية فاسدة، عندما يكتب المؤرخون كتب التاريخ الغاية يأتي الأبناء والاحفاد والأجيال اللاحقة للاستفادة من ما كتبه المؤرخون، اليوم استوقفتني قصة لوالي عثماني في الشام كيف استطاع اعادة أموال ضخمة من المفتي الفاسد والقاضي المرتشي اليكم نصها، والى دمشق أسعد باشا يقال أنه كان بحاجه إلى المال للنقص الحاد في مدخرات خزينة الولاية
فاقترحت عليه حاشيته أن يفرض ضريبه على صناع النسيج في دمشق
فسألهم أسعد باشا :
وكم تتوقعون أن تجلب لنا هذه الضريبه ؟
قالوا : من خمسين الي ستين كيساً من الذهب

فقال أسعد باشا : ولكنهم أناس محدودي الدخل فمن أين سيأتون بهذا القدر من المال ؟
فقالوا : يبيعون جواهر وحلي نسائهم يا مولانا

فقال أسعد باشا : وماذا تقولون لو حصلت على المبلغ المطلوب بطريقه أفضل من هذه ؟
فسكت الجميع

في اليوم التالي قام أسعد باشا بإرسال رسالة إلى المفتي لمقابلته بشكل سري
وبالليل وعندما وصل المفتي قال له أسعد باشا :عرفنا أنك ومنذ زمن طويل تسلك في بيتك سلوكاً غير قويم
وأنك تشرب الخمر وتخالف الشريعه
وإنني في سبيلي لابلاغ اسطمبول
ولكنني أفضل أن أخبرك أولاً حتى لا تكون لك حجة علي
هنا المفتي المفجوع بما يسمع أخذ يتوسل ويعرض مبالغ مالية على أسعد باشا لكي يطوي الموضوع
فعرض أولاً ألف قطعة نقدية فرفضها أسعد باشا
فقام المفتي بمضاعفة المبلغ ولكن أسعد باشا رفض مجدداً
وفي النهايه تم الاتفاق على ستة آلاف قطعة نقدية
وفي اليوم التالي قام باستدعاء القاضي
وأخبره بنفس الطريقة وأنه يقبل الرشوة ويستغل منصبه لمصالحه الخاصة
وأنه يخون الثقة الممنوحة له
وهنا صار القاضي يناشد الباشا ويعرض عليه المبالغ كما فعل المفتي
فلما وصل معه إلى مبلغ مساوي للمبلغ الذى دفعه المفتي أطلقه
بعدها جاء دور المحتسب والنقيب وشيخ التجار وكبار أغنياء التجار
بعدها قام بجمع حاشيته الذين أشاروا عليه ان يفرض ضريبة جديدة لكي يجمع خمسين كيساً
فقال لهم : هل سمعتم أن أسعد باشا قد فرض ضريبة في الشام ؟
فقالوا : لا ما سمعنا
فقال : ومع ذلك فها أنا قد جمعت مائتي كيس بدل الخمسين التي كنت ساجمعها بطريقتكم
فتسألوا جميعاً : كيف فعلت هذا يا مولانا ؟

فأجاب :
إن جز صوف الكباش خير من سلخ جلود الحملان

فهل سيأتي اليوم الذي يجز فيه صوف حيتان الفاسدين وحواشيهم
بدل سلخ جلود المواطنين ؟.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
15.11.2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here