من تأريخ الأزهر (١)

من تأريخ الأزهر (١)، الدكتور صالح الورداني
______________
وضع الفاطميون حجر الأساس لبناء جامعة الزهراء بعد أن تم بناء القاهرة في عام 361ه بهدف نشر علوم أهل البيت..
وقام الأيوبيون بإغلاقها بعد إسقاطهم الحكم الفاطمي وظلت مغلقة قرابة المائة عام حتى جاء الظاهر بيبرس فأعاد فتحها لتكون قاعدة لنشر علوم أهل السنة ويتحول اسمها من الزهراء للأزهر..
ومنذ ذلك الحين كانت لعبة الحكام ومركز الصراع بين المذاهب الأربعة..
وظلت على هذا الحال حتى استولى الترك على مصر ، وفرض عليها المذهب الحنفي مذهب الدولة العثمانية آنذاك..
وطوال تلك القرون سيطر على الأزهر عقل الماضي والتعصب المذهبي وباءت محاولات محمد عبده لإصلاحه وتطويره في العصر الحديث بالفشل..
وتحدث الجبرتي عن ثورة رجال الأزهر عام‮ ‬1192هـ على‮ ‬الشيخ عبد الرحمن العريشي‮ ‬مفتي‮ ‬الحنفية الذي‮ ‬سعى‮ ‬لتولي‮ ‬منصب شيخ الأزهر بدعم من الأمير المملوكي‮ ‬إبراهيم بك قال:
وتزعم مشايخ الأزهر الشافعية الثورة على‮ ‬الشيخ العريشي‮ ‬ورفضوا توليه مشيخة الأزهر،‮وشكوا إلى‮ ‬إبراهيم بك ومراد بك،وذكروا أن العريشي‮ ‬حنفي‮ ‬المذهب،وهذا المنصب من مناصب الشافعية،‮وليس للحنفية فيه قديم عهد،‮وقدموا دليلاً‮ ‬آخر وهو أن العريشي‮ ‬ليس من أهل مصر،وإنما هو من أهل الشام‮ .. ‬
ورفض أمراء المماليك إجابة طلب الشافعية ،وقالوا إن مذهب النعمان‮ ـ ‬أي‮ ‬أبي‮ ‬حنيفة‮ ـ مذهبهم والأمراء حنفية،والقاضي‮ ‬حنفي،‮والوزير حنفي،‮والسلطان حنفي..
فزادت ثورة الشافعية وتجمعوا في‮ ‬ضريح الشافعي،‮فذهب إليهم مراد بك مع أمراء المماليك..
فقال له ابن الجوهري‮ ‬كبير الشافعية‮:لابد من فروة تلبسها للشيخ العروسي‮ ‬وهو‮ ‬يكون شيخاً‮ ‬للشافعية وذاك شيخاً‮ ‬على ‬الحنفية،‮كما أن الشيخ الدردير شيخ المالكية،والبلد بلد الإمام الشافعي‮ ‬وقد جئنا إليه،‮وهو‮ ‬يأمر بذلك،‮وإن خالفت‮ ‬يخشى ‬عليك..
‮فأحضر مراد بك فروة وألبسها الشيخ العروسي،‮ثم ركب الجميع إلى‮ ‬إبراهيم بك..
وغضب الشيخ العريشي‮ ‬لما حصل وذهب إلى ‬الشيخ أبي‮ ‬الأنوار السادات والأمراء المشايعين له،‮فألبسوه فروة أيضاً..
وتفاقم الأمر بين شيوخ الأزهر،‮ ‬وصاروا حزبين:
حزب مع العريشي..
وحزب مع العروسي..
وثار طلاب الأزهر من الشوام والمغاربة الذين تعصبوا للعريشي‮ ‬ومنعوا العروسي‮ ‬من دخول الأزهر..
واقتتل طلاب الشام مع الأتراك وقتلوا واحداً‮ ‬من الترك وجرحوا جماعة،‮ ‬وغضب إبراهيم بك وطلب من العريشي‮ ‬أسماء الطلبة الشوام،فأرسل إليه أسماء جماعة لا وجود لهم، ولما لم‮ ‬يجدوهم‮ ‬غضب إبراهيم ومراد وبقية الأمراء لكونهم من الترك،وقرروا الإطاحة بالعريشي‮ ‬وتعيين العروسي‮ ‬مكانه..
وهكذا انتهت هذه الرواية المضحكة بإنتصار الشافعية على‮ ‬الحنفية بمعونة الغز،‮وهى‮ ‬إن دلت على ‬شئ فإنما تدل على ‬مدى ‬تخلف رجال الأزهر وإرتباطهم الدائم بالحكام وهو حالهم في‮ ‬كل زمان‮..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here