قصة سجين اسمه قاسم بحقبة نظام صدام جرذ العوجة الهالك،

 نعيم الهاشمي الخفاجي
أن ماحدث بعهد البعث وصدام الجرذ من جرائم وانتهاكات يندى لها جبين كل انسان شريف، لكن فلول البعث لايندى جبينهم، لأنهم فاقدوا الإنسانية والشرف، هم بشر لكن قلوبهم قلوب حيوانات متوحشة، نضع اليكم قصة سجين كتب الله عز وجل له النجاة،
 لقائي مع والدتي “هاشمية” في “أبوغريب”
((من الزمن البعثي )).
في أول يوم من رمضان قبل إطلاق سراحي بعامين بعد عشر سنوات من حكم المؤبد، نودي باسمي عبر مكبرات الصوت في السجن رقم (1) طالبين ان أكون جاهزا.
ولا أعرف كيف أكون جاهز ماالذي يريده أمن سجن ابوغريب مني
 وماذا تعني هذه الكلمة لسجين محكوم عليه بالمؤبد ؟.
إلاّ إن كل الاحتمالات وردت لي وإلى اخوتي السجناء.
قالوا لي السجناء : ربما  اعتراف جديد .
 ربما فُتِح التحقيق من جديد.
دقائق و أتوا رجال الأمن، يهرولون كعادتهم
 قاسم ! وينك ! تعال انزل.
عصّبوا عيوني، وامسكوا يقتادوني من القيد.
 اوقفوني لحظات سمعت وتحسست أحدهم يرش علي مادة معطرة (قاتل الحشرات ).
كعادتي تخيلت أنهم ذاهبون بي الى الموت، ولأنَّ رائحتي نتنه جداً استوجب أن يرشوا عليَّ معطرا حتى لاينزعج الجلّادون والذباحون ريثما يتموا عملهم  .
 فقال أحدهم  للضابط سيدي قابل هي راح تشمه ؟.
 أجابه على الفور:  ولك غير هي أُمه شلون ماتشمه.
 قلت مع نفسي تلك هي خدعهم فتوقعت كل شي.
ادخلوني الى قاعة بعد أن فتحوا القيد والعصابة من عيني.
شاهدت في القاعة اربعة عوائل ، كل اسرة تجلس في زاوية من القاعة الكبيرة.
 بعدها أدخلوا سجناء ثلاثة من سجون تسمى “المفتوحة”  اي الذين لهم مواجهة كون أحكامهم قليلة وكلٌّ منهم ذهب لأسرته يحتضنها باكيا بصمت وخوف …
 ولم يبق في القاعة إلّا انا واقفا لا أعرف ماذا أفعل؟ .
جاء الضابط
قال انت ليش واگف ؟ وين أهلك ؟.
 قلت له : لا أعلم.
أتت من الزاوية إمراة خاوية.
قالت : يمة قاسم وياكم هنا ؟.
قلت لها : ياقاسم حجية؟
قالت : قاسم ابني اني أمه هاشمية وگالوا أكو مواجهة.
حينها جاء عمي السيد جاسم  قال لي :عمي انت ياهو؟
بعد عمك احنه گالونه تعالوا واجهوا ابنكم وماندري وين نواجهه؟.
 حينها صرخ احد السجناء الذي يجلس مع أمه بنفس القاعة وتعالى صوت امه بالبكاء قال لي : قاسم عرّفها بنفسك … احچي موتتنا .. ليش ساكت مو أمك هاي؟.
نظرتُ اليه لتخبره دموعي الحبيسة بعيوني؛ وليعرف اني تخنقني العبرة وتمنعني النطق
وبعد ان تمالكني البكاء بصمت ودموع ساكبة .
قلت لها يمه هاشمية حبيبتي اني قاسم😭
قالت لايمه قاسم حلو وزغيرون وما مشيب وبيه شعر.
قلت لها يمه والله اني قاسم وهذا عمي سيد جاسم بن سيد مولى واخوتي فلان وفلان وانت هاشميه ام حاتم ومزهر وعلي وقاسم وعبدالله.
أُغمي على أُمي وهي تعانقني
السيد جاسم ينشج وقال بصوت متهدج لامي : ولچ اسكتي خلي نشوفه
اجلستها وجلسنا على الارض والكل يبكي علينا.
وأُمي تكرر: يمه ريحتك ريحة ابني بس ابني زغيرون.
وانا اكرر القول والتأكيد انا قاسم واتفنن بمسح دموعي وكبْت عبراتي والتعريف والتأكيد لامي انا قاسم.
تأكدت هاشمية هذا هو قاسم.
دقائق أفاقت أمي سالتها عن كل السنين وعن الباقين من اخوتي قالت رحلوا ولم يبق بس عبد الله
واخبرتني انها دفنت حاتم فاين مزهر وعلي ؟.
ماذا اقول لها ومزهر أُحرق بالتيزاب وعلي لا اعرف عنه شي
سألتها كيف تمكنت من مواجهتي ؟.
خنقتها العبرة قالت يمه : قبل خمس سنوات سلموني ورقة واستلمت جنازة حاتم وامس هم سلموني ورقة وقالوا مواجهة وما مصدگة عبالي هم استلم واحد منكم ادفنه، وبقينا في الباب ثلاث ساعات جاء الضابط قال : وين هاشمية ساري؟
 ابنج قاسم هاشم راح تواجهينه روحي للتفتيش فتشوني وفتشوا عمك وقالوا ممنوع اي حديث والمواجهة نصف ساعة.
قالت يمته تطلع وكم سنة انت مسجون قلت لها عشرين عاما
صاح الضابط : انتهت المواجهة.
فعن أي زمن جميل تتحدثون، قصص مؤلمة انا كاتب السطور رأيت قصص لا يصدقها العقل واذا الكاظمي سمى نفسه الشهيد الحي هههههه فأنا نجوت من خمسون مرة من موت محقق ونجوت من إعدام بساحة الاعدام هيأ الله لي صديق من البصرة النقيب شاكر التميمي ليكون سببا في نجاتي، آخرها فوج مغاوير كلف في إلقاء القبض علينا عندما عبرت صوب قوات التحالف وأيضا آمر الفوج الرائد محمد الشمري تأخر وسمح لي بالعبور وهو من أبلغني عندما تم اسره في سجن قاعدة تبوك الجوية.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here