جائحة كورونا أنعشت التجارة الألكترونية في العراق

بغداد/ سمر ربيع

مع ظهور شبكة الأنترنت، ظهر مصطلح (التجارة الالكترونية) في العقد الأخير من القرن الماضي، والذي أدى إلى تحولات اقتصادية كبيرة في العالم، حيث تتم العديد من التعاملات التجارية في العالم عن طريق المراسلات الإلكترونية والصوت والصورة عن بُعد، وذلك عن طريق شبكة الإنترنت، وهذا بسبب التطورات التي شهدها قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

أما في العراق فقد ظهر مصطلح التجارة الإلكترونية في عام 2007 تحديداً، ولكن بشكل ضعيف جداً، ما يجعله هشاً ولا يرتكز على مقومات صحيحة، ومع ذلك فقد بدأ بالانتشار في بعض المناطق، حيث إنّ الأغلبية من العملاء في العراق لا يزالون يفضلون معاينة السلعة قبل شرائها والتفاوض على سعرها، كما أنّ بعض العاملين بهذا المجال يعتمدون أساليب ملتوية للبيع والشراء ما جعل عدداً كبيراً من العملاء لا يفضلون هذه الطريقة خاصة عند شراء السلع الإلكترونية.

الضوابط العامة للعمل الألكتروني

ومع تطور التكنلوجيا الحديثة وعولمة الاستيراد والتصدير اصبحت مواقع التواصل الالكتروني ومحركات البحث وغيرها متطورة الى الحد الذي يسمح بافتتاح مشروع الكتروني خاص يكتسب أرباحاً كبيرة تكاد تفوق المتاجر الواقعية .

حيث أكد مسؤول لجنة التسويق في غرفة تجارة بغداد، فلاح حسن، لـ(المدى) أن “هناك ضوابط عامة على صاحب المشروع سواء كان واقعياً او الكترونياً ، فيجب أن يملك شركة مسجلة رسمياً بالدوائر المعنية ذات العلاقة و أن يكون حائزاً على هوية غرفة التجارة في حال الاتجار بمنتجات مستوردة من قبل الشركة نفسها ” مضيفاً أن”على الشركة أن تخضع لضوابط البنك المركزي للدفع الالكتروني في حال تزويدها لخدمات الدفع الالكتروني”.

وأوضح أنه “تقوم غرفة تجارة بغداد بمتابعة دورية للتجار ومشاريعهم ومتابعة احتياجاتهم من خلال زيارات المشاريع على أرض الواقع وتشمل أيضاً المتاجر الالكترونية من خلال تكوين قاعدة بيانات بالمشاريع الألكترونية وتوجيه دعوات لهم لحضور ندوات ومؤتمرات تناقش التطورات في هذا المجال “.

وأضاف “وتدعم غرفة التجارة أيضاً ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة من خلال تقديم الورش والدورات للشباب الريادي وتشجعيهم على تسجيل مشاريعهم كشركة في مسجل الشركات وحجز الأسم التجاري في غرفة تجارة بغداد، حيث أن نسبة كبيرة من المشاريع الناشئة تصب في مجال التجارة الإلكترونية”

وبين أنه “يتم معاملة المتاجر والمشاريع الألكترونية معاملة الشركات حيث تتبع كل شركة الضوابط المرسومة من الدوائر المعنية بمتابعة الحسابات والضرائب وفي حال كون صاحب المشروع يمارس عمله كتاجر مصدر أو مورد فأنه يحصل على امتيازات كثيرة من خلال حصوله على هوية غرفة التجارة”.

تسهيلات غرفة تجارة بغداد للشباب الريادي

وأشار حسن الى أن”غرفة تجارة بغداد تقدم خدمات عديدة منها حجز الأسم التجاري وفق الضوابط المعمول بها على أن يكون الاسم غير مكرر وأن يكون باللغة العربية الفصيحة وأن يكون معروفاً الى جانب ذلك تمنح الغرفة هوية التاجر التي تمنحه حق الاستيراد والتصدير وإمكانية الحصول على فيزا التاجر لتسهيل السفر والتنقل بين الدول والاقامة “.

وتابع “تقوم غرفة تجارة بغداد بعقد ندوات ومؤتمرات في مجالات التجارة المختلفة وتشجيع التجار وأصحاب المشاريع الناشئة من خلال إعداد قائمة بالتجار المميزين وتكريمهم والثناء على مشاريعهم إعلامياً كونها مشاريع مميزة”.

ويقوم قسم ريادة الأعمال بتطوير وتدريب أصحاب الأفكار والمشاريع وتقديم التسهيلات بالتنسيق مع حاضنات ومسرعات الأعمال العالمية والمحلية.

وفي ذات السياق بين السيد علي الجنابي صاحب مشروع بيوتي هاوس الألكتروني للوحات والديكور المنزلي، لصحيفة المدى أنه” فتح الانترنت افاقا جديدة للتجارة امام الشباب لاسيما العاطلين عن العمل وممن لا يملكون شهادات أو خبرات مهنية حيث باتت الصفحات الألكترونية مصدر معيشي مهم للكثير منهم “.

وأضاف الجنابي أن “مواقع التواصل تفرض قيوداً والتزامات ترويجية من حيث إعداد الأشخاص الذين يتم وصول ترويج منتجاتنا اليهم، مثلاً مقابل الدولار الواحد يصل ترويجنا الى 500 شخص بينما في السابق كان لكل دولار واحد 1000 متابع لكن هذه الالتزامات لا بأس بها أمام مايمكن أن نحصل عليه في المقابل من إعلان وعدد أكبر من الزبائن “.

ويبيّن أن “للتجارة الألكترونية فوائد ومضار من فوائدها أنك لاتدفع رسوم أو ضرائب حكومية وباب ربح مفتوح لمن لديه خبرة جيدة في إدارة الأعمال التجارية والمضار أنه لايوجد لدينا أية ضوابط أو شروط ممنهجة في حال تلاعب الزبون وعدم الشراء بعد التوصيل أو بحال إرجاع القطعة متضررة أو إغلاق هاتفه وعدم استطاعتنا الوصول إليه “.

وأضاف أن”موقع التواصل الفيسبوك وفّر خاصية الاستهداف للفئات التي سوف تتابع الصفحة وتتعرف على البضائع المتوفرة ويتم تحديد المناطق والجنس والعمر وهي خاصية جميلة جداً في العمل الترويجي التجاري الى جانب أنه عند إطلاق حملة إعلانية يجب أن يبقى العملاء تحت المراقبة لساعات عمل قد تصل الى 20 ساعة عمل”.

وأوضح أنه” يتم شحن البضائع عن طريق شركات الشحن الدولي والتي بدورها تكون متكفلة بكافة الضمانات ولكن في بعض الأحيان علينا الذهاب الى مصادر البيع للتعرّف على جودة البضائع قبل الشحن”.

وبين أن “التغيير الذي يطرأ بين فترة وأخرى على خوارزميات الفيسبوك مثلاً ومشاكل الترويج والإعلانات هي أحد أكثر المشاكل التي تصادفنا في العمل التجاري الألكتروني وهذه المشكلات لايمكن التنبؤ بها إلا حال حدوثها “مشيراً الى أن “احتمالية فرض الحكومة العراقية الضرائب على التجار الالكترونيين كبيراً أسوة بدول العالم”.

المنافسة الألكترونية

وتقول السيدة زمن صاحبة مشروع زمن هوم الألكتروني للسجاد، لصحيفة المدى إن”العمل الألكتروني أصبح هو الأقرب للناس باعتبار أن العالم الداخلي والخارجي أصبح مدمن مواقع تواصل وتصفح تطبيقات أكثر من الشارع “.

وبينت أن”الترويج الالكتروني مهم جداً على بطاقة الماستر لجذب أكبر عدد من الزبائن وبعد الترويج يتم الاكتفاء بعدد الزبائن الموجودين في الصفحات لاسيما ترويج الانستغرام”،موضحة أن”المنافسة كبيرة بين التجار الالكترونيين لاسيما ممن يعرضون نفس البضائع ولكن يبقى جودة المنتج وأسلوب التعامل مع الزبائن وسرعة التوصيل وغيرها من الامتيازات التي يخلقها صاحب المشروع هي مايسجل الفارق بين المشاريع والصفحات التجارية”.

وأضافت أن”حتى الآن لم تفرض ضرائب ،ومن وجهة نظري في حال تدخل الحكومة بالعمل الألكتروني لن يبقى هناك نجاحات تذكر لأصحاب المشاريع الرقمية، فاتمنى أن يبقى التدخل الحكومي بعيداً عن التجارة على شبكات الانترنت”.

وأوضحت “بالنسبة لعملي في مجال السجاد أبرمت عقداً مع شركة تركية ويتم تزويدي بالبضائع التي اختارها وأكثر القطع المتوفرة في صفحتي الخاصة من تصميمي وأنا انفردت بهذه الخاصية بين المشاريع المنافسة “.

التصفح التجاري اختصر الوقت

فيما قالت السيدة منال محمد للمدى إن “من أفضل مميزات الانترنت على الاطلاق هي فتح آفاق شراء “أونلاين” فمنا من لايستطيع الخروج لأسباب عدة استطاعت الصفحات التجارية اختصار الوقت وبأسعار جيدة وقابلة للتفاوض والتعامل كما في المحلات الواقعية “.

وتبين “أختار ما أريد شراءه من ملابس أو مواد تجميلية ويتم خصم السعر كما في المحلات ويتم إيصالها لباب البيت مقابل مبلغ خمسة آلاف دينار غير قابلة للاسترجاع حتى وإن رفضت أخذ المنتج لعدم توافقه مع المعروض في الصفحة “.

وتتابع أن “التجارة الألكترونية سهلت الكثير على المواطن وهناك صفحات لأدوات كهربائية ومنزلية ترسل هدية مع المنتج المطلوب كما حصل معي عند شرائي لسجادة أرسل لي هدية جهاز ستلايت وهذا نوع جميل من كسب الزبائن”.

مميزات التجارة الألكترونية

في العراق

بدأت التجارة الإلكترونية بالانتشار في العراق خلال الفترة الماضية، والذي شجع على ذلك العديد من المميزات والإيجابيات منها:

-انخفاض أسعار السلع والمنتجات مقارنة بالمعروضة في الأسواق والمحال التجارية التقليدية.

– شراء العديد من المنتجات العالمية غير الموجودة في السوق العراقي وبأسعار مقبولة.

-القدرة على البحث عن السلع والمنتجات المختلفة دون عناء الذهاب إلى الأسواق وذلك ما أدى إلى توفير الوقت والجهد والمال.

– توفير تكاليف مرتفعة قد يضطر صاحب المتجر لدفعها كالإيجار وأجور العمال.

معوقات التجارة الإلكترونية في العراق

إن التجارة الإلكترونية في العراق حالها كحال التجارة الإلكترونية في الوطن العربي بشكل عام، إذ إنّها تعاني من العديد من المعوقات والتي تتلخص بالآتي:

– حصول العديد من جرائم الاحتيال والغش في بعض البضائع.

-التعرض للعديد من المشاكل خلال الشحن الدولي، كما قد يحدث أحياناً سرقة بعض البضائع عند إدخالها إلى البلاد.

-عدم وجود قوانين لحماية البائعين والمشترين عند التعرض لمشاكل السرقة أو الغش والاحتيال.

-قلة عدد الأشخاص الذين يستخدمون البطاقة الائتمانية للدفع وذلك بسبب ضعف القطاع المصرفي.

وانتشرت الى جانب انتشار المتاجر الالكترونية شركات التوصيل حيث تم افتتاح الكثير من شركات التوصيل البري والجوي داخل العراق تقوم بتوصيل جميع الطلبات داخل المدن أو الى خارج المحافظات والى الكثير من دول العالم أيضاً مقابل مبالغ يتم الاتفاق بها مسبقاً مع الصفحات التجارية أو المحال التقليدية “.

وأيضا فتح آفاق العمل الالكتروني المستجد نوعاً ما على العراقيين فرص عمل كبيرة تدار من المنزل لاسيما للنساء واللائي لايستطعن العمل خارج المنزل لساعات كثيرة حيث بات مصطلح المندوب رائج جداً وهو العمل بإدارة المبيعات الكترونياً داخل المنزل وإنشاء إعلانات خاصة للمنتج ،ويتم التفاوض شهرياً على المرتب من خلال عدد المبيعات التي تتم شهرياً .

حيث تقول المندوبة رنا والتي تعمل لصالح إحدى صفحات مواد التجميل،لصحيفة المدى إنه”بعد تخرجي من الجامعة حاولت العمل بشهادتي دون جدوى أو حتى بالشركات الأهلية وبعد البحث وجدت نفسي أمام العمل الألكتروني من البيت من خلال إدارتي للمبيعات لأحدى الماركات التجارية في مجال التجميل وبدأت العمل مقابل أرباح شهرية “.

وتبين أن “الأرباح غير مستقرة بين ال100 دولار الى 300 دولار في أيام العمل الجيد لكنها جيدة مقابل إني جالسة في البيت والعمل على الانترنت فقط ويتم التوصيل من خلال شركة توصيل يتم اتفاق رئيس العمل معهم مسبقا”.

كوفيد- 19 وازدهار المشاريع الألكترونية

ومع نشاط فايروس كورونا المستجد عالمياً بداية 2020 وإغلاق جميع المتاجر ونقاط البيع التجاري الى جانب حظر التجوال المنظم آنذاك، نشط مع الفايروس، البيع الألكتروني والذي يشمل متاجر الألبسة والمواد المنزلية والطبية والمطاعم وغيرها ،ليفتح آفاقاً تجارية واسعة بقيت مستمرة حتى اليوم ، أي بعد إعادة فتح المراكز التجارية وعودة الحياة الى طبيعتها ، إلا أن بعض العوائل لاتزال تتحفظ من الخروج الى الأسواق والاختلاط خوفاً من التعرض الى العدوى ولايزال الشراء الالكتروني هو الحل الأنسب لديهم .

منظمات عالمية تدعم التجارة الإلكترونية

هناك بعض المنظمات العالمية التي أقامت مؤتمرات لدعم التجارة الإلكترونية، حيث أعلن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمیة المسمى(أونكتاد) توقيع عقد بينه وبين المؤسسة الدولیة لتمویل التجارة الإسلامیة، وذلك من أجل تسهيل تقييم مدى جاهزية دولة العراق للمشاركة بركب التجارة الألكترونية ومدى استفادتها منها، حيث إن هذا المشروع قدم 3 فوائد للعراق، وهي:

-تعزیز فهم جاهزیة دولة العراق للتجارة الألكترونية.

-زیادة الإجراءات الوطنية التي هدفها تعزیز تبني التجارة الألكترونية في المنطقة.

-تعزیز الوصول إلى التعاون التقني المتاح بین التجارة الألكترونية لجمیع الشركاء وتداول فرص الاستثمار المختلفة بین أعضاء مجلس أعمال التجارة الألكترونية والتنمیة.

6 شركات توصيل مرخصة فقط!

ومع ازدهار التجارة الألكترونية، ازدهرت خدمات التوصيل إلى المنازل، حيث أنشئت عشرات شركات التوصيل في عموم العراق.

لكن وزارة الاتصالات قامت أخيراً باطلاق حملة لمنع الشركات غير المرخصة من العمل.

وأعلنت الوزارة أخيراً، ضوابط منح الرخص للشركات والمكاتب العاملة في مجال نقل وتوصيل البضائع.

وقالت الوزارة في بيان إن “مجلس إدارة الشركة العامة للبريد والتوفير حدد الرسوم والأجور المقتضى دفعها للحصول على اجازة وممارسة نقل البريد بمبلغ 75000000 خمسة وسبعين مليون دينار للشركات الأجنبية و 45000000 خمسة وأربعين مليون دينار سنوياً للشركات المحلية”.

وأضاف البيان أن “عملية فعل وممارسة الشركات الأهلية لنقل وتوصيل البريد والسلع بدون إجازة أو رخصة يعد جنحة يعاقب عليها القانون في المادة ( 30 ) من قانون البريد العراقي رقم ( 97 ) لسنة 1973 المعدل وعقوبتها الحبس البسيط لمدة ستة أشهر “.

وتابع، “كما ألزم قانون البريد في نص المادة ( 3 ) عملية نقل الطرود والرزم وتوصيل السلع والحاجيات حقاً حصرياً لشركة البريد والتوفير ولا يجوز لغيرها ممارستها إلا بموجب إجازة أو وكالة بريدية “.

وبحسب وزارة الاتصالات فإن “الهدف من الحملة التي شرعت بها الشركة بالتعاون والتنسيق مع الجهات الأمنية ذات العلاقة.. هو السيطرة على عمل هذه الشركات ومتابعتها وتصويب عملها وفق القانون لأغراض أمنية وتنظيمية واقتصادية بالإضافة الى تسديدها المستحقات المالية لشركة البريد والتوفير”.

وأشار البيان إلى أن “كل هذه الإجراءات تمت وفق القانون والموافقات الأصولية، حيث بلغ عدد الشركات المسجلة والمرخصة رسمياً” ( 6 ) شركات وهي : (شركة DHL أرامكس – تقدم العراق – توصيل – شوبيني أكسبرس – طريق السلطان )”.

وتداولت وسائل إعلام ومنصات، في وقت سابق، معلومات عن دخول شركات سعودية على خط أعمال توصيل ونقل البضائع داخل العراق، عبر استثمارات في شركات منها “البريد العراقي”.

وتحدثت وسائل الإعلام ذاتها، عن حملة شنتها الجهات المعنية على شركات التوصيل العراقية، أدى إلى إغلاق كثير منها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here