شهادة ثمينة من ابن قبة الرازي

شهادة ثمينة من ابن قبة الرازي، مروان خليفات

تعال معي أيها الإمامي الى هذه التحفة التي تزيدك عشقا لأئمتك ونهجك الذي أنت عليه.

هذا الرجل العبقري الذي ذكرت اسمه كان معتزليا عاش بين الفرق دهرا طويلا مطلعا على خفاياهم كما اشار في أحد كتبه حتى اتخذ قراره بموالاة الائمة الأثني عشر ع على الطريقة الامامية .

قال النجاشي في ترجمته : (محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي أبو جعفر ، متكلم ، عظيم القدر ، حسن العقيدة ، قوي في الكلام ، كان قديما من المعتزلة ، وتبصر وانتقل . له كتب في الكلام … )
فهرست اسماء مصنفي الشيعة ، ص 375 – 376

وقال ابن النديم : ( ابن قبة وهو أبو جعفر محمد بن قبة . من متكلمي الشيعة وحذاقهم . وله من الكتب ، كتاب الانصاف في الإمامة ، كتاب الإمامة) .
فهرست ابن النديم ، ص 225

وقال ابن شهر آشوب : ( محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي أبو جعفر ، المتكلم الفحل ، له كتب في الإمامة منها : كتاب الانصاف ، المستثبت نقض كتاب المسترشد للبلخي ، التعريف في مذهب الإمامية وفساد مذهب الزيدية، نقض كتاب الاشهاد لأبي زيد العلوي)

عده ابن أبي الحديد من تلاميذ أبي القاسم البلخي شيخ المعتزلة في زمانه، قال اثناء توثيقه للخطبة الشقشقية : ( وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبى القاسم البلخي رحمه الله تعالى ، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضى رحمة الله تعالى موجودا).
شرح نهج البلاغة ، ج 1 – ص 205 – 206

ذكر أحمدُ بن الحسين الهاروني ابن قبة في كتابه ( اثبات النبوة ) ص 11 ـــ 12 مترحما عليه مشيرا لأحد كتبه في الرد على الإسماعيلية وقد عده من شيوخه !! لكن لا بمعنى التلقي المباشر عنه .

عاش ابن قبة في القرن الثالث الهجري وتوفي قبل سنة 317هـ، فهو معاصر لأحداث الغيبة الصغرى ومطلع على اللغط الذي حصل آنذاك.

بعد هذه الترجمة الموجزة نأتي إلى الشاهد من هذا العرض كله ، حيث قال ابن قبة في أحد كتبه وهو يرد على أحد المخالفين : (وأما قوله : ” إنهم ادعوا للحسن ولدا ” فالقوم لم يدعوا ذلك إلا بعد أن نقل إليهم أسلافهم حاله وغيبته وصورة أمره واختلاف الناس فيه عند حدوث ما يحدث ، وهذه كتبهم فمن شاء أن ينظر فيها فلينظر…

ثم ما زالت الاخبار ترد بنص واحد على آخر حتى بلغ الحسن بن علي عليهما السلام فلما مات ولم يظهر النص والخلف بعده رجعنا إلى الكتب التي كان أسلافنا رووها قبل الغيبة فوجدنا فيها ما يدل على أمر الخلف من بعد الحسن عليه السلام وأنه يغيب عن الناس ويخفى شخصه ، وأن الشيعة تختلف وأن الناس يقعون في حيرة من أمره ، فعلمنا أن أسلافنا لم يعلموا الغيب وأن الأئمة أعلموهم ذلك بخبر الرسول ، فصح عندنا من هذا الوجه بهذه الدلالة كونه ووجوده وغيبته )

هاتان الفقرتان من كتابه : نقض الإشهاد، وهو الذي نقل الشيخ الصدوق أكثره إلى كتابه كمال الدين وتمام النعمة، ص 137 و 143

فوائد هذا النص :

أولا : قوله رحمه الله : (وأما قوله : ” إنهم ادعوا للحسن ولدا ” فالقوم لم يدعوا ذلك إلا بعد أن نقل إليهم أسلافهم حاله وغيبته وصورة أمره واختلاف الناس فيه عند حدوث ما يحدث ، وهذه كتبهم فمن شاء أن ينظر فيها فلينظر)

فيه دلالة على أن سلف الامامية في القرون التي سبقت عصر ابن قبة قد أثبتوا في كتبهم الولد للحسن العسكري ع، وغيبة الإمام وصورة أمره واختلاف الناس فيه عند حدوث ما يحدث !

ثم أحال لكتبهم، وكلامه هذا قبل أن يظهر كتاب الكافي وغيبة النعماني والغيبة للطوسي قبل أن تظهر هذه الكتب للوجود.

وهذا يدلك على أن أمر الغيبة ليست اختراعا قام به المؤسسون كما يزعم المغرضون، بل ذكرها أئمة اهل البيت ع، كما في شهادة ابن قبة الرازي الذي أحال على الكتب السالفة للتأكد من أمرها. وليس مثله من يحيل على العدم فيفضح نفسه أمام الخصوم الذي تصدوا للرد على كتبه لا سيما كتابه (نقض الاشهاد )

ثانيا : قوله : ( ثم ما زالت الاخبار ترد بنص واحد على آخر حتى بلغ الحسن بن علي عليهما السلام فلما مات ولم يظهر النص والخلف بعده رجعنا إلى الكتب التي كان أسلافنا رووها قبل الغيبة فوجدنا فيها ما يدل على أمر الخلف من بعد الحسن عليه السلام وأنه يغيب عن الناس ويخفى شخصه ، وأن الشيعة تختلف وأن الناس يقعون في حيرة من أمره ، فعلمنا أن أسلافنا لم يعلموا الغيب وأن الأئمة أعلموهم ذلك بخبر الرسول ، فصح عندنا من هذا الوجه بهذه الدلالة كونه ووجوده وغيبته )

في فقرته هذه تأكيد على الكتب التي صنفها السلف من الامامية ـــ في القرون المتقدمة ــــ وما احتوته تلك الكتب من أمر غيبة الإمام وأمر الخلف من بعد الإمام العسكري ع، واختلاف شيعته والحيرة، وكلامه هذا شهادة صادقة نقلها لنا عن الكتب المتقدمة التي كانت لاحقا معتمد الشيخ الصدوق والنعماني والطوسي وغيرهم في تقريرهم للغيبة ومتعلقاتها .

فما أتعس وأجهل أولئك الذين زعموا اختراع الاثني عشرية للمهدوية والغيبة، فهذه شهادة من مفكر عملاق عاصر تلك الفترة ونقل عن الكتب المتقدمة ما يشهد لعقيدة الإمامية الآن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here