العراق ومواصلة المراوحة في المتاهة نحو المجهول

العراق ومواصلة المراوحة في المتاهة نحو المجهول

بقلم مهدي قاسم

منذ سقوط النظام السابق الذي عوّل عليه غالبية الشارع العراقي خيرا ، منتظرين تغييرا إصلاحيا لصالح المواطن نحو أفضل و أحسن ، ولكن بدلا من ذلك دخل العراق متاهة شائكة مثل شبكة صياد لا يعرف الذيل من الرأس ولا الأمام من الخلف ، وعبثا انتظر المواطن 17عاما صعبا و شاقا و داميا خروج العراق من هذه المتاهة نحو دروب رحبة ومستقيمة مشعة بضياء ونور مستقبل مجيد سعيد ، إلا أن المتاهة زادت سنة بعد سنة تعقيدا و تشابكا لحد أضحى أشبه بضياع وشيك ، وذلك لسبب بسيط ومفهوم وهو :

ــ لا يمكن لعصابات الجريمة المنظمة واللصوصية ومجموعات بلطجية وميليشيات مدججة بالسلاح وفوق ذلك ذات تبعية وولائية لأجندة خارجية ، أن تقود دولة ، لأن همها الوحيد ــ وكما هومعروف ــ ليس قيادة وإدارة شؤون وأمور الدولة إنما التركيز بالأساس على ابتكار و تفنن لإيجاد وسائل غير شرعية لمواصلة سرقة ونهب المال العام لآخر عقار أو فلس موجود ..

بينما واقع الحال يقول هذا ما هو موجود و جار بالضبط في العراق منذ انهيار النظام السابق على إثر غزوه وحتى هذه اللحظة..

وكرباط الموضوع : أود أن أشير إلى أنني استغربت لسنوات طويلة من سلوك الإدارة الأمريكية السابقة ( في عهد بوش الابن ــ حيث استغربت تحديدا من تسليم السلطة إلى مثل هذه الأحزاب والمليشيات التي كانت معروفة جيدا بسلوكها ونهجها الفكري والعقائدي و طبيعة ميولها السياسية والتبعية عند أجهزة المخابرات الأمريكية ومراكز الأبحاث الاستراتيجية ، و خاصة معروفة بولائها المطلق للنظام الإيراني ، أقول استغربت من إقدام الإدارة الأمريكية على تسليم مقاليد السلطة لهذه الأحزاب و المجموعات المسلحة القادمة من إيران ، بعد كل خسائر هائلة و فادحة في أموال وأرواح التي قدمتها أمريكا أثناء و بعد غزوها للعراق ، لاكتشف في الأخير أن الغاية كانت تكمن ــ أصلا ــ ليس في إقامة نظام ديمقراطي إنما إدخال العراق في متاهة رهيبة لا لها أول ولا آخر ، بعدما وجدت الإدارة الأمريكية في الأحزاب الإسلامية الشيعية ــ السنية وميليشياتها المختلفة والكثيرة كقوى وحيدة و مناسبة لتقوم بهذه المهمة التخريبية والتدميرية لكي يبقى العراق مثل سفينة جانحة في عرض البحر يتقاذف بها الإعصار يمينا ويسارا جنوبا و شرقا ضمن مصير مزري و مجهول سيستمر إلى زمن طويل بحيث أخذ الشعب العراقي بسبب ذلك يتوق إلى السيء تفاديا للأسوأ الذي غالبا من يكون سيئا مقبولا لكون الأتي أكثر سوءا من سابقه بين حكومة و أخرى تشكلها هذه الأحزاب ذاتها ضمن محاصصة و تقسيم السلطة ومصادر المال العام فيما بينها ..

وكلما وودنا قوله في النهاية أنه :

فالعراق الآن لا هو متماسك كدولة ذات هيبة واعتبارا و سيادة وطنية راسخة ، ولا منقسم انفصالا إلى دويلات أوكانتونات كارتونية و هزيلة..

ففي النهاية إن الأحزاب الشيعية لا تريد التقسيم حتى ولا الأقلمة ، طبعا ليس بدوافع وطنية أو حرصا على وحدة العراق ، لا أبدا ، لأن كل ذلك معدوم عندها أصلا ، إنما لكون النظام الإيراني لا يريد ذلك خوفا من انعكاساته السلبية ـــ في حالة حدوثه ـــ على القوميات الإيرانية المختلفة ودفعها إلى المطالبة بالانفصال أو التقسيم ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here