{إِنَّ الدينَ عنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ}

{إِنَّ الدينَ عنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ}، الدكتور صالح الورداني
————————
الإسلام هو الانقياد بالتذلل والخشوع، والفعل منه أسلم بمعنى دخل في السلم..
فتأويل قوله:”إنّ الدّين عند الله الإسلام”: الطاعةُ له، وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذّلة، وانقيادُها له بالطاعة فيما أمر ونهى، وتذلُّلها له بذلك..
من غير استكبار عليه، ولا انحراف عنه، دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودة والألوهية..
وعلى هذا الأساس يجب أن نفهم معنى الإسلام الذي ورد في نصوص القرآن الأخرى مثل:
(وَوَصَّى بِه إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة/ 134:133
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران/85
قال أهل اللغة : يُقَال: فلانٌ مُسْلِم، وَفِيه قَولَانِ: أحدُهما: هُوَ المُستَسْلِم لأمر الله..
وَالثَّانِي: هُوَ المُخلِص لله العبادةَ، من قولِهم: سَلَّمَ الشيءَ لفلانٍ، أَي: خَلَّصَه، وسَلِمَ لَهُ الشَّيْءُ، أَي: خَلَّصَ لَهُ..
ورُوِيَ عَن النبيِّ( ص) أنّه قَالَ: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ..
وأَسْلَمَ أمرَه إلى الله، أي سَلَّمَ. وأَسْلَمَ، أي دخل في السَلْمِ، وهو الاستسلام. وأَسْلَمَ من الإسلام..
والمُسْلِم التّامٌّ الإِسْلام مُظْهِرٌ الطاعةَ مُؤمِن بهَا..
وَالْمُسلم الَّذِي أَظْهَرَ الْإِسْلَام تَعَوُّذاً غَيْرُ مُؤمن فِي الحَقِيقة، إِلَّا أنّ حُكْمَه فِي الظَّاهِر حُكْم المُسْلِم..
وما نخرج به من هذا كله أن الأديان تقود إلى التسليم لله بالوحدانية والإلتزام بالإيمان والعمل الصالح..
وكل دين يخرج عن هذه القاعدة فليس بإسلام وليس بدين..
ولا مكان له عند الله..
وهذه هى الحقيقة التي يجب أن يعيها كل مسلم..
والدين يتركز في محيط الله والرسول والكتاب أوالقرآن..
وما دون ذلك من أمور فهى من صنع المذاهب والروايات..
وقد نتج عن هذه المذاهب والروايات التعدي على الله سبحانه كما في الروايات التي تتعلق بصفات الله تعالى والتي تقود للتشبيه والتجسيم..
والروايات التي تضخم الصحابة على حساب الرسول كالروايات المتعلقة بعمر مثل: كان القرآن يتنزل على قلب عمر ولسانه..
وأن القرآن كان يوافق رأي عمر..
والروايات الشيعية التي تعطي للإمام علي خاصة وأئمة أهل البيت جملة خصائص تنازع سلطة الله سبحانه..
والروايات التي تربط السنة بالكتاب..
والرويات التي تقول بزيادة القرآن ونقصانه
وكل هذه روايات تبنتها المذاهب..
وفوق هذا إبتداع احكام فوق أحكام القرآن كرجم الزاني المحصن وقتل المرتد وقتل المخالف أو المعارض والطلاق بدون شهود..
وذلك وغيره مما ينقض الإسلام والتسليم لله بالخضوع والانقياد لأحكامه..
وما خلفته المذاهب من طلا سم وتعقيدات وتقديس للرجال لا صلة له بالأديان..
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :هل جاءت الأديان لتقود الناس إلى الله أم إلى الرجال؟
والجواب إن دور الرجال في محيط الأديان هو إيصال الناس إلى الله..
والوصول لله يعني التفاعل مع الحياة وتعمير الأرض ونشر السلام..
والأمن والوفاق بين العباد..
وليس الترهبن والانعزال..
وهذا هو هدف الشرائع والعبادات..
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) التوبة/ 105
والعمل هو الفيصل بين الإيمان والإسلام..
والدين ليس مجرد نظرية يتصارع ويتصادم بسببها العباد..
وهو في حقيقته عمل..
والعمل ركيزته الخلق..
ومن لا خلق له لا دين له..
ولو استوعب المسلمون هذه الحقيقة لتقدموا..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here