لِماذا أَثار مُؤتمر [حشْدُ العَتباتِ المُقدَّسةِ الأَوَّل] حَنَق الميليشياتِ وأَبواقَها؟!

لقناةِ [زاگروس] الفَضائيَّة؛

لِماذا أَثار مُؤتمر [حشْدُ العَتباتِ المُقدَّسةِ الأَوَّل] حَنَق الميليشياتِ وأَبواقَها؟!

نــــــــــــزار حيدر

١/ في البدءِ يَلزم التَّذكير بحقيقتَينِ أَساسيَّتَينِ؛

أ/ ليسَ هُناك أَحدٌ يُمكنهُ التَّشكيك بالعلاقةِ الإِستراتيجيَّةِ والتَّرابط العُضوي بين العتبات المُقدَّسة ومكتب المرجعُ الأَعلى في النَّجفِ الأَشرف، خاصَّةً في كربلاء المُقدَّسةالتي يُباشر الإِشراف الشَّرعي عليها مُعتمدان هُما مَوضع ثقة المرجع الأَعلى، وأَقصد بهما الشَّيخ الكربلائي والسيِّد الصَّافي.

ب/ كما لا يمكنُ لأَحدٍ أَن يُزايدَ على علاقةِ العتبات بفَتوى الجِهاد الكِفائي التي أَصدرها المرجعُ الأَعلى وما نتجَ عنها مِن تشكيلِ الحشد الشَّعبي الذي شرَّعهُ مجلسالنوَّاب فيما بعدُ بقانونٍ تشكَّلت على أَساسهِ [هيئة الحشد الشَّعبي].

فالعتباتُ المُقدَّسةِ هي من أَكثرِ الجهاتِ التي التزمت بالفتوى نصّاً وروحاً، وهي كذلكَ من أَكثر الجِهات التي ساندت ودعمت الحشد بالرِّجال والمال والإِعلام وفي كلِّشيءٍ.

بل أَنَّها الأَقرب إِلى همُوم المُواطن والأَكثر تنفيذاً لحاجاتهِ من كلِّ مُؤَسَّسات الدَّولة الأُخرى، من خلالِ تنفيذِ المشاريعِ العامَّة التي تُلبِّي حاجة المُجتمع وعلى مُختلفِالأَصعدةِ وتُساهمُ في بناءِ البلدِ وتحقيقِ النُّهوض.

يشهدُ على ذلكَ القاصي والدَّاني ومَن يمتلك ذرَّة إِنصافٍ.

ولذلكَ فإِنَّها مُستهدَفةٌ بشَكلٍ واسعٍ ومُستمرٍّ!.

كما أَنَّها الأَقربُ إِلى نبضِ الشَّارع، فهي التي احتضنت وساندت إِنتفاضة تشرين الباسلة بكلِّ ما أُوتيت من إِمكانيَّات لوجستيَّة، وتبنَّت مطاليبها الوطنيَّة.

حتَّى على الصَّعيد الإِعلامي والفنِّي فلقد أَنتجت الجِهات الإِعلاميَّة فيها أَروع الأُوبريتات التي حملت رسالة الإِنتفاضة وخلَّدت شُهداءها وتضحياتها.

ولكُلِّ ذلكَ فعندما تعقد العتبات هذا المُؤتمر فإِنَّها أَولى الجهات بهِ لأَنَّها [حاضِنة الفتوى وبُناة الدَّولة] على حدِّ نصِّ الشِّعار الذي انعقدَ تحتهُ المُؤتمر.

٢/ والمُؤتمر ومُخرجاتهِ ليسَ وليد لحظتهِ وإِنَّما هو نتاجُ نِقاشات وجِدال طويل استمرَّ أَكثر من [٦] أَشهر وتحديداً منذُ أَن تحوَّلت بعض [الفصائِل المُسلَّحة] التي أَنتجتهاظرُوف الفتوى والحربِ على الإِرهابِ إِلى مصدرِ خطرٍ يُهدِّد سِيادة الدَّولة وهيبتها ومؤَسَّساتها تحت عُنوان [الحشد الشَّعبي].

وقتها انطلقَ الحوارُ والنِّقاشُ لعزلِ هذهِ الفصائل من أَجلِ حمايةِ الحشد الشَّعبي وتضحياتهِ ودورهِ التَّاريخي في حمايةِ العراق من الإِرهاب أَوَّلاً والدَّولة ثانياً.

ولقد تمحورت النِّقاشات التي انطلقت بخِطابَينِ للمُعتمدَينِ [الكربلائي والصَّافي] حول ثلاثة عناوين أَساسيَّة مُختلفٌ عليها؛

*الوَلاء

*الدَّولة

*التدخُّل بالسِّياسة وخَوض الإِنتخابات

فإِذا كانت [الفصائل المُسلَّحة] بحاجةٍ إِلى مظلَّةٍ شرعيَّةٍ فحاضنتها فتوى المرجعُ الأَعلى، فلماذا تبحث عن مظلَّةٍ خارج الحدُود؟! كما تفعل الفصائِل التي تُسمِّي نفسها[فصائل ولائيَّة] نسبةً إِلى المُرشد الإِيراني الأَعلى والذي هو حسب دُستور بلادهِ القائد الأَعلى للقوَّات المُسلَّحة الإِيرانيَّة، فكيفَ يرتبطُ بهِ [فصيلٌ مُسلَّح] يقولُ أَنَّهُ منتشكيلاتِ الحشد الشَّعبي؟! في الوقت الذي ينصُّ فيهِ قانون هيئة الحشد على أَنَّهُ يرتبطُ بالقائد العام للقوَّات المُسلَّحة [العراقيَّة]؟!.

حسب الدُّستور والقوانين النَّافذة فإِنَّ إِرتباط أَيِّ فصيلٍ مُسلَّح خارج الحدُود، بالولاءِ والمالِ وغيرهِ، بمثابةِ الخيانة التي يُعاقب عليها القانُون بالمحاكم العسكريَّة الخاصَّة!.

وإِذا كانت بحاجةٍ إِلى مظلَّةٍ قانونيَّةٍ فحاضنتها قانون [هئية الحشد الشَّعبي] فلماذا ترتبط خارج الحدُود؟!.

إِنَّ الحشد مؤَسَّسة قانونيَّة وهو جزءٌ لا يتجزَّء من مؤَسَّسات الدَّولة الأَمنيَّة والعسكريَّة، ولذلكَ فإِنَّ كلَّ فصيلٍ مُسلَّح يتقاطع مع الدَّولة أَو يتعامل مع الدَّولة العميقة لحمايتِهاعلى حسابِ الدَّولة ومؤَسَّساتها فهوَ ميليشيا بالتَّوصيفِ الدُّستوري.

ولكَون الحشد جزءٌ من المؤَسَّسة الأَمنيَّة والعسكريَّة للدَّولة، فلقد حرَّم عليهِ الدُّستور التدخُّل في السِّياسة أَو خَوض الإِنتخابات من خلالِ تشكيلِ القوائمِ الإِنتخابيَّة.

هذهِ الأُسس الثَّلاثة المُختلف عليها هي التي عجَّلت في عقدِ المُؤتمر لتوضيحِ كلِّ شيءٍ وتبيينِ المُتلابِساتِ والمُتشابكاتِ من القضايا الحسَّاسة المُتعلِّقةِ بالحشدِ الشَّعبي.

لقد خرجَ المُؤتمر برُؤيةٍ واضحةٍ جدّاً [شرعيَّة وقانونيَّة] فيما يخصُّ العناوين الثَّلاثة [الولاء والدَّولة والتدخُّل بالسِّياسة] ففكَّكَ المفاهيم والرُّوى وميَّزَ الشرعيَّة والقانونيَّة عنغيرِها، فلم يعُد لاحدٍ بعدَ الآن ذريعةٌ للخلطِ بينَ الحشدِ والميليشيات، فكلُّ فصيلٍ مُلتزمٌ بهذهِ الرُّؤية فهوَ جزءٌ لا يتجزَّء من الهَيئة وبالتَّالي هوَ جزءٌ لا يتجزَّء مِن الدَّولةومؤَسَّساتها، والعكسُ هو الصَّحيح، فكلُّ فصيلٍ مُسلَّح [يجهر] بولائهِ لـ [الغُرباء] على حدِّ وصفِ الخطابِ المرجعي مرَّةً أَو يرى نفسهُ مُتقاطِعاً مع الدَّولة أَو أَنَّهُ يُمارس العملالسِّياسي ويخوضُ الإِنتخابات فهو ميليشيا يلزم تفكيكها وحصرِ سلاحها بيدِ الدَّولة لأَنَّها باتت تُشكِّل خطراً عليها وعلى الديمقراطيَّة والعمليَّة السياسيَّة برُمَّتِها.

هل فهِمتُم الآن لِماذا أَثار مُؤتمر [حشْد العَتبات المُقدَّسة الأَوَّل] حَنَق الميليشيات وأَبواقها؟!.

إِنَّهُ فضح ولاءهُم وعرَّى مشروعهُم التَّدميري الذي يعتمد الإِتِّجار بتضحياتِ الحشدِ وثوابتهِ الشَّرعيَّةِ والقانونيَّةِ.

لقد حاولت هيئة الحشد الشَّعبي عزل هذهِ الفصائل عن تشكيلاتِها من خلالِ البيان الذي صدرَ عنها قبلَ مُدَّةٍ، ثمَّ بتصريحاتِ رئيس الهيئة التي أَعقبتها، ولكن يبدو أَنَّالأَمرَ أَكبرُ من بيانٍ، إِنَّهُ بحاجةٍ إِلى موقفٍ [شرعيٍّ وقانونيٍّ] أَشد وأَقوى وأَوضح، فجاءت مُخرجات المُؤتمر لتكونَ بمثابةِ القِشَّة التي ستقصِمُ ظهرَ الميليشيات، أَو هكذانأملُ، إِذ لم يعُد العراق يتحمَّل المزيد من الإِسترسال مع وإِستصحابِ سياساتها ومنهجيَّاتها وغضَّ الطَّرف عنها بعدَ أَن باتت تتحدَّث بالفمِ المليانِ عن ولائِها لخارجِ الحدُود،والقاعدةُ تقول [الإِعترافُ سيِّدُ الأَدلَّة].

٤ كانون الأَوَّل ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: [email protected]

‏Face Book: Nazar Haidar

Twitter: @NazarHaidar2

Skype: nazarhaidar1

WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here