“الذكرى الثالثة للنصر”: 3 ملفات جديدة تضاف إلى مشاكل المناطق المحررة

بغداد/ تميم الحسن

في الذكرى السنوية الثالثة لاعلان بغداد النصر على تنظيم داعش، استجدت 3 ملفات تواجه المدن المحررة الى جانب الملفات القديمة المتعلقة بالاعمار والمغيبين. وبات سكان هذه المدن بعد 4 سنوات من القضاء على التنظيم، اكثر وضوحًا في المطالبة باخراج بعض الفصائل المسلحة التي تسيطر على نشاطات اقتصادية واسعة هناك.

بالمقابل هدد داعش في هذا العام مدنا في شرقي ديالى، وجنوبي الموصل، وغربي الانبار، وشن حملات اغتيال ضد “اصدقاء القوات الامنية”.

واصطدم سكان تلك المدن في الذكرى الثالثة للتحرير، بفرض امر واقع باعادة النازحين، على الرغم من اتهامات تطال عددا منهم تحت جريمة انتماء ذوي النازحين الى التنظيم.

وفي مثل هذه الايام قبل 4 سنوات اعلن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي “النصر النهائي” على تنظيم داعش، بعد اكثر من 3 سنوات من سيطرة التنظيم على نحو نصف مساحة العراق، ونزوح 6 ملايين شخص.

وكانت فاتورة الحرب باهظة جدًا، حيث وصل عدد ضحايا تلك السنوات الى نحو 50 الف قتيل بين مدني وعسكري. وقدرت الحكومة السابقة كلفة اعادة الاعمار باكثر من 100 مليار دولار، فيما كانت تكاليف الجهد العسكري قد وصلت الى 300 مليار دولار.

عقدة غياب التفاهم

ورغم كل تلك التكاليف، بدأ داعش في العام الرابع للتحرير، بشن سلسلة من الهجمات في المناطق التي تشهد خلافات عسكرية بين القوات الاتحادية والبيشمركة، وهو خلاف تم حل جزء منه مؤخرا.

ويقول هدايت طاهر، وهو قيادي في حزب الاتحاد الوطني، ان “المناطق المتنازع عليها (بعضها كانت محتلة من داعش مثل خانقين وسنجار) في حال نجحت القوات الاتحادية والبيشمركة في اعادة الانتشار، ستمنع هجمات داعش”.

واعلنت القيادة العسكرية الشهر الماضي، انها وصلت الى مراحل متقدمة من المفاوضات مع “البيشمركة” لاعادة افتتاح مراكز مشتركة في تلك المناطق.

ويضيف طاهر لـ(المدى): “6 مراكز سيتم افتتاحها قريبا في ديالى، ومخمور، وكركوك، ومناطق اخرى، وستكون هناك عمليات وحملات امنية مشتركة”.

وتسببت هذه العقدة في شن التنظيم هجمات يومية بين شهري نيسان وايار الماضيين، على قرى في خانقين اوقعت عشرات القتلى والجرحى وشهدت اختطاف التنظيم عددا من المزارعين ايضا. وكشفت تلك الهجمات ان التنظيم مازال قادرا على شن هجمات، ولو خاطفة، لكنها مؤثرة، حيث بدأت بعض العوائل في شرقي ديالى بالنزوح مرة ثانية.

حملات تطهير

في العاشر من كانون الأول 2017، اعلن العبادي انه سيكون يوم عطلة وطنية يتم الاحتفال به كل عام. وبث التلفزيون الرسمي آنذاك أغاني وطنية تحتفي بالقوات الامنية والحشد الشعبي وعرض لقطات لاحتفالات في شوارع بغداد والمحافظات الأخرى.

ورغم نشوة النصر قال العبادي وقتذاك “يجب أن نبقى على حذر واستعداد لمواجهة أية محاولة إرهابية تستهدف شعبنا وبلدنا.. فالإرهاب عدو دائم والمعركة معه مستمرة.. ولابد أن نحافظ على هذه الوحدة التي هزمنا بها داعش فهي سر الانتصار الكبير”.

وبعد 6 أشهر من اعلان النصر قال العبادي مرة اخرى ان “هناك إجراءات سريعة وعمليات نوعية للقضاء على خلايا تنظيم داعش الإرهابية التي تحاول القيام ببعض الهجمات خارج المدن”.

وشنت القوات الامنية حوالي 15 حملة كبيرة لتمشيط اكثر من نصف مليون كم – إذ أعادت تفتيش مناطق معينة لاكثر من مرة- خاصة في صحراء الحضر، وجنوب الموصل، والاودية القريبة من الرطبة، وجنوب غربي الانبار.

ويقول نعيم الكعود وهو شيخ عشيرة البو نمر، احد ابرز العشائر التي قاتلت داعش في الانبار، ان “إعلان النصر كان مستعجلا. التنظيم مازال موجودًا رغم تراجع قوته”. وكشفت (المدى) في سلسلة تقارير سابقة، عن وجود نحو 2000 مسلح تابع لداعش يتوزعون بين اطراف كركوك وصلاح الدين والانبار، استطاعوا اختراق اجهزة امنية تسرب لهم معلومات حول حركة القوات الامنية والحملات العسكرية. وفي آب الماضي، اعلنت الامم المتحدة وجود 10 آلاف عنصر تابع لتنظيم داعش مازالوا يتواجدون بين سوريا والعراق، وبحسب التقديرات العراقية ان 4 آلاف مسلح مازالوا ناشطين في البلاد و8 آلاف آخرين يصنفون ضمن الخلايا النائمة.

دواعش أحرار

ويضيف الكعود وهو رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة الانبار (المنحل) في حديث لـ(المدى) ان “قيادات تابعة للتنظيم اطلق سراحهم في الانبار، بسبب عدم كفاية الادلة او بسبب الفساد وتقديم رشاوى لضباط”.

وتتحرك الخلايا، بحسب مصادر، في الشهرين الماضيين، لجمع معلومات عن “اصدقاء القوات الامنية” في المناطق المحررة، من الحشد العشائري والمتعاونين مع الحكومة والموظفين في تلك المدن. وخلال تشرين الثاني الماضي، اختطف وقتل التنظيم، 37 شخصًا من المتعاونين مع الاجهزة الامنية وموظفين. وسبق وان كشفت (المدى) انه بمرور الذكرى السنوية الأولى لمقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي، دشن التنظيم، بحسب مصادر، خطة جديدة تستهدف المتعاونين مع الحكومة من أبناء شمال بغداد.

وفي 27 تشرين الأول 2019، قتل البغدادي بغارة أميركية على شمالي سوريا، بعد سنوات من اختفائه عن الأنظار. ويطلق التنظيم اسم “المرتدين” على الأشخاص الذين يتعاملون مع الحكومة في المناطق المحررة، في إشارة الى تراجعهم عن المذهب السُني لصالح الشيعي الذي تمثله الحكومة بحسب وجهة نظر المسلحين.

شكرا للفصائل

في غضون ذلك كان لافتا في الذكرى السنوية الثالثة للنصر، ان تطلب المدن المحررة بشكل شبه علني، من بعض الفصائل ان تغادر مدنها.

يقول مسؤول محلي في صلاح الدين لـ(المدى) :”شكرا لبعض الفصائل التي قاتلت ضد داعش، لكن بات الوقت مناسبًا ان تغادر الان، وتستبدل بمقاتلين من أبناء تلك المناطق”. وبدت مطالب إخراج تلك الجماعات واضحة بعد حادثة الفرحاتية، جنوب سامراء، حيث قتل 8 من ابناء تلك المنطقة، في تشرين الأول الماضي، ومازال 4 آخرين في عداد المفقودين.

ويضيف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ان “هناك ترتيبات جديدة قد تظهر في وقت قريب، في اعادة توزيع وانتشار القوات ضمن الحشد وتوسيع مشاركة المحليين منهم”.

وتزامن تصاعد الانتقادات في المدن المحررة ضد بعض الفصائل المسلحة، مع موجة عودة النازحين واغلاق المخيمات التي أطلقتها الحكومة الشهر الماضي. وكشفت مصادر لـ(المدى) ان بعض المناطق المحررة تخضع لـ”فيتو” من فصائل ترفض عودة السكان، بسبب استغلال تلك الجماعات للاراضي الفارغة في نشاطات اقتصادية.

وكان قرار اغلاق المخيمات قد اصطدم بعدة عقبات من ضمنها رفض بعض المناطق استقبال النازحين بسبب اتهامات لبعض العوائل بانتماء احد أفرادها الى داعش.

نهاية غير متوقعة

وتقول هدى جار الله، نائبة عن تحالف المدن المحررة لـ(المدى) ان “اغلب النازحين العائدين ليست لديهم مساكن ولا اموال”، مشيرة الى انه من المعيب ان “تحل هذه الازمة بعد 4 سنوات بهذه الطريقة”. ولا يزال هناك أقل من 1.5 مليون نازح وهي أرقام تتغير بسبب حركة العودة، من ضمنهم سكان المخيمات التي يتجاوز عددها الـ30 مخيمًا.

ويقف الدمار الذي حل في 8 مدن كبيرة (ابرزها الموصل، بيجي، تلعفر) وهي تضم غالبية النازحين، وانعدام الدعم المالي بالإضافة الى التوترات الأمنية والعشائرية، حائلًا دون عودة البقية.

وتضيف جار الله عضوة “المدن المحررة” وهو تشكيل جديد يضم عددا من الشخصيات السنية ابرزهم اسامة النجيفي واحمد الجبوري (ابو مازن)، انه “في الذكرى السنوية الثالثة للتحرير تتحرك حركة البناء ببطء، والسكان أعادوا بناء منازلهم وأماكن عملهم على حسابهم الخاص”.

كما انتقدت النائبة عدم تعويض اغلب المتضررين من الحرب ومن داعش. وأكدت ان “نسبة التعويض لا تتجاوز الـ5%”، فيما اشارت الى ان ملف “المعتقلين والمغيبين في تلك المناطق مازال عالقا”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here