هل حان الوقت لولادة الكتلة الوطنية ؟

هل حان الوقت لولادة الكتلة الوطنية ؟
من المفارقات الغريبة بالمشهد السياسي العراقي هي غياب أي كتلة أو حزب ذو وزن كبير يمثل الوجه الأخر لعموم أبناء البلد الرافضين للكتل الفاسدة الثلاث التي حكمت العراق بعد 2003.
– الكتلة الشيعية وكتلة سنة العراق ومن قريب منهم من الأحزاب والكتلة الكردية.
كل هذه الكتل عملت منذ سقوط الصنم على أخذ حصة من غنائم البلد وحسب حجمها وبالأتفاقات الدائمة بينهم (محمود المشهداني يقول -حصتنا السنة ستة وزارات والأكراد أربعة والبقية للشيعة ورئاسة الوزراء وهمه بيناتهم يقسموها) دون أن تهتم أو تلتفت الى السواد الأعظم من عامة العراقيين.لذلك لم نرى أية تنمية أو خدمات وعمران أو أي تطور بالبلد ،وانما ما شهدناه هو ثراء فاحش لقادة هذه الكتل وجلاوزتهم وبالتالي ضياع لثروات الوطن.
*في كل هذه السنوات السبعة عشر لم تتبلور أية كتلة وطنية بالضد من هذه الكتل الفاسدة رغم وجود أحزاب وطنية ناضلت ضد الدكتاتورية ولها تاريخ وطني مشهود وتضحيات جسام مثل (الحزب الشيوعي ) وكذلك شخصيات وطنية كونت حركات سياسية لكن عمومها لم تأخذ حيزأ كبيرأ بالمشهد السياسي.
*لا أريد الخوض باسباب ذلك والتي تتمحور أغلبها بين ضربات البعث لهذه الأحزاب سابقأ أو عموم نشاطها بعد 2003 الذي لم يقنع الناس كثيرأ ومشاكلها الداخلية ،أو وعي المواطنين الذي تدنى كثيرأ وعامل الدين كذلك .
-جرت محاولات لتوحيد القوى الوطنية في أكثر من مرة (التيار المدني ،تقدم،الحراك المدني ….ألخ)ولكن هذه المحاولات فشلت وكان السبب الرئيسي في فشلها يعود الى أنها تحالفات مكتبية وشخصية أكثر مما هي تحالفات ذات برامج سياسية وحضور بالشارع العراقي لتنفيذ هذه البرامج.
من هنا كانت الخلافات على الزعامة والتمثيل في الأنتخابات وووو.
*اليوم الشارع العراقي قال كلمته الواضحة منذ ما يزيد عن عام وتمثل هذا بانتفاضة تشرين المجيدة عام 2019 ولازالت جذوة الأنتفاضة قائمة وهاهي كردستان (السليمانية تلتحق بأخواتها محلافظات الوسط والجنوب) لتؤكد أن الشعب مل من كل هذه الكتل الفاسدة ويتطلع الى يوم الخلاص منها لما سببته ولازالت من دمار وفساد ونهب لخيرات البلد.
-هذه الجموع المنتفضة تحتاج من يأخذ بيدها ويعمل يدأ بيد معها من المجربين لأننا رأينا أن أغلب وقود هذه الأنتفاضة هم من الشباب الذي لم يجرب السياسة سابقأ ومن هنا تأتي فرصة كل الأحزاب الوطنية والحركات الصغيرة يسارية مدنية ديمقراطية لتبلور كتلتها الخاصة مع جموع الشباب الثائر الذي يحتاج أصحاب الفكر والتجربة النضالية .هذه الجموع لاتحتاج أصحاب المكاتب والدكاكين السياسية والمنافع والفواتير التي تدفع نتيجة المواقف الهزيلة.
– اليوم الكتلة الشيعية يتنادى أصحابها لكي يتجمعوا من جديد بعد تشتتهم(دعوات مقتدى الصدر وغيره للململة البيت الشيعي)،الكتلة السنية تجتمع هي الأخرى (خميس الخنجر والحلبوسي وغيرهم)،الكتلة الكردية تجتمع بعد أن وصل لهيب الأنتفاضة الى عقر دارهم وحرقت مقراتهم.
-كل هذه الأمور تجعل من هذه الكتل تخشى بشكل كبير على ضياع مصالحها بل وتخاف على رقابها التي من الممكن أن تكون تحت المقصلة أذا ما أهتز عرش هذه السلطة الغاشمة وذهبت الى غير رجعة وهذا اليوم ليس بالبعيد ،لذلك تحاول جمع قواها من جديد للوقوف بوجه الطوفان القادم لكنسهم.
*هذه الكتل الفاسدة لا تخشى كثيرأ من أستمرار الأنتفاضة دون وجود كتلة سياسية منظمة تحركها لأنها تعرف بأن هنالك ألف وسيلة لتهدئة الشارع وخداع الشباب وحتى أستمرار العنف الممنهج ضدهم حتى أنهاء حراكهم .لكنها بنفس الوقت تدرك جيدأ بأن تبلور كتلة سياسية وطنية تعمل بداخل الأنتفاضة سيعطيها زخمأ غير محدودا ويصعب عندها أنهاء هذه الأنتفاضة ويعجل سقوط حكمهم.
*لكن السؤال للكتلة التي تنشد الناس حضورها (الكتلة الوطنية) .
-متى تكونون بقدر المسؤولية التي تنتظركم؟
-متى تكونون أكبر من خلافاتكم الشخصية وتتوحدوا في بودقة واحدة لأجل خدمة مصالح الوطن ؟
-متى تأخذون مكانكم الحقيقي بين الناس مثلما كنتم من قبل كطليعة لشعبنا الذي رغم كل البطش السائد أنذاك ،كنتم سباقين في حمل راية النضال ؟
-متى تلجمون بمواقفكم الشجاعة أفواه كل من يسخر من دوركم الحالي في معركة الوطن ضد الفاسدين والطائفيين؟
– متى تدركون أن لاأصلاح لوضع الوطن الأ بأنهاء هذه العملية السياسية الفاشلة التي لا يمكن أصلاحها وهذا ما يدعوكم للتعجيل بتكوين كتلتكم الوطنية لتوحيد جهودكم مع بعض ؟
-متى تدركون أن هذه الكتل الفاسدة لن تسمح لكم بالنشاط وزعزعة سيطرتهم على مقدرات البلد الأ أذا كنتم تحت وصايتهم ومن هنا تأتي مصلحتكم ومصلحة عموم الشعب لأنهاء سيطرة هذه الكتل؟
-متى تدركون أن صراعكم حول زعامة الكتلة لن يعزز حضوركم بين الناس بل سيضعفكم جميعأ ؟
-متى تدركون أن الشعب العراقي وقد نفذ صبره من هذه الكتل الفاسدة ،لن ينتظركنم كثيرأ لأجل تكوين كتلتكم وزج كل قواكم مع أنتفاضته الباسلة وها أنتم ترون بأنه لم ينتظركم سابقأ عند أندلاع الأنتفاضة .لكنه لن يرحمكم في المستقبل (تذكروا حرق مقرات الحزب الشيوعي رغم أنه لم يشارك بشكل كبير مع الكتل الفاسدة في الحكم).
*مرجل الأنتفاضة يغلي وهذا المرجل يزداز غليانه يومأ بعد يوم لذلك هي فرصة ثمينة للقوى والشخصيات الوطنية للمساهمة بشكل فعال في زيادة غليان هذا المرجل حتى ينفجر بوجه الطغاة والفاسدين وينهي حكم الطوائف والفساد وألا سينفجر حتى بوجهكم.
كونوا أنتم من يدير ويحرك هذا المرجل ولكن بعد أن تكونوا قد أقنعتم الناس بحضوركم القوي والفاعل بينهم فقيادة هذا المرجل لن تقدم لكم بسهولة ولأي سبب أخر ألا بحضوركم وسط الناس وبداخل أنتفاضتهم المظفرة .

مازن الحسوني 2020/12/8

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here