المجتمعات المفخخة!!

المجتمعات المفخخة!!
التفخيخ معناه أن تحشو حالة ما بمواد متفجرة تقضي عليها وعلى مَن حولها , والتفخيخ قد يكون بالمتفجرات أو بالأفكار , وعندما تكون المجتمعات مستعدة للتفخيخ , فأن المفخخين لها سيستثمرون في ذلك لتحقيق أعظم الدمارات فيها وبواسطتها , دون خسائر تذكر من جانبهم.
ومن أخطر أنواع التفخيخ هو التفخيخ الفكري والعقائدي , وما يتصل بهما من آليات تؤدي إلى تفاعلات دمارية هائلة.
فالتفخيخ الفكري خطير لأنه يتمدد ويسري في المجتمعات كالنار بالهشيم , فيصيبها بخسران عظيم.
وقد تبين أن التفخيخ الطائفي للمجتمعات يساهم بتحقيق الدمار الكامل لوجودها , ويأخذها وكأنها منوّمة إلى ميادين سقر.
ويساهم في هذا التفخيخ المأساوي الرهيب المتاجرون بالدين , والمرهونون بالتبعية التي أصبحت شرفا وإمتيازا , في مجتمعات تفخخت حتى تفجر ما فيها وتخرب جوهرها , وتبعثرت كينونتها وتمزقت هويتها ليتحقق فعل التفخيخ , والعمل الجاد والمجزي المتوافق مع إرادة القوة المفخخة للمجتمع.
ولكي تفخخ عليك أن تمزق , ولكي تمزق عليك أن تفجر , وتأتي بأحداث ذات إنفعالية عالية ترمي بتبعتها على طرف دون غيره , وتدفع بالمجتمع إلى متوالية الإتهامات المفضية إلى أعمال إنتقامية مروعة , تدفع ثمنها باهضا الأطراف المفخخة ضد بعضها , والذي فخخها يجلس مسرورا يحصد ما يريد وينفذ مشاريعه المسعورة بلا خسائر.
وفي مجتمع تفخخ معظمه فصار وسيلة لتحقيق أهداف الطامعين به , لا يزال المتاجرون بالدين يمعنون بتفخيخ الناس وتأهيلهم ليكونوا ضد بعصهم البعض , بإسم الطائفة والمذهب والمعتقد والتضليل بأن هذا هو الدين.
ومن الغرابة أن تستمع للخطب المفخخة بالأضاليل , الداعية لتدمير الدين بالدين , ودفع أبناء الدين الواحد للتماحق والتقاتل والإنقراض , وأصحابها من منابرهم يطرحون أفكارا عدوانية ضد أنفسهم ومذهبهم ودينهم ومجتمعهم , وكأنهم في غفلتهم يعمهون , وفي أطماعهم يغرقون.
ولا بد من يقظة ووقفة نابهة وذكية للخروج من متواليات التفخيخ ودوائره المفرغة , التي تهاوى فيها المجتمع , وما عاد قادرا على السماع والرؤية والتفكير , وإنما يتدحرج مؤهلا للإنفجار بوجه بعضه البعض , والنتيجة رماد وخراب وأشلاء ودماء ودموع.
فهل من وعي لآليات التفخيخ والنظر بعيون الإعتصام بحبل التآخي الوطني المتين؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here