النبي (ص) وملك اليمين

النبي (ص) وملك اليمين، الدكتور صالح الورداني
———————-
وقرالقرآن الرسول (ص) ورفع ذكره..
( وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )
( ياأيها النبي إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً )
( وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )
هذه هى شخصية الرسول وصورته كما حددها القرآن..
كان خلقه القرآن..
أما الروايات فقد نقضت موقف القرآن وطعنت في شخصه وشوهته..
وقد أباح القرآن للنبي(ص) ملك اليمين..
إلا أن السؤال هنا: هل حال الرسول مع ملك اليمين كحال غيرة..؟
وهل امتلاكه لهن هو بهدف الشهوة وامتلاك النساء..؟
والجواب بالطبع لا..
جاء في سورة الأحزاب :
(ياأيها النبي إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ )
( لاَّ يَحِلُّ لَكَ النسآء مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ)
قالوا : كانت من الأنفال صفية و جويرية أعتقهما و تزوجهما..
وذلك بالإضافة الى مارية القبطية أم ابنه إبراهيم..
وهذه شهادة من الرواة بأن النبي كان يسير على نهج القرآن..
حيث أنه تعامل مع النسوة الثلاثة بخلق القرآن ولم يحتفظ بهن كإماء بل اعتقهن ثم تزوجهن..
وتلك هى سنة القرآن مع ملك اليمين..
ويكفى ماريا شرفاً وقيمة أنها كانت أماً لإبراهيم الذي مات في سن الرضاعة..
وهذه هى الحالات الوحيدة التي تعامل فيها النبي مع ملك اليمين وقصدتها النصوص السابقة..
وليس الأمر كما جاء على لسان عائشة : ما أرى ربَّك إلا يُسارِع في هواك..
وقد أجمع المفسرون تحت تأثير الروايات على أن النبي يحل له ما يشاء مما ملكت يمينه..
إلا أن سيرة النبي تنفي ذلك..
وكل علاقته بملك اليمين انحصرت في ماريا وصفية وجويرية..
أما الروايات فقد صورت النبي ومن معه كمتعطشين للجنس متشوقين للغزو من أجل سبي النساء والاستمتاع بهن..
وكأنهم يعيشون حالة من الحرمان الجنسي ولم يصدف أحد منهم بخيال امرأة..
وهى صورة مختلقة وغير واقعية الهدف منها تبريرالانحرافات التي وقعت على يد الغزاة والخلفاء من بعد الرسول (ص)..
وهى الصورة التي تبنتها الفرق الإرهابية المعاصرة وأغرت بها الشباب الحالم بسبي امرأة في حال حياته أو لقاء الحور العين حال مماته..
جاء في البخاري ومسلم وكتب السنن :
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) بعث جيشا يوم حنين إلى أوطاس فلقوا العدو فقاتلوهم وظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا ، فكان ناس من أصحاب النبى قد تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله – عز وجل – فى ذلك ( والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ )
وعنه قَالَ: أَصَبْنَا سَبْيًا فَكُنَّا نَعْزِلُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ (ص)..
فَقَالَ : أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ قَالَهَا ثَلاَثًا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ هِىَ كَائِنَةٌ..
وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) غَزَا خَيْبَرَ ، فَجُمِعَ السَّبْىُ، فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ ، أَعْطِنِى جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ..
قَالَ : اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً..
فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ..
فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ فَقَالَ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ ، لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لَكَ..
قَالَ : ادْعُوهُ بِهَا..
فَجَاءَ بِهَا ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ قَالَ : خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ غَيْرَهَا..
فَأَعْتَقَهَا النَّبِىُّ وَتَزَوَّجَهَا..
حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ..
فَأَصْبَحَ النَّبِىُّ عَرُوسًا..
وروى أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ (صَ) عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ يَسْقُونَ عَلَى نَعَمِهِمْ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبَايَاهُمْ وَأَصَابَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ..
قالت عائشة : لما سبى رسول الله سبايا بني المصطلق ، وقعت جويرية بنت الحارث في سهم لثابت بن قيس بن شماس أو لابن عمه ، فكاتبت على نفسها ، وكانت امرأة حلوة لايكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه..
فأتت رسول الله تستعينه في كتابتها ، فوالله ما هو إلا أن وقفت على باب الحجرة فرأيتها كرهتها وعرفت أن رسول الله سيرى منها ما رأيت..
فقالت جويرية : يا رسول الله كان من الأمر ما قد عرفت فكاتبت على نفسي..
فقال رسول الله : أو ما هو خير من ذلك ؟
فقالت : وما هو ؟
فقال : أتزوجك وأقضي عنك كتابتك..
فقالت : نعم..
قال : قد فعلت..
وقصة جويرية هى صورة من قصة صفية..
ومن تناقض الرواة إقرارهم أن النبي ما ترك عند موته درهماً ولا ديناراً ولا عبداً ولا أمة ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضاً جعلها صدقة..
ولم تشر الروايات الى شئ من ملك اليمين كان بحوزة النبي حين وفاته..
وقد أوصى بملكُ اليمين كثيراً وأمر بالإحسانِ إليهم..
وروي أنَّ آخرَ ما وصَّى به عند موته : الصلاة وما ملكت أيمانكم..
والخلاصة أن علاقة النبي (ص) بالنساء عموماً والجواري خاصة إنما هى تنضبط بنصوص القرآن..
ولا يمكن فهمها الا من خلال هذه النصوص..
أما الصورة التي أبرزتها الروايات فلا قيمة لها..
ولا قيمة لمن نصرها من الفقهاء..
وقد فصلنا مسألة علاقة الرسول بالنساء في كتابنا : دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين..
وكتابنا الخدعة..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here