الحرام

الحرام، الدكتور صالح الورداني
—————
ماهو الحرام..؟
والجواب ببساطة هو ما نهى الشرع عنه..
ولكن ما هو الشرع..؟
هل هو ما نص عليه القرآن أم ما نصت عليه الروايات وأقوال الفقهاء..؟
والسؤال الأهم : من يملك سلطة التحريم..؟
هل هو الله سبحانه أم الرسول (ص)..؟
قالوا : الأصل في الأفعال الإباحة ما لم يرد نص بتحريم..
ولكن ما هو النص ..؟
هل هو النص القرآني أم الروائي..؟
والقول الفصل في هذا كله هو أن الشرع والنص ينحصر في القرآن..
وأن من يملك سلطة التحريم هو الله وحده..
إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : ما الذي يجذب الناس نحو الحرام..؟
والجواب أن الشهوة هى التي تدفع الناس نحو الحرام..
وهل الشرع ضد الشهوات ..؟
والجواب كلا لكون الشهوات غريزة في النفس الإنسانية..
إلا أن الشرع نظم التعامل مع الشهوات حتى لا تتحول الحياة الى فوضى..
وتصبح حياة الإنسان بهيمية..
وهى حياة كل الذين كسروا القيود الشرعية وتحرروا من الدين..
( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم )
ومن الخطأ تصور أن الحرام لا لذة له ولا متعة..
فهو له لذة ومتعة وهو ما يجذب الناس إليه..
والخمر رغم مرارتها هى لذيذة عند مدمنها..
ولحم الخنزير هو لذيذ الطعم..
والزانى يتلذذ بالوقاع كما يتلذذ الذي يجامع في الحلال..
إلا أن المذاهب أوجبت حرمة ما لا صلة لها بالدين..
كتحريم نكاح المتعة ونكاح الكتابيات والتوسل وإحياء المناسبات ولبس الذهب والحرير والصور وحلق اللحية ومصافحة غير المسلم أو تحيته أو زيارته وغيرها من المحرمات التي لم ينص عليها القرآن..
وشغلت المسلمين بهذه المحرمات..
بينما تغاضت عن المحرمات الكبرى التي تسود حياة الناس..
وتغاضت عن صور الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تعد من المحرمات الكبرى في هذا الزمان..
ولم نسمع يوماً عن صدور فتوى بحرمة الاستيلاء على السلطة..
أو حرمة ترف الحكام وتبذيرهم للمال العام..
أو حرمة الإنقلابات العسكرية التي خربت البلاد وشردت العباد..
أو حرمة الاعتقال والتعذيب..
أو حتى حرمة صور اللهو والمجون التي تسود مجتمعاتنا باسم الفن وغيره..
وفقهاء اليوم جاهزون على الدوام لإصدار فتاوى التحريم بمجرد تلقي الضوء الأخضر من الحكام..
والأمثلة على هذا كثيرة..
إلا أن ما يجب قوله في النهاية أن طول السكوت عن الحرام يحوله بمرور الزمن الى حلال..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here