الامان والسلام في “اياك نعبد واياك نستعين”

الامان والسلام في “اياك نعبد واياك نستعين”
كم يشعر المسلم ويحس بالاطمئنان عندما يقرا وسط سورة الفاتحة “اياك نعبد واياك نستعين”. اذ يتعلق الشطر الأول من الاية بالعبادة التي فرضها الله على المسلمين دون ان تكلفهم اية خسارة مادية ولا يتطلب منهم سوى صفاء النية واخلاص توحيد الخالق. فقال تعالى في حكمة الخلق “وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ما اريد منهم من رزق وما اريد أن يطعمون. ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين”. اما الشطر الثاني المتعلق بأهمية الاستعانة بالله التي يحتاجلها الانسان في السراء والضراء وفي كل الأحوال. فقد أوصى الله المسلم أن يستعين به عن طريق الصبر على المكاره واقامة الصلاة. فقال “يايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين”. يؤكد هذه الايات احاديث رسول الله. منها عندما كان ابن عباس يمشي خلف رسول الله يوما ما فقال له يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رفعت الأفلام وجفت الصحف.
ما احوج الإنسان بعد رحلة الحياة بنجاحاتها وفشلها أن يستوعب دروسها ويقدم لنفسه عمل الخير قبل فناءها. فمن المعلوم ان مكونات جسم الانسان باتت معروفة اذ يشكل الماء فيه النسبة الكبرى فيزيد عن 70 % إضافة الى المواد الاخرى. مع معرفة مكونات الجسد لكن الانسان مهما اوتي من علم ومعرفًة وقوة لا ولن يستطيع بعث الحياة فيه. سيبقى ميتا لا حراك فيه الى ان يبعث الله الروح في جسمه بعد اربعة أشهر من حمله في رحم امه ثم يخرج الى الدنيا متكامل من الروح والجسد. الروح وحدها هي التي تبعث الحياة في جسم يبدا ينبض بالحياة فيتحرك وياكل ويشرب ويتنفس ويلعب ويضحك ويبكي ويتكاثر ويبني حضارات وثقافات ودول. انها نفخة الروح التي اودعها الله في مخلوقاته كالانسان والحيوان والنبات. “ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا”.
ما ينبغي ان يدركه العالم المادي ان الروح هي الفيصل والاساس في حياة الانسان. فبدون الحياة لا مكان للانسان على وجه الأرض ويعود تراب كما كان. لقد اشبع العالم المادي رغبات الانسان من اكل وشرب وتمتع جنسي وسفر وعلم وعمل الخ. لكنه لحد الان لا يمكنه السيطرة على احاسيسه وما تكن نفسه وعلى ردود افعاله وكيفية استخدامه لاحتياجاته المادية. بل الانسان لا يتمكن من وقاية نفسه من الحوادث كالمرض والموت والسعادة والتعاسة
رغم ان الحياة موجودة لدى الحيوان والنبات لكن ليس لهما الحرية في الاختيار ولم يكلفهما الله بالعبادة وعمارة الأرض. لهذا السبب كرم الله الانسان “ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا”. هذه المقاربة تقودنا إلى حقيقة بان الله خلق الانسان لهدف وليس عبثا. ان اعطاه الله الحرية في بعض الأمور الحياتية لكنه ابقاه تحت سيطرته ورحمته أو عذابه من خلال الموت والمرض والسعادة والتعاسة والدنيا والأخرة. لذلك تأتي اهمية هذا النداء “أياك نعبد واياك نستعين”.
إنها دعوة تجمع الدنيا والأخرة وتعيد الأمر لصاحب الأمر. فمهما تصورنا باننا احرار في بناء مستقلبا وتسيير حياتنا لكن الحقيقة شي آخر. فالحرية التي وهبها الله ايانا نسبية ويمكن ان تنقطع في اية لحظة لأسباب كثيرة. ان القدرة الإلهية تتحكم بصحتنا وحياتنا ورزقنا. كما ان الانسان نفسه لا يستطيع التحكم باختياراته لانه لا يعيش وحده واي عمل يقوم به بحاجة الى عوامل اخرى منها الصحة والمال والشريك والمكان وغيرها من العوامل التي لا نملك السيطرة عليها كما مخطط له. لذا فاهمية وجود قوة تعلم كل هذه التفاصيل تعتبر عامل حاسم لنجاح اختياراتنا في الدنيا
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here