تشويه معنى المصطلحات وتفريغ الحقائق من مدلولاتها الجوهرية

تشويه معنى المصطلحات وتفريغ الحقائق من مدلولاتها الجوهرية

بقلم مهدي قاسم

لم تكتف أحزاب السلطة الفساد : زعماء وقياديين ، في أنهم قد اشتركوا ـــ كل حسب دوره ــ في سرقة ونهب ثروات العراق بشكل متواصل ومنظم لحد دفع البلد إلى إفلاس كامل بحيث يعيش شعبه على قروض خارجية فحسب ، بل ولا اكتفوا في تعطيل قطاعي الصناعة والزراعة وإهدار الثروات المائية والتفرج على البنى التحتية وهي تتهرأ وتخرب وتنسد بنفايات وخرق بالية فضلات معادن وعلب بلاستيكية ،حتى أن أبسط زخة امطار تجعل شوارع بغداد تتحول إلى فيضان عارم وجارف تعوم من خلاله بيوت السكان، فضلا عن تزايد نسب البطالة إلى أرقام خرافية ، نقول أنهم لم يكتفوا بهذا فقط إنما قاموا بعمليات قرصنة تشويش وتشويه ضد اللغة بهدف تفريغ معاني الكلمات والمصطلحات ومحتوى الحقائق من مدلولاتها الجوهرية من خلال مزاعم وتبنِ كاذب لبعض القيم الحضارية واٌلإنسانية النبيلة أو الدعوة إليها !! في الوقت الذي هم أبعد ما يكون إليها عن هذه القيم السامية ، كبعد الثرى عن الثريا !.

في الوقت الذي نجدهم يمارسون سلوكا على عكس تماما من قيم إنسانية ..

إذ أن هؤلاء الساسة والزعماء المتنفذون يتحدثون عبر فضائيات ضد الفساد في الوقت الذي هم في طليعة الفاسدين سرقة ونهبا حيث تتكدس حساباتهم البنكية في الخارج بمليارات الدولارات مسروقة من ثروات الشعب العراقي..

أو يتحدثون عن سيادة الدولة والقانون في الوقت الذي هم يخضعون سيادة العراق لأطماع دول الجوار، بينما ميليشياتهم تصول وتجول في وضح النهار وتحت ستار الليل استخفافا وتقويضا لما تبقى من سيادة الدولة والقانون..

أما كتّابهم وكتبتهم من مثيري شفقة ـــ سواء منهم المرتزقة أو متطوعين عقائديين ( وأن كان أغلبهم قد انزاح مؤخرا جانبا بعدما وجد ليس من الممكن الدفاع عن شيء فاضح وسافر باطل إلى هذا الحد ) فنجد هذا البعض القليل والمتبقي لا زال يجعجع متشدقا بكلمات فضفاضة ــ كببغاء ملقن دون أن يفهم معنى ما يردده ! ــ عن التحضر والإنسانية في الوقت الذي لا يعرف هو ألف باء قيم التحضر والنزعة الإنسانية تحسسا و تفاعلا وتعايشا وتعاطفا انسانيا ..

فبالله عليكم أليس من المضحك و الغباء أو الخبث المقصود أن يتحدث هذا أو ذاك من رداحي أحزاب سلطة الفساد عن التحضر والنزعة الإنسانية في الوقت الذي يحرّضون على طول الخط ولا زالوا يحرّضون على قتل المتظاهرين المسالمين المطالبين بالعمل والخبز والخدمات وفوق ذلك الإشادة الدائمة بقتلة المتظاهرين ؟!!..

أي التحريض على قتل متظاهرين مسالمين من جهة والتشدق بمصطلحات التحضر والسمو الإنساني من جهة أخرى ..

فكيف يستقيم هذا مع ذاك ؟ ..

بث سموم الطائفية المسعورة إلى جانب كراهية المكوّنات الأخرى في مقابل الحديث عن القيم الإنسانية !! ..

وهكذا نجد من خلال السطور أعلاه ــ كيف أن هؤلاء وأولئك لم يكتفوا بتدمير القيم النبيلة للمجتمع العراقي وسرقة ثرواته ولحد تجويعه وجعل حياته ضربا من الجحيم وذلك من خلال دفاع ــ لأسباب طائفية منحازة ـــ عن أحط وأفسد نظام سياسي في العالم لكي يستمر قائما في العراق ، إنما سعوا إلى تفريغ المفردات والمصطلحات والحقائق من معانيها وتشويهها من خلال تبنيها الكاذب والزائف ، حتى وصلت المهزلة أو الغباء الفاحش بهؤلاء أن يسمحوا لأنفسهم بتلقين الآخرين بقيم التحضر والسمو الإنساني ..

تصوروا حجم التهريج البائس والمثير للشفقة حقا ..

أي حتى اللغة ومصطلحاتها ومفرداتها الجميلة السامية والنبيلة لم تفلت من وساخة أفكارهم الرثة و السقيمة ولا من عمليات تشويهاتهم المقززة والمقرفة..

ومن المؤكد أنهم يخدعون أنفسهم المهزوزة إذا اعتقدوا أن غيرهم من ذوي عقول ذكية وفطنة سيصدقون كل هذا الهراء المضحك الذي يتشدقون به كببغاوات ملقنة..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here