لامكان لمن ينتهك الهوية العراقية بين صفوف الشعب

لامكان لمن ينتهك الهوية العراقية بين صفوف الشعب
دكتور/ علي الخالدي
لعبت المكونات العرقية المكونة لمجتمعنا العراقي وخصوصا التي لا تدين بالمذهبية الطائفية ولا بالتبرم تجاه الأديان الأخرى، دورا بارزا في النهوض الثقافي والعلمي، فبفضل جهودهم و منذ عصور أضحت بغداد حاضرة للعلم والثقافة في المنطقة، حيث لعبت ترجمتهم للكتب الأغريقية واليونانية الى اللغة العربية التي إضطلع بها مسيحيو الشرق (الأب أنستاس الكرملي) في العراق، فمن يستعرض التراث الحضاري لتلك البلدان يصادف ما لا رأب به من المبادرات الخلاقة للنهوض بالواجبات الوطنية، فعلى الصعيد السياسي، تبوء العديد من افرادها لقيادة المنظمات والأحزاب السياسية. غُيب العشرات منهم في أروقة التعذيب الفاشية من قبل ذوي الإنتماءات القومية والطائفية، بينما راح المتشددون الإسلامييون والقوميون ومن يدعي زورا إنتماءه للوطن وحمل هويته إلى محاربة الأديان الأخرى إجتماعيا وإقتصاديا، بخلق مبررات، هجرتهم القسرية، خلال عقود وبصورة خاصة في العقدين الأخرين وبذلك، يكونوا قد ساهموا بشكل مباشر بالتأثير السلبي على نسبتهم العددية وخاصة في وسطه وجنوبه، بالإضافة لما نجم عن ذلك زعزعة الإستقرار وهز النسيج المجتمعي وخلخلة الوضع الإجتماعي وللإقتصادي المتخلخل أصلا ، حيث مارست اساليب دون ردع السلطات المعنية بحماية المواطن من شرورهم وكأنما هناك نية لطرد المسيحيين والصابئة المندائيين وغيرهم من تلك المناطق (مناطق الوسط والجنوب) والذي أخذ مجراه يتصح بعد 2003 إذ توسعت عمليات التزوير لوثائق أملاكهم غير المنقولة على الرغم من عدم وجود داعش في تلك المناطق. مع ملاحقتهم وتهديدهم بالتصفية الجسدية مما حدا بهم اللجوء إلى اماكن آمنة بما فيه تفضيلهم الخروج منها، و حتى ترك العراق، حيث إستخدمت القوى المتشددة إسلاميا وسيلة الدين والمذهبية، خاصة عندما إرتبط حراكها بوشائج طائفية مع دول الجوار، وصارت تابعه لها سياسيا ومؤساساتيا، مع عدم إغفال مدها بالمساعدات المادية واللوجستية، سيما وإن اوامر توجيه حركها، يتم من قبل قيادة تلك الدول. التي كانت تحثها على التموضع في الدوائر الإدارية والأمنية للدولة العراقية، مشكلين جهاز دولة عميقة، تعيق عملية التغيير والإصلاح، ومواصلة نهج المحاصصة المقيت الذي وقفت القوى الوطنية مع بقية مكونات شعبنا العرقية ضده وفضحت اساليبه في كشف فسادها وإفقار الشعب عبر نهب خيراته، سيما بعد أن حققت مقاصدها، وخاصة مقاعد في البرلمان، ومواقع هامه في مراكز القرار، على الرغم ماراحت تنبه غليه القوى الوطنية والديمقراطية، وبعض المراقبين، إن مغبة ذلك ستكون له نتائج سلبية على العملية السياسية ويخلق منظمات ولائية تابعة لدول الجوار ستتحكم بالقرار العراقي، وتفرض طريقها الخاص بالتنمية الوطنية والإقتصادية والإحتماعية،

لقد بذلت القوى الديمقراطية والوطنية جهودا مضنية بضرورة التمسك بالهوية الوطنية وبإمتداداتها النضالية، وإنفردت المرجعيات الدينية لمكونات شعبنا العرقية بحث رجال الثقافة والكوادر العلمية عدم ترك العراق فريسة للولائيين ودول الجوار القريبة والبعيدة، بتحمل اعباء الشقاء الذي نتج عن تسيدها، حيث ما إنفكت بتعزيز نهجها وترسيخه، بما ضمت لصفوفها من بسطاء الناس الذين سحقهم الفقر ، بخدعهم بشعارات مذهبية غايتها كل ما تحصل عليه تجييره لصالحها فحسب. بينما إستمرت القوى الوطنية بالمطالبة، بخلق الظروف المواتية لعودة من هجر قسريا، وحث الناس على التمسك بالهوية العراقية ومحاربة الطائفية ونهجها المحاصصاتي، المعادي للهوية العراقية. بروح حب الوطن التي زكتها دماء ابطال تشرين الأماجد وطوروها سلميا تحت شعار نريد وطن لتصبح متواصلة الترابط في البنية المستقبلية للمجتمع العراقي
لقد إستطاعت القوى المعادية للهوية العراقية منذ تبني راية الصحوة الإيمانية من قبل (النظام الدكتاتوري ) لتكفر عن اساليبها بلَم بسطاء الناس حولها، فتوسع حراكها العلني مستغلة الديمقراطية الهشة التي تتبعها الحكومة، وإستعملت مكبرات الصوت للدعوة لعدم مشاطرة المكونات العرقية غير المسلمة إحتفالاتها كعيد الميلاد وراس السنة الميلادية،غايتها هدم جسور السلام والمحبة بين الناس، ضانين أنهم، سيجدوا مستقرأ لهم بين صفوف الشعب، وتتاح لهم فرصة تقسيم الشعب العراقي على اساس طائفي قومي. غير بعيد عنها المخططات الأمريكية، خاصة بعد مجيء صاحب مشروع تقسيم العراق بايدن. لقد باءا الإثنان بالفشل الذريع، إذ لم يجدا لهم موقع قدم فيه، لتمسك الجماهير الشعبية بالهوية الوطنية،وما عكسته وسائل الاعلام الرسمية،(وكأنها تقول لا مكان لكم يامهدمي جسور التواصل الإجتماعي) من مباهج مراسيم إحتفالات عيد ميلاد سيدنا المسيح وراس السنة الميلادية، باعطاء أهمية خاصة لهذين الحدثين، لدليل على جذورية التنسيق والتعاون بين المكونات العرقية لشعبنا من أجل بقاء العراق حاضرة للعلم والثقافة والتماسك المجتمعي في المنطقة. المسجلة باحرف من نور في تاريخ العراق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here