أسفار

أسفار
بقلم : حسن الحركاني – العراق

الى الجنوب من درب التبانة تسكن اسفار ،،،،تلك النجمة الساطعة ذات البريق الجميل .كنت أنظر إليها كل ليلة واقول مع نفسي :كأن موقفا جمعني مع هذه النجمة في يوم ما…ورحت أتساءل: لماذا أنظر لتلك النجمة من دون النجوم الأخريات..
ذات ليلة وكانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل شاهدت بريقا قويا يصدر من هذه النجمة .وهذا البريق عبارة عن شعاع طويل وكأنه يتجه نحوي ،،قلت :يارب ما هذا؟؟؟جلست على فراشي بعد أن كنت مستلقيا لأرى ما سيحدث بعد ذلك ..كنت مشدود لهذا البريق وعند مرور ثوان قليلة صار ذلك الضوء على شكل نجمة صغيرة استقرت بالقرب مني ولا يفصلني عن هذه النجمة سوى أمتار…نظرت إليها بدهشة،،نورها أضاء سطح الدار بالكامل ،،أصابني الذهول مما أرى ، وصرت لا أعرف ما افعل ..سمعت كلام صدر من تلك النجمة ….قالت:
السلام على من ضيع نفسه ؟
قلت متسائلا وانا لا اتمالك نفسي ..وعليكم السلام…من انت ؟
قالت :انا اسفار
قلت :ومن تكون اسفارا ؟؟؟
قالت: تلك النجمة التي تنظر إليها كل ليلة …
في تلك اللحظة هدأ روعي قليلا ..وقلت لها :وهل تنظرين الي مثلما أنظر اليك !!
قالت: بل أكثر مما تتصور
قلت: وماذا تعرفين عني ؟
قالت :اعرفك مثلما تعرف نفسك…انت رجل عاش بقلبه ..وفكر به ؟ ثم وهبه في نهاية المطاف ..وهو الآن في دوامة من الصراع بين العقل والقلب ؟
قلت: كلامك يؤلمني كثيرا فأنا اتعامل مع الأشياء جميعها بجدية ..
قالت وهي تقترب مني وفي صوتها حزن …اتستطيع ان تخبرني ما الذي جنيته من تمسكك الماضي؟؟النتيجة انت خسرت كل شيء …منذ خمسة عشرة سنة وانا اراقبك وانتظر منك التغيير .لكن من دون جدوى.. انت رجل تصر على وجهة نظرك وان كان فيها من الغموض ما فيها….
قلت: لم تتكلمين معي من غير تحفظ في اول لقاء معي..
قالت: ابدا لم يكن هذا لقاؤنا الاول بل هو الثاني….الاول كان قبل خمس عشرة سنة .يومها كنت وزوجتك على سطح الدار بوقتها كنت تمر بأسوأ أحوالك النفسية والمادية .يومها سمعت الحوار الذي دار بينك وبين زوجتك ..في تلك الليلة تساءلتما كيف اذا مات أحدنا أن لا ينساه الاخر؟؟؟ثم اتفقتما ان يختار كل منكما نجما …فوقع اختيارك على اسفار وهي انا؟؟ ومنذ ذلك اليوم وانت تشكل كل شيء لي…بعد مرور عام شاء الله لي ان اكون قربكما من جديد…
قلت: ولكنني لا اتذكر هذا الموقف
قالت: حسنا….سأذكرك بما أخبرتك به زوجتك ذات يوم من امري …قالت لك انها رأت نورا في الليلة الماضية استقر بالقرب من وجهك …بقي لدقائق ثم اختفى…ذلك النور هو انا…
قلت: نعم …نعم….أتذكر هذا
قالت: منذ تلك الليلة وزوجتك رفضت النوم على سطح الدار ..كفى ايذاء لنفسك. وان لنفسك عليك حق..
قلت وألم يعتصر قلبي …لا استطيع فالذكرى اخذت قلبي وروحي وانا من النوع الذي لا ينسى بهذه السهولة .
قالت: كرر المحاولة مرة أخرى علها تنتشل ما بقي من عمرك
قلت: هذا مدمر لي
قالت: أنا سأغادر الان
قلت: وهل ستعودين ثانية ؟ انا في الواقع صرت متعلق بك
قالت: الأمر متروك لك متى ماتغيرت سأكون قربك من جديد……انحسر ذلك الضوء ثم اختفى تدريجيا ..عاد الظلام مخيما على سطح الدار ..وهناك في أعالي السماء عاد بريق النجمة من جديد في مكانها المعتاد…..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here