التعفن الثقافي !!

التعفن الثقافي !!
هل يوجد مفكرون ومثقفون وفلاسفة بحجم الوطن؟!!
قد يبدو السؤال مفاجئا , لكن الواقع يشير إلى إنعدام قدرات صناعة التيار الثقافي , الذي يأخذ المواطنين إلى آفاق المستقبل الأفضل.
فمنذ ألفين وثلاثة والمجتمع يدور في دوامة الضلال والبهتان والدجل , ويخيم عليه الفساد المشرعن والمؤزر بالقوى المنتفعة والساعية للإستثمار فيه , وعجزَ عن إنجاب المفكرين والمثقفين والفلاسفة الحقيقيين , ومضى وكأنه بلا عقل معاصر منير.
ويبدو أن المحنة الوطنية ومنذ عقود عديدة , تتلخص بغياب المثقفين المؤثرين , والمفكرين البارعين , والفلاسفة المنوِّرين , مما تسبب بتداعيات وإنحدارات وإنكسارات خطيرة.
فمنذ قيام الدولة , وإقصاء ذوي الرأي والعقل والفكر يمضي بعنفوان متصاعد , وتشهد على ذلك السجون والمعتقلات بأنواعها , من نقرة السلمان وحتى قصر النهاية , وما بعدها من المعتقلات التي تأسست في الزمن الديمقراطي الجديد.
ولو عاد الواحد منا إلى نفسه وتساءل عن الذين قرأ لهم في صباه , فسيجد معظمهم من الكتاب والمفكرين والفلاسفة العرب والأجانب , وكأن التغييب الثقافي والفكري والفلسفي سلوك مقصود , ونهج مفروض على الحكومات.
واليوم نعيش أزمة فراغ ثقافية وفكرية , برغم إنطلاق الأقلام بالكتابة وتعدد المواقع والصحف , فالحقيقة تؤكد عدم وجود كاتب أو مفكر مؤثر في الوعي الجمعي , وأكثر المكتوب عبارة عن ترويحات وتظلمات وإعادة موضوعات , وطروحات متصلة بأشخاص وكراسي وتحزبات ومذهبيات وطائفيات , وغيرها من التأسّنات والتعفنات الثقافية , التي تزكم روائحها الأنوف وتعمي البصائر وتشل المَدارك.
فلا يزال المجتمع بلا تيار فكري ثقافي , وما يسوده هو التخبطات الهذيانية التضليلية المتصلة بذوي المنافع والهيمنة على الآخرين من المتاجرين بما يسمى دين , يغشون به الناس ويبرمجون أدمغتهم ليكونوا رهائن عندهم , وبضائع يبيعونها في مزادات الخنوع والهوان , ويمحقون الهوية ويغيّبون الوطنية ويقتلعون الوطن , فيكون الإنتماء لما يدعون إليه هو الخيار الأوحد.
وبسبب ذلك فالمثقف الحقيقي مُقصى ومُستبعَد , ويتم التسويق لما يعزز إرادة المستحوذين على مصير الناس , والكاتمين على أنفاسهم بإسم مذهب أو دين.
ولن تتغير الأحوال إلا بولادة تيار ثقافي حضاري مستنير يتفاعل مع العقل ويفعّله , وينتشل الجماهير من العبودية والإسترقاق المذهبي والديني والطائفي والتحزبي.
فهل من جرأة إعمال العقل والثورة بالقلم؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here