لوثة اسماعيل

صالح جبار خلفاوي

اصيب اسماعيل في بداية حياته بلوثة حينما قربت والدته المنقلة المليئة بجمرات الفحم المتقد فظن انها تريد حرقه فهرب لكن النار اشتعلت في ثوبه واحرقت الجانب الايسر من جسده الغض فبقى بعاهة مستديمة مع اخته القميئة مع انحراف عمودها الفقري فكانت مكملة لشقائه خصوصا بعد رحيل والديهما المبكر .. عاشا بحبور صنعا هما بدون تكلف ببساطة تلفها لوثة غير عميقة .. عندما بلغ الثامنة عشر سيق لاداء الخدمة الالزامية ترك اخته سعودة في جانب الكرخ وذهب متأبطا بسطاله الى المعسكرات البعيدة التي تفع في الشمال حيث الجبال الشاهقة . للوجدة وقع مفجع فقررت الشقيقة ان تترك المنزل البائس وتلحق اسماعيل في غربته . حملتها سيارة حمل عسى ان تصل اليه وتجده سالما . هناك وجدت السبل غائرة في دهاليز مخيفة راحت تسأل الجنود عن اسماعيل .. ألا تعرفونه جانب من جسده تعرض للحرق واثارها بادية من تحت رقبته . انه مسالم لا يجيد العراك بالايدي وقد اخذ موقفا عند اخر شجار مع تاجر في شارع السمؤال حيث كان يعمل زبال واعتدى عليه التاجر لانه ترك كومة الاوساخ ولم يحملها … دارت ويبس فمها من كثرة من ناشدتهم عن اخيها الذي زج به في العسكرية ليقاتل العصاة وهو يعاني من لوثة طفولته ولم يبرأ منها الى الان .. ظلت تبحث في المزابل عسى ان تعثر عليه وهو يمارس عمله . الجميع ذهبوا الى مقاصدهم الا سعودة لم تيأس من البحث عن اسماعيل الذي توارى خلف الجبال وظنت انه نساها ولايعود حتى بعد مئة عام .. لكنها اصرت ان تنتظره ولن تعود الى محاصير الكرخ جوار مقبرة الشيخ معروف حيث جوبة الاغنام التي اقفرت منذ عقدين بعد صارت مسلخا للبشر ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here