مسلم بابا مسلم بابا مسلم بابا

مسلم بابا مسلم بابا مسلم بابا

انا اعشق البلدان الساحلية

اجمل الفيز على باسبوري تلك التي لها بحر

الشواطىء فقط من لها القدرة على ترويض قلبي وعقلي

بدونها انا مسطول ضائع خارج عن الخدمة حي لكنني غير مرئي للفوضى

المدن التركية التي تقع على الساحل تركت اقمارا وازهارا في روحي

انطاليا الانيا ازمير اسطنبول

الاكثر جمالا وسحرا مدينة ميرسين وبالتحديد كيزكلس

انها لازورد الامواج الجنوبية

فيها تعلمت من بيروت قواعد العشق

في احدى فنادق ميرسين المطلة على البحر

حدث هذا

ذات نهار طلبت من موظفة الاستقبال تاكسي ليقلني الى كيزكلس

حضر التاكسي بعد مكالمة هاتفية قصيرة

وصلت الى كيزكلس واتجهت الى كازينو مطل على البحر

تناولت الغداء بعدها تمشيت على الشاطىء تنقلت من مكان الى اخر

بعد مرور ساعات رجعت للكازينو تناولت العشاء

ثم دخلت الى نادي ليلي

بين اصوات الموسيقى والغناء والرقص

نظرت الى الساعة المعلقة على الجدار

نسيت موقع العقرب

دفعت الحساب وخرجت

الشوارع خالية الدكاكين مقفلة لا شيء يتحرك فقط الاضواء صاحية

الفندق الذي اقيم فيه يبعد كيلومترات

وانا بحاجة الى النوم بعد سهرة عسل

رأيت اعلانا ضوئيا على الشارع الرئيسي عليه صورة لشرطة النجدة وارقام للاتصال

فكرت بالاتصال بهم

واقول لهم

انا ابحث عن تاكسي ليوصلني للفندق في ميرسين

قلت

سائح سكران اصلع بحجم حمار على كتفه وشم لنجوم حمراء سوفيتية يزعج السلطات

تمشيت لبعض الوقت

رأيت عدة طاولات وكراسي وانوار ملونة

انه مطعم شعبي

رجلان يلعبان الكوتشينة وامرأة تجلس بجانب احدهم

كانوا يشربون البيرة

القيت السلام

قلت لهم اريد تاكسي لميرسين

قالوا لي

لا يوجد تاكسي او باص في هذا الوقت

من انت

قلت لهم

انا سائح كنت اتجول في كيزكلسي ولم اشعر بمرور الوقت

طلبوا مني الجلوس

جلست

الفتاة قالت لي هل احضر لك بيرة

قلت نعم

كلمات هنا حروف هناك انجليزية عربية فصحى بغدادية كوردية تركية

قال لي احدهم

لدي سيارة انا سأقوم بتوصيلك لكن بعد ان تنتهي اللعبة

قلت حسنا

انتهت اللعبة ذهب واحضر سيارته

فيات بيضاء موديل التسعينات

قال لي تفضل اركب في الامام

الرجل الاخر والفتاة ركبا في الخلف

تلك الفيات تحولت الى فيراري في الشوارع الخالية

في الطريق

اخرج السائق السجائر واعطاني واحدة

بارلمنت طويلة فاخرة

قال لي من تحب من المطربين الاتراك

قلت

بولنت ارسو يلماز موركل مسلم كورسس

هلل وكاد ان يخرج مشرطا ويقطع اوردته فرحا

مسلم بابا مسلم بابا مسلم بابا

اخرج من صندوق تابلوه العربية

قرصا مضغوطا

وضعه في مسجل العربية

كنا نصفق وندخن السجائر ونضحك

الاتراك يعشقون مسلم كورسس بين هذا المطرب والجمهور كيمياء فريدة

ان كنا نحن الغرباء نطبل ونزمر حين نسمع اغانيه فما حال اهل الدار

رغم عدم درايتي بلغة مسلم كورسس باستثناء عدة عبارات

لكن من كتب اغانيه شاعر عظيم ومن لحن موسيقاه ملحن عظيم ومن وزرع الاوتار ووضعها في زوايا الالات موزع موسيقي عظيم

فالقلب يفهم تلك اللغة ولا حاجة لمترجم

احدهم قال لي ذات مرة

ايفان علي

انت شاعر غامض ومعقد انا اقرأ مقاطعك الشعرية لكنني لا افهم ماذا تقصد بهذه الكلمة او ذاك السطر

لكنني عندما اقرأها اشعر بتحسن في المشاعر والاحاسيس

لانني اعرف انك تكتب بنبضاتك بدمائك

قلت له

الشاعر يصنع السم ويكتب عنه لا اريد تسميم قرائي

كنت ارى من خلال مرآة العربية الداخلية

الرجل الاخر والفتاة كانا يقبلان بعضهما

كانوا اصدقاء يعشقون المرح واللحظات الجميلة

صوت مسلم بابا ساحر وموسيقاه مزيج من الوجع والحرية

وصلنا الى ميرسين والى الفندق الذي اقيم فيه

توقفت السيارة وخرجوا معي

تصافحنا

اخرجت من محفظتي ورقة نقدية من فئة مائة ليرة تركية

جن جنونهم

قالوا لي

كنت وحيدا وتحتاج للمساعدة ونحن قم بالواجب

لا نريد المال

قلت لهم

انها للبنزين وليس لكم

لكنهم رفضوا

لم انسى وجوههم ولم انسى تلك الانوار الملونة …

تذكرت ما حدث وانا اشاهد فيلم مسلم وهو فيلم تركي يروي قصة حياة الفنان التركي الراحل مسلم كورسس

الصورة – بعدسة الشاعر والكاتب ايفان علي عثمان

على احدى الشواطىء التركية

ايفان علي عثمان

شاعر وكاتب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here