أَ لا من مسؤول شريف يعتبر مِن مواقف عليّ(ع)!؟

أَ لا من مسؤول شريف يعتبر مِن مواقف عليّ(ع)!؟
بقلم : العارف الحكيم عزيز حميد مجيد
لا أحد في الكون مثل الرسول(ص) سوى العليّ الأعلى الذي به عرفنا العليّ الأعلى و هما العليّ الأعلى و بينهما فاطمة(ع) التي لم يخلق الله الكون إلا لأجلها بحسب الحديث القدسي:[لولاك يا محمد ما خلقت الأفلاك و لولا علي ما خلقتك, و لولا فاطمة ما خلقتكما], ركّز هنا!
يقول (ضرار بن حمزة)(رحمه) في وصف الأمام عليّ(ع) الذي ما زال مظلوماً حتى من شيعته الذين أساؤوا لتضحياته ومنهجه, يقول :
[إنه كان بعيد ألمدى، شديد آلقوى، يتفجّر آلعلم من جوانبه، و تنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدّنيا و زهرتها، و يستأنس بالليل وظلمته.
كان و الله غزير العبرة؛ طويل الفكرة؛ يقلب كفه؛ و يعاتب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، و من الطعام ما خشن.
وكان و الله يجيبنا إذا سألناه، و يأتينا إذا دعوناه، و نحن و الله مع تقريبه لنا، و قربه منا لا نكلمه هيبة له.
يعظم أهل الدّين، و يحبّ المساكين لا يطمع القوي في باطله، و لا ييأس الضعيف من عدله.
فأشهد؛ لقد رأيته في بعض مواقفه .. و قد أرخى الليل سدوله، و غارت نجومه، و قد مثل في محرابه قابضاً على لحيته يتململ تململ الخائف، و يبكي بكاء الحزين فكأني الآن أسمعه يقول:
(يا دنيا إِلَيَّ تعرّضتِ، أم إليَّ تشوّقت هيهات هيهات .. غُرّيّ غيري لقد أبّنتكِ أو “طلّقتك” ثلاثاً لا رجعة لي فيك .. فعمرك قصير، و عيشك حقير، و خطرك كبير .. آه .. آه من قلّة الزاد، و بُعد السّفر و وحشة الطريق)].

و آلآن : (هل من مُحبّ أو مُتّبع للنبيّ وآله(ع) من يقرأ و يتّعظ من شيعة العراق المٌدّعين للتشيّع خصوصا أهل العمائم الذين قلبوا مفاهيم الدّين و منهجه فأفسدوا الأمّة التي فقدت ثقتها بنفسها و بآلدّين .. و لا نعتب على فعال و فساد غيرهم لأنهم أحرارٌ معروفيين)؟

أما كلمتي الكونيّة في وصف عليّ ألأعلى .. بعد وصف (ضرار بن حمزة) ألمُوثّق لدى الفرقاء جميعاً في اكثر أحاديثه تقريباً, فهي:
[و أيّ كلام .. أو موقف .. أو نفس .. أو حتى همسة و حركة بل و نظرة منه(ع) لم يكن رائعاً و ثابتاً و حقاً كونيّاً على مدى العصور!؟ يكفيه أنه كان رئيساً لإثني عشر دولة وقتها بظل الأمبراطورية الأسلاميّة؛ لكنه كان يعيش كأي فقير في إمبراطوريته, بل و بخّ بشده واليه على البصرة عثمان بن حُنيف حين قبل دعوة وجيه من وجهاء البصرة فحضر وليمة غذاء عنده؛ لكن الأمام عاتبه بكلام لم ينطق به حتى أنبياء أولي العزم(1).
عليّ بكلمة واحدة ؛ لولاه ما عرف الله أحداً من البشر الجاهل الظالم ..
بعليّ فقط عرف الخلق الله .. و الله ما ردّ الله لي طلباً قدّمتُ علياً له!؟
أ تحدى كلّ علماء العالم و حتى الأنبياء أنْ يُثبتوا شيئاً مشيناً و لو صغيراً أو حتى إشارةً أخطأ فيها العليّ عليّ .. سوى تواضعه المفرط و رحمته الواسعة و عدالته الكونيّة و عشقه الأزلي للحق و العدالة التي إعتبرها ميزان الإستقامة في الوجود و الذي شمل حتى الذي كان يقابله في ساحات الحرب و القتال, و رحمته و عدالته حتى مع قاتله أثناء السّجود ألذي كان يجعله في أدنى منحنى الضعف وآلتواضع أمام معشوقه الأزلي .. لقد كتب الناس على سيوفهم؛ [الفرار عار إلا من سيف عليّ] كإعتراف واضح بقوته وشجاعته, لذلك إختاروا قتل جسده الذي كان يُمثل وجه الله و كل العظمة بظهوره .. أثناء السجود, وهكذا كان ولا يزال طبع الخونة الجبناء]!
لقد كسر جميع الناس قلبه خصوصا المحيطين به إلا واحد أو إثنين أو ثلاثة منهم فقط و هضموا حقّه المُسلّم ألمُعيّن من الله .. لكنه لم يكسر قلب أحد منهم .. يا ألله .. يا ألله .. يا ألله ما هذه العظمة .. إرحمني و لا تحرقني بذنوب البشر الضال الذين لم يعرفوا حقهُ و مالوا مع الشيطان!؟
و الله و بآلله و تالله أقسم؛ لا وجود لحقيقة في الوجود بغير حقيقة عليّ الذي أعطى للحقيقة معنى و وجوداً و جمالاً و قيمة ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ورد في نهج البلاغة للأمام عليّ(ع) ألجزء 3 صفحة 71 : [… و إنما هي نفسي أروضها بالتقوى (1) لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر وتثبت على جوانب المزلق (2). ولو شئت لاهتديت الطريق (3) إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي (4) إلى تخير الأطعمة.
ولعل بالحجاز أو اليمامة (5) من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى؟ أو أكون كما قال القائل – وحسبك داء أن تبيت ببطنة (6) * وحولك أكباد تحن إلى القد أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش (7). فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها (8)، تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها. أو أترك سدى أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة(9).
وكأني بقائلكم يقول إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الاقران ومنازلة الشجعان. ألا وإن الشجرة البرية أصلب عودا، والروائع الخضرة أرق جلودا (10)، والنباتات البدوية أقوى وقودا (11) وأبطأ خمودا، وأنا من رسول الله كالصنو من الصنو والذراع من العضد (12). والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها، وسأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس والجسم المركوس (13) حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد (14) إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك (15)، قد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك، واجتنبت الذهاب في مداحضك. أين القرون الذين غررتهم بمداعبك(16) أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك. ها هم رهائن القبور ومضامين اللحود.
والله لو كنت شخصا مرئيا وقالبا حسيا لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلى التلف وأوردتهم موارد البلاء إذ لا ورد ولا صدر (17). هيهات من وطئ دحضك زلق (18)، ومن ركب لججك غرق، ومن أزور عن حبائلك وفق (20). والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه (21). اعزبي عني (19).
فوالله لا أذل لك فتستذليني، ولا أسلس لك فتقوديني. وأيم الله يمينا أستثني فيها بمشيئة الله لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص (22) إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها (23) مستفرغة دموعها. أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض (24) ويأكل علي من زاده فيهجع (25)؟. قرت إذا عينه (26) إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة (27) والسائمة المرعية طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها(28).
وهجرت في الليل غمضها (29) حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها وتوسدت كفها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم. وهمهمت بذكر ربهم شفاههم (30)، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم ” أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ” فاتق الله يا ابن حنيف ولتكفك أقراصك ليكون من النار خلاصك 46 – (ومن كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله): [أما بعد فإنك ممن أستظهر به على إقامة الدِّين (31) وأقمع به نخوة الأثيم، وأسد به لهاة الثغر المخوف (32). فاستعن بالله على ماأهمك، واخلط الشدة بضغث من اللين (33). وارفق ما كان الرفق أرفق, واعتزم بالشدة حين لا يغني عنك إلا الشدة. واخفض للرعية جناحك، وألن لهم جانبك. وآس بينهم في اللحظة والنظرة (34)، والإشارة والتحية، حتى لا يطمع العظماء في حيفك، ولا ييأس الضعفاء من عدلك, والسلام] .
– (ومن وصية له عليه السلام للحسن والحسين عليهما السلام لما ضربه ابن ملجم لعنه الله): [أوصيكما بتقوى الله وأن لا تبغيا الدنيا وإن بغتكما (35)، ولا تأسفا على شئ منها زوي عنكما (36). وقولا بالحق, و اعملا للأجر, و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا أوصيكما و جميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم، و صلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما صلى الله عليه وآله يقول: ” صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام”]. بينما العراقيون يفعلون العكس تماماً, يسرقون الفقراء و يستعينون بآلسحر الحرام, و النفاق, و زرع التفرقة بين الأرحام و الناس, لهذا سلط عليهم شرارهم و منافقيهم و أرذالهم كصدام و من جاء بعده.
ألهوامش:
ـــــــــــــــــــ
(1) أروضها: أذللها (2) موضع ما تخشى الزلة وهو الصراط (3) كان كرم الله وجهه إماما عالي السلطان واسع الامكان فلو أراد والقز: الحرير (4) الجشع: شدة الحرص (5) جملة ولعل الخ حالية عمل فيها تخير الأطعمة أي هيهات أن يتخير الأطعمة لنفسه والحال أنه قد يكون بالحجاز أو اليمامة من لا يجد القرص أي الرغيف ولا طمع له في وجوده لشدة الفقر ولا يعرف الشبع، وهيهات أن يبيت مبطانا أي ممتلئ البطن والحال أن حوله بطونا غرثى أي جائعة وأكبادا حرى مؤنث حران أي عطشان (6) البطنة بكسر الباء البطر والأشر والكظة. والقد بالكسر:
سير من جلد غير مدبوغ أي أنها تطلب أكله ولا تجده (7) الجشوبة: الخشونة (8) التقاطها للقمامة أي الكناسة وتكترش أي تملأ كرشها (9) اعتسف: ركب. الطريق على غير قصد. والمتاهة: موضع الحيرة (10) الروائع الخضرة: الأشجار والأعشاب الغضة الناعمة الحسنة (11) الوقود: اشتعال النار أي إذا وقدت بها النار تكون أقوى اشتعالا من النباتات غير البدوية وأبطأ منها خمودا (12) الصنوان: النخلتان يجمعهما أصل واحد فهو من جرثومة الرسول يكون في حاله كما كان شديد البأس وإن كان خشن المعيشة (13) جهد كمنع: جسد والمركوس من الركس وهو رد الشئ مقلوبا وقلب آخره على أوله، والمراد مقلوب الفكر (14) المدرة بالتحريك: قطعة الطين اليابس. وحب الحصيد: حب النبات المحصود كالقمح ونحوه، أي حتى يطهر المؤمنين من المخالفين (15) إليك عني: اذهبي عني. والغارب: الكاهل وما بين السنام والعنق. والجملة تمثيل لتسريحها تذهب حيث شاءت. وانسل من مخالبها: لم يعلق به شئ من شهواتها. والحبائل: جمع حبالة شبكة الصياد. وأفلت منها: خلص. والمداحض: المساقط (16) والمداعب: جمع مدعبة من الدعابة, و هي المزاح. والتاآت والكافات كلها بالكسر خطابا للدنيا (17) الورد بكسر الواو: ورود الماء. والصدر بالتحريك: الصدور عنه بعد الشرب (18) مكان دحض بفتح فسكون: أي زلق لا تثبت فيه الأرجل (19) أزور أي مال وتنكب (20) حانحضر. وانسلاخه: زواله (21) عزب يعزب أي بعد. ولا أسلس أي لا أنقاد (22) تهش أي تنبسط إلى الرغيف وتفرح به من شدة ما حرمها، ومطعوما حال من القرص كما أن مأدوما حال من الملح أي مأدوما به الطعام (23) أي لا تركن مقلتي أي عيني وهي كعين ماء نضب أي غار معينها بفتح فكسر أي ماؤها الجاري، أي أبكي حتى لا يبقى دمع (24) الربيضة: الغنم مع رعاتها إذا كانت في مرابضها. والربوض للغنم, كالبروك للإبل (25) يهجع أي يسكن كما سكنت الحيوانات بعد طعامها (26) دعاء على نفسه ببرود العين أي جمودها من فقد الحياة تعبير باللازم (27) الهاملة: المسترسلة, والهمل من الغنم: ترعى نهارا بلا راع (28) البؤس: الضر. وعركه بالجنب: الصبر عليه كأنه محرك فيسحقه بجنبه. ويقال فلان يعرك بجنبه الأذى إذا كان صابرا عليه (29) والغمض بالضم: النوم. والكرى بالفتح: كذلك (30) الهمهمة: الصوت يردد في الصدر وأراد منه الأعم. وتقشع الغمام: انجلى (31) أستظهر: أستعين, به وأقمع أي أكسر. والنخوة بالفتح: الكبر. والأثيم: فاعل الخطايا (32) الثغر: مظنة طروق الأعداء في حدود الممالك. واللهاة: قطعة لحم مدلاة في سقف الفم على باب الحلق، قرنها بالثغر تشبيها له بفم الإنسان (33) بضغث: بخلط، أي شئ من اللين تخلط به الشدة (34) آس أي شارك وسو بينهم (35) لا تطلباها وإن طلبتكما (36) زوي؛ أي قبض ونحى عنكما.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here