أمريكا وإقليم كوردستان من الشراكة الی التحالف

أمريكا وإقليم كوردستان من الشراكة الی التحالف
بما أن الشراكة هي وسيلة أو أداة لتنظيم علاقات مستقرة ما بين وحدتين أو أكثر  بهدف التقارب والتعاون المشترك على أساس الثقة وتقاسم المخاطر بغية تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة. والتحالف ماهو إلا اتفاق رسمي بين فاعلين اثنين أو أكثر للتعاون بعضهم مع بعض بشأن قضايا أمنية مشتركة مدركة، من خلاله يشعر الجهات المتحالفة بحاجة بعضهم إلى دعم بعض دبلوماسياً في تنفيذ سياساتهم الخارجية، فأن هدف إقلیم كوردستان هو مواصلة تنسيقه القوي مع أمريكا لتوثيق شراکته وعلاقاته الثنائية بغية حماية الإستقرار والتنمية في الإقليم والمنطقة.
من الواضح بأن السياسي الفعّال ينخرط في التجارب و ينغرس في التاريخ بقدر ما يتجاوز تاريخيته أو مشروطيته، لكي يُغيّر من شروط الواقع والإنجاز.
فهو يفعل بقدر ما ينفعل و يشتغل بقدر ما ينشغل، إنه نتاج للبنی والآليات والمؤسسات ولکنه يعمل في الوقت نفسە علی المساهمة في خلق الأفكار وفتح المجالات لإعادة إنتاج بنی وآليات ومؤسسات.
والقيادة الكوردستانية الحکيمة تعلم بأن الديمقراطية لاتأتي من الباب الخلفي كما يسعی الیها البعض، بل يجب أن تنبع من قرار سياسي واع و مقصود بتأسيس الديمقراطية، فالتحول والتغير الديمقراطي لا يأتيان إلا من خلال إصلاح واع و جريء.
نحن نعلم بأن الإقليم شريك قوي للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق لمحاربة داعش، ولرفع مستوی هذه الشراكة الی تحالف مبني على أساس الشراكة والندية، علینا أن نفهم مايجري لکي نساهم في صناعة علاقات راهنة، حية، متجددة و قوية و نتغير عما نحن علیه لخلق آليات جديدة تنسج تلك العلاقات بشكل أفضل ولحماية مصالحنا الوطنية علیه توظيف تلك العلاقات بحکمة و عقلانية ليس فقط مع أمريکا، بل مع نظم ديمقراطية أخری تمتلك مؤسسات ناضجة، لها القدرة علی إصلاح نفسها بنفسها و تصحيح ذاتها بذاتها لتخرج بعد كل أزمة بشكل أقوی.
أما إذا أردنا أن نعرف ما قد تحمله السياسة الخارجية الأميركية في المرحلة المقبلة من عناصر التغير والاستمرارية، فلابد أن نرجع الی السجل التاريخي للتطورات في السياسة الخارجية الأمريكية طوال العقود الماضية. فهذا السجل التاريخي يكشف لنا بسهولة طغيان عناصر الإستمراية علی عناصر التغير، دون أن تتأثر مسألة إنتقال السلطة من رئیس الی آخر، أو من حزب الی آخر إلا في حدود ضيقة.
فإهتمامات و أولويات صانع القرار الجديد في واشنطن في عامه الأول هي الترکيز على ترتيب البيت الداخلي الأمريكي، ومحاربة فيروس كورونا، والعمل على الملفات الاقتصادية، وتهدئة الشارع الأمريكي المنقسم وإعادة ضبطه، أما فيما يخص الملفات الخارجية فأنه سوف يتعامل كما تعامل الرئيس باراك أوباما، خلال حقبة رئاسته، وهذا يعني أنه سوف لن يخرج عن عباءة سلفه في كثير من الملفات سواء الداخلية أو الخارجية.
صانع القرار في الإقليم يؤکد دوماﹰ علی مسيرة السلام والأمن والتعايش السلمي في الإقليم وأولوية مصالحه، لذا نراه يعمل بعقلانية و واقعين و رؤية إستراتيجية بعيدة المدی لحماية تلك المصالح، فهو يدرس مواقفه لتجنبيب نفسه نتائج الأزمات والصراعات القائمة في المنطقة ويمارس استراتيجية فاعلة وواضحة للتعامل مع الإدارة الامريكية الجديدة ويؤکد إستمرار التعاون في مكافحة الإرهاب.
القيادة الكوردستانية تدرك مکان الإقليم، كمرتکز مهم في حماية السلم والأمن الإقليميين، بين أمريکا و خصومه في المنطقة وحجم التحديات والعقبات التي تقيد إرادة الإقليم، لذا تعمل بكل الوسائل الممكنة للمساهمة بشكل إيجابي في منع تطور الأوضاع المحلية والإقليمية بشكل يلحق الضرر بمصالحه العليا.
إقليم كوردستان تتبع سياسة الدبلوماسية الهادئة والهادفة الی إقامة أوثق العلاقات مع محیطه الإقليمي ودول الجوار، بعيداﹰ عن سياسات توتير الأجواء و خلق المحاور المتناحرة والتدخل في شؤون الغير وتكديس الاسلحة وشحن الاجواء بمفاعيل الاحتراب، ما يرتد سلباﹰ علی الإستقرار والإقتصاد والأوضاع الداخلية.
الدکتور سامان سوراني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here