النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائد ورجل دولة

النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائد ورجل دولة
ضياء محسن الاسدي

(( أن ما دفعني إلى كتابة هذا الموضوع الذي يتطرق إلى جانب من حياة النبي محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم نبي الإنسانية جميعا أول الأنبياء قبل الخلق وآخرهم وخاتمهم هذا النبي والرسول العظيم بعدما وصلنا النزر اليسير من آثاره وسيرته المشوهة والحقائق المظللة والبعيدة عن واقعها من خلال الدس والتظليل والافتراء على الشخصية التي أعدها الله سبحانه وتعالى لتكون حاملة لأشمل وأعظم رسالة ألاهية لهداية البشرية على الكرة الأرضية لطريق مستقيم كقائد لمشروع سماوي معد من قبل الله تعالى وباختيار دقيق من قبله لهذه الأمة المنحرفة عن سبيل الحق وبقدر عظمة هذا المشروع الألهي يجب أن يكون حامل لوائه أهلا لهذه القيادة من جميع النواحي العقائدية والاقتصادية والسياسية لخلق مجتمع قادر على فهم هذه الرسالة . لذا علينا أن نسلط الضوء ولو جزء يسيرا على حياة هذا القائد الفذ العظيم محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه فارتأيت البحث في موضوع الإدارة المالية أو السياسة المالية لإدارة هذه الدعوة والدولة الفتية منذ نشأتها وحتى وفاته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم . وللرد على كل من يقول أن النبي محمد عاش يتيما معدما منذ صغره وهو يعيش في كنف جده عبد المطلب وعمه أبو طالب من بعده عليهما السلام فهو واهم وغير مدرك لحقائق الأمور والتأريخ كون عبد المطلب كان سيد العرب ومطعم الطير والجن والأنس ويسمى بالفياض من فيض كرمه وجوده وعمله بالتجارة التي ورثها من آبائه وأجداده مع قومه قريش في رحلة الشتاء والصيف كما هو متعارف عليه وفرت له المال والجاه ومكنته من السيادة على العرب والمجتمع القريشي الصعب المراس والتفكير في القيادة القبلية في مكة المكرمة وخير شاهد على ذلك عمل أبيه وجده في التجارة مع أخواله من بني النجار في المدينة المنورة وحادثة جده عبد المطلب مع أبرهة الحبشي في يوم الفيل ولو لم يكن له المال الكافي لجده لما كانت له الزعامة والسيادة على قريش بعد أبيه وهذا ما أنعكس على حياة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه فقد كان له قدر من سعة المال الذي مكنه العيش مع زوجته السيدة خديجة بنت خويلد عليها السلام حيث أضافت له الكثير من الاستقرار المعيشي والعمل معها في التجارة بأموالها التي انعكست عليه إيجابا أثناء الدعوة الأولى للإسلام فأستطاع الوقوف ضد ظلم قريش وتصرفاتها المسعورة اتجاه الضعفاء من المسلمين الأوائل ومحاولة إنهاء هذا الدين الجديد والتضييق المادي والمعنوي على المسلمين فقد كان واهما من أعتقد أن الرسول الأعظم عاش فقيرا حيث لم نسمع أو نقرأ أن محمدا أشتكى من العوز المادي بل على العكس كان محترما صلدا ذو شئنا وصادقا وأمينا والمقدم فيهم وهذا لا يحصل إلا من كانت له فسحة من المال والمكانة الاجتماعية في مجتمع صارم قبلي فقد كان يدعوا المسلمين إلى موائده في بيته للطعام مرارا حتى نزلت الآية 53 من سورة الأحزاب ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ……… ) وكان من صفاته الجود والكرم وهذا لا يتحقق إلا من سعة المال وقدرة على الإنفاق للمال .كما ورث عليه الصلاة والسلام من أبيه موالي هي ( أم أيمن الحبشية تسمى بركة ) وخمسة من الإبل ومولاه شقران وأبنه صالح ومولاه زيد بن حارثه وورث من أمه عليها السلام دارا في شعب أبي طالب بمكة المكرمة وورث من خديجة زوجه دارها بين الصفا والمروة كما أشترى أرض المسجد في المدينة المنورة بنا عليها بيته وله ناقة تسمى القصواء وبغلة تسمى دلدل وفرس تسمى السَكَب كما تبنى الإنفاق على مجموعة من المسلمين عددهم حوالي 168نفر من الفقراء لكن لا ننكر أبدا أن تشديد الخناق على المسلمين ومحاربتهم بأعتى الوسائل الوحشية من قبل قريش المشركة الجاحدة على النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه لثنيه عن دعوته لكن حنكة القائد النبي أتخذ أول التدابير المهمة والخطيرة لإمداد دعوته بالمال هي الهجرة الأولى والثانية إلى أرض الحبشة بملكها المؤمن الموحِد النصراني بحكمة ودراية ودراسة وبأشخاص أختارهم لهذه المهمة الصعبة والخطرة حيث كان أكثرهم ذو مال وتجارة يديرونها في قريش ومن كبار التجار منهم عثمان بن عفان – الزبير بن العوام – جعفر الطيار – عبد الرحمن بن عوف – عثمان بن مضعون – رضي الله عنهم فكان الدعم اللوجستي ب ( المال والسلاح والتبشير للدعوة ) . لقد قدم النبي محمد صلوات الله عليه إلى المدينة المنورة مهاجرا إليها لبناء الأسس الأولى لبناء دولته حيث أقام قواعد الموازنة المالية العامة وكيفية أدارتها بعدت خطوات اقتصادية ومالية منها بتكليف من الله تعالى عبر كتاب الله العزيز القرآن وآياته والقسم الأعظم بعقلية اقتصادية ومالية من الرسول الكريم منها أولا آخى بين المسلمين من المهاجرين والأنصار بطريقة التكافل الاجتماعي لكي لا يسبب عبأ كبيرا على الدولة الجديدة وتخفيف الأعباء المالية عليها .
_ أقام النبي الكريم سوقا خاصا للمسلمين يمتارون فيه بدون خراج عليه حيث قال ( هذا سوقكم لا يضربن أحد عليكم بخراج).
_ كان يشترط في الصلح مع الأقوام والديانات المجاورة له بتوفير وشراء الأسلحة وتجهيز السرايا للقتال كشرط مع عقد الصلح .
_ كانت أموال اليهود من بني النضير فئ للرسول وأرض خيبر ( فَدَك ) كلها تحت يده المباركة وبتصرفه ومن قبل شارك النبي اليهود من بني النضير أراضيهم ومحاصيلهم الزراعية وأقطع بعض أراضيهم إلى الصحابة على شرط استثمارها والاستفادة من مالها منهم الزبير بن العوام وكذلك وائل بن حجر وعبد الرحمن بن عوف وعكرمة وثعلبة الخشنى .
وهناك إيرادات لتعظيم موازنة الدولة الإسلامية في زمن الرسول وبعده وهي
الزكاة :وهي صدقة على المسلمين من أموالهم بأمر من الله تعالى كما جاء في سورة الروم الآية 39( ….. وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) وفي الآية 60( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وأبن السبيل فريضة من الله ……… )
الغنائم :كما في سورة الأنفال الآية 41( وأعلم أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وأبن السبيل …….. )
الفئ:كما في سورة الحشر الآية 6( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وأبن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ……… ) .
الجزية :في سورة التوبة الآية 29( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ).
كذلك هناك موارد أخرى تطوعية من المسلمين المتمكنين ماليا كصدقة جارية لهم يطهرون بها أنفسهم كما أن هناك أراضي وقفية لبعض المسلمين تحت تصرف النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهناك ممتلكات للدولة مثل أرض البقيع حيث كانت مرعى لخيل المسلمين وبهذا فقد أدار النبي الكريم سياسة الدولة المالية بعقلية القائد الملم بالسياسة الداخلية والخارجية وبأسلوب معرفي خبير بالأمور المالية والتجارية عرف كيف يعظم ويدير إيرادات دولته الفتية مع أصحابه الكرام على العكس ما وصل إلينا من تصوير دولته الضعيفة المعتمدة على الغير غير آبه بأمورها مشغول بالقتال والغزوات والأمور الشخصية والدنيوية ) …………..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here