السلم الأهلي في خطر كبير

السلم الأهلي في خطر كبير

كانت تلك سنين عجاف بائسة من التخلف و الأنحطاط و العودة الى العصور الغارقة في القدم عندما سادت مواثيق القبيلة و طبقت احكام الشريعة و صارت العقوبات الجسيمة تلحق بالمخالفين و ان كانوا من اتباع ديانات و عقائد اخرى فكان الجميع تحت سلطة و سطوة الأحزاب الدينية و فصائلها المسلحة و تنوعت وسائل القتل و القمع من الأغتيال الى التفجير الى الخطف و التغييب و تعددت قوائم المطلوبين للسلطة الدينية فأبتدأت بالطيارين و الكفاآت العلمية المرموقة و ضباط الجيش و لم تنتهي بالمبدعين و الأعلاميين و اصحاب الرأي المغاير و القائمة تطول و الأسماء في تزايد مستمر و ان كان قادة الأنتفاظة التشرينية و نشطائها في اول تلك القائمة المشؤومة و قد تنظم فئات اخرى في انتظار العقوبات و المحاسبة .

لم تعد تنفع و لا تفيد المناشدات و النداءآت في ضرورة حماية الدولة من التدخلات الأجنبية و بالأخص الأقليمية منها و عدم جعل العراق ساحة تصفية الخصومات او حديقة خلفية كما يوصف عند الحديث عن التدخل الأيراني الفظ في الشأن الداخلي و جعل العراق و بالعمد سوقآ مفتوحة للبضائع و السلع الأجنبية في مقابل كساد بضائعه و ركود اسواقه و توقف مصانعه و اتساع طوابير العاطلين عن العمل حتى صارت البلاد الغنية بالموارد الطبيعية الهائلة ذات الشعب الفقير و المعوز و الذي يعيش في ( مدن ) هي اقرب الى القرى منها الى المدن حيث الخدمات البلدية الرديئة و البنى التحتية المهترئة و الرعايا الصحية و التعليمية السيئة .

هي ذات الأحزاب الدينية التي كانت السبب الرئيسي في اشعال فتيل الحرب الأهلية الطائفية التي اندلعت في العراق حيث كانت سياسات التهميش و الأقصاء و نظرة الريبة و الشك التي كان شركاء الوطن يعانون من تبعاتها ان وجدت التنظيمات الأجرامية ( القاعدة و داعش ) الملاذات الآمنة و الحاضنات الداعمة و التي تنطلق منها تلك التنظيمات في مهاجمة القوات العسكرية و كذلك المدنيين العزل الذين طالهم من اجرام القاعدة و داعش الشيئ الكثير حين كانت المفخخات تنفجر وسط الأهالي في الساحات و الميادين و الأسواق و لولا تلك السياسة الطائفية و الأنعزالية التي مورست بحق سكان بعض المحافظات لما وجدت تلك التنظيمات الأرهابية موطئ قدم او مكان آمن تنطلق منه .

هاقد وصل الرفض الجماهيري المطلق الى ما يسمى بالمعقل الرئيسي لهذه الأحزاب و كانت الأنتفاظة التشرينية التي هبت في محافظات الوسط و الجنوب و التي كانت تظن و تحسب الأحزاب الدينية الحاكمة ان جماهير تلك المحافظات محسومة الولاء لصالحها و تبين العكس تمامآ حين احرقت الجماهير الغاضبة مقرات و اوكار تلك الأحزاب و التيارات و دمرتها تعبيرآ عن الرفض المطلق من اهالي محافظات الوسط و الجنوب لممارسات هذه الأحزاب و ميليشياتها المسلحة التي وجدت عدم القبول بتصرفاتها و اعمالها و قد انظمت جميع المحافظات في الغرب و الوسط و الجنوب ليصبح العراق موحدآ في مواجهة هذه الأحزاب و التيارات و فصائلها المسلحة .

يخطئ من يظن ان تسلم هذه الأحزاب و ميليشياتها بنتائج الأنتخابات المبكرة القادمة و التي قد تكون قد حسمت مقدمآ لصالح الحراك الجماهير التشريني و الأغلبية المضطهدة الصامتة و ان تركن الى القبول بتلك النتائج و ان تجنح الى السلم لكنها سوف تستخدم اسلوب التهديد بذلك الكم الهائل من السلاح الذي تملكه و قد بدأت بتنفيذ تهديداتها فعليآ و ميدانيآ حين تساقط العديد من الشهداء اغتيالآ من الناشطين و المؤثرين في ساحات التظاهر و الأعتصام و مازال العديد منهم ينتظر المصير ذاته و كذلك سوف تلجأ هذه الأحزاب الى اسلوب الوعيد بالأموال الضخمة التي استحوذت عليها و سرقتها من خزائن الدولة و قوت الشعب و التي قد تجد طريقآ او سبيلآ الى البعض من ذوي الضمائر الخاملة .

عندما تتأكد و تتيقن هذه الأحزاب و التيارات المهيمنة على الساحة السياسية العراقية من هزيمتها و لم ينفع التهديد او يفيد الوعيد فأن هذه الأحزاب و معها ميليشياتها سوف تنزل الى الشوارع و تحتل المقرات الحكومية و تستولي على المعسكرات و الثكنات في انقلاب عسكري ميليشياوي تحت عناوين و مسميات ( التصدي للأحتلال و المقاومة المشروعة ) و ما الى ذلك من الشعارات التي تعول عليها كثيرآ في استمالة المشاعر الوطنية الجياشة عند الغالبية العظمى من المواطنيين الذين لم تعد مثل تلك الهتافات و الأعلانات تهمهم من قريب او بعيد .

عند هذه المرحلة المفصلية و الخطرة من تأريخ العراق فأن من اهم واجبات القوات المسلحة العراقية ( الجيش و الشرطة ) هو التصدي الحازم و القوي لتلك العصابات المسلحة مهما كانت مسمياتها و القضاء عليها سريعآ و اجبارها على القاء السلاح طوعآ او قسرآ و من الآن يجب نزع سلاح تلك الميليشيات الغير قانوني و الغير شرعي بقوة القانون و قوة الأرادة الشعبية و تجريد تلك الأحزاب من الأموال المسروقة و مصادرتها تحت طائلة المسائلة ( من اين لك هذا ) و ارجاع تلك الأموال الى خزينة الدولة و اعتقال اللصوص و ايداعهم السجون و المعتقلات حيث المكان المناسب لهم و ان لم تكن تلك الأجراءآت من القوة و الحزم فأن العراق قادم على حربآ أهلية اشد شراسة و اكثر دموية من تلك التي سبقت و ليكن الله في عون هذا الشعب المنكوب و المنهوب .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here