الفكرة والفكرة!!
أنظمتنا تعاني مأزق الإفتراق والتناقر ما بين الفكرة والفكرة , فنظام الحكم بعيش في خيمة الكرسي وخندق الحزب , ويمضي في حفر حفرة إنقراضه , لإنعدام تواصله مع متطلبات الحياة الجارية في نهر الوجود الدفاق.
ومعظمها يغفل أن الناس تعيش في بحر الدنيا ومحيطاتها , وأنهارها المتسارعة نحو خلجان الصيرورات الجديدة.
فالناس اليوم تتعلم وتتدرب في مدرسة الدنيا , وأروقة صفوف العولمة , والثقافة البشرية المشتركة , فالكرة الأرضية بأحداثها ونشاطاتها الثقافية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية , عبارة عن جهاز صغير بحجم كف اليد ومحمولة في جيوب البشر.
فالناس وإن لم تتعلم في المدارس , فأنها ذات مدارك ورؤى وتصورات عالمية ودنيوية شاملة , ومأسورة ومؤدلجة وفقا لمعطيات التفاعلات القائمة على شبكات الإنترنيت , ومعظمهم أعضاء في إمبراطوريات التواصل الإجتماعي , كإمبراطورية الفيس بوك وأخواتها.
فالناس ما عادت تأبه لأصوات الكراسي ونعيق أصحابها , لأنها منشغلة في عالم آخر بعيد عن منطوقها وفحوى إرادتها.
ومعظم كراسي المنطقة , تشترك بأنها لا تتوافق مع إرادات وتطلعات الناس , ولكي ينتصر أصحابها على الناس , أخذوا يوظفون الدين والطائفية وغيرها , لتحقيق مآربهم السلطوية ورغباتهم الكرسوية.
فما يجري مصالح فردية وفئوية معضدة بمصالح إفليمية ودولية , تسعى لإمتلاك الآخرين , والحيلولة دون تفاعلهم الإيجابي مع الحياة , ليتحقق الإستعباد والإسترقاق المعاصر الذي تعاني منه المنطقة.
فالجالس على كرسي المآسي والويلات والتداعيات , سيد مؤزر ومسنود من قبل أصحاب المصالح الكبرى , والناس يجب أن يكونوا عبيدا حول قوائم كرسي الفساد والجور والإمتهان اللذيذ.
ووفقا لما يجري في الدنيا , فأن هذه الآليات ستنقلب وبالا على أصحابها , لأن الدنيا تمازجت وصارت لغتها الحضارية واحدة , ومفاهيمها مشتركة وصريحة , فالحرية عقيدتها ودينها , والديقراطية منهجها , ولا يمكن لأية قوة أن تصادر هذه القيم العالمية الجديدة مهما توهمت.
وما يجري في المنطقة بأسرها عبارة عن فقاعة , ومنازعة ما بين الوجود الإنساني السعيد الرحيب والوجود الإنقراضي السوداوي المبيد.
ووفقا لمعطيات التأريخ ومنطق الأكوان , فالغثيث سينتهي , والجديد سيتواصل , والإنسان ولد حرا , وخلق حرا , ولا يمكن لأية قوة في الوجود أن تسرق حقه الإنساني الطبيعي , فقدرات وقوى الأكوان تسانده وتتفاعل معه بإيجابية عالية.
فهل من صحوة ووعي وتواصل إدراكي مع واقع الحياة , وأنوار المستقبل والحاضر المتوهج بالأفكار؟!!
د-صادق السامرائي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط