أجيال جديدة تكشف دوستويفسكي وتروّج له تأثيرا وعرفانا !
بقلم مهدي قاسم
مجرد إلقاء نظرة سريعة على مواقع إنترنتية عربية وكذلك على صفحات التواصل الاجتماعي يمكن العثور على حسابات و صفحات عديد خاصة بأدب دستويفسكي حينا أو ضمن الأدب الروسي ولكنها في غالبيتها مرّكزة على أعمال دستويفسكي الروائية حينا آخر كأمر إيجابي ( إلى جانب بعض سلبيات ذكرناها في مقابل سابق ) وهو أمر مبهج بالنسبة لي حقا لكوني أنا بدوري من معجبي بأعمال دستويفسكي بشكل خاص وقارئ كل أعماله المترجمة باللغتين العربية والهنغارية ..
بطبيعة الحال لا نحتاج القول هنا للإشارة إلى دوافع هذا الاهتمام من قبل الأجيال الشابة بأدب دوستويفسكي في الوقت الراهن ، سوى على أنها تأتي تأكيدا على التمايز الإبداعي العظيم والفرادة الفنية اللتين اتسمت بها تلك الأعمال ، وذلك من خلال غوص الروائي العميق في أعماق النفس البشرية المضطربة بغية تسليط الضوء على مناحيها وزواياها المشرقة الضئيلة ، والمظلمة الكثيفة ، والخيرة القليلة ، والشريرة الكثيرة ، حتى يمكن القول أن هذه الأعمال الروائية هي بمثابة مرايا صافية ناصعة لترى النفس البشرية حقيقة نفسها بكل جمالها وقبحها وبشاعتها وطيبتها وخبثها ونبلها ونذالتها في آن واحد ، عارية مجردة ، وكما هي عليها في واقع الأمر بدون رتوش أو تجميل ، على شكل سلسلة طويلة ومتواصلة من تراجيديا تعيد نفسها جيلا و بعد جيل ، حيث يشعر كل جيل ما بعد جيل وكأن دستويفسكي يطرح مشاكل وأزمات عصره هو بالذات بالرغم من مرور مئات السنين على كتابة تلك الأعمال الخالدة ..
علما أن للحب مساحة قليلة وغير طاغية على تلك الأعمال الرواية وكذلك قلة باقات الورود الزاهية فيها !! ..
وحسب اعتقادي كان دستويفسكي يكتب ضمن رؤية توليد طاقة سلبية إلى أقصى حد عند أبطاله و بطلاته ، تمهيدا لولادة وخلق طاقة ايجابية حقيقية ومشرقة تحملها روح جميلة وأصيلة ( بعد معاناة وتجارب حياتية قاسية حيث يولد الإنسان من جديد من خضم الألم الكبير والتجارب المريرة ليخرج بكل نبل روحي جميل وسام إنسانا طيبا واهبا مجردا من كل أنانيته الضيقة ) في مقابل دون دون أن تكون ثمة حاجة الى إيجاد طاقة إيجابية مفتعلة ، أشبه بورود بلاستيكية مصنعة وباهتة و عديمة نكهة وعطر ، يتنفسها المرء بنشوة زائفة بهدف الاحتيال المؤقت على الذات المثقلة بجوانياتها المضطربة والكئيبة ..
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط