الاديب بيوس عفاص وصمت الرئاسة!!

متي كلو

“أسوأ الْعُقُول هِيَ مِن تَحَوَّل الإخْتِلَاف إلَى خلاف”

ويلْيام شكسبير

الاب والاديب بيوس عفاص موصلي الهوى والروح ،شاب في الثمانين من عمره “ولد في الموصل في 19 تموز1939″ وكاهنا منذ 59 عاما 10″ حزيران 1962″ هذا الرجل يتميز بسعة اطلاعه وكثرة قراءاته،انه قامة ثقافية وادبية وضع عدة مؤلفات وترجم كتب اخرى اصبحت مصدرا للباحثين، واحد مؤسسي مجلة الفكر المسيحي التي كانت واسعة الانتشار منذ تاسيسها في عام 1964 لغاية تسليمها عام 1995 للاباء الدومنيكان، اسس دار بيبليا للنشر و مركز الدراسات الكتابية، ينكب هذا الرجل على الكتب باحثا،متفحصا، منقبا، ليرفد قرائه بكتب جديدة وذلك في غرفة من غرف دار لابرشية كنيسته في بلدة عنكاوة في العراق، هذا الاديب لم يقترف جرما بحق كنيسته ولم يقترف عملا مخلا بالشرف ولم يكتب كلمة اعتقدها الاخرون هرطقة،ولم يهاجم احد بكلمات نابية لا تليق بمقامه، هذا الرجل اضافة باصابته بمرض اسمه هوس القراءة او داء المثقفين، و مصاب بمرض ثاني اسمه مرض البحث والتاليف، جلساته مع اصدقائه ثقافية وادبية ولكن من عيوبه انه اختلف في رؤيته واراءه مع احدهم وهذا الاختلاف اتخذه المطران نثنائيل نزار سمعان رئيس ابرشية عنكاوة خلافا معلنا حربا شعواء ونحن في القرن الواحد والعشرين الذي اصبح فيه حق الاختلاف ميزة حضارية وتبادلها اصبحت حرية للنقاش وتبادل الاراء بكل شفافية واصبح عدم الغاء او اقصاء الغير حالة من الرقي في الثقافة والمنطق والحياة العامة والظاهر ان المطران لا يملك سلطة العقاب ومحاكمة هذا الاديب او زجه في السجون كما كان يفعل البعض في القرون الاوسطى ولكن اقسى شيئ عمله هو طرده في ليلة العيد من غرفته ومكتبه وصومعته في دار الابرشية والتبرير الحاجة الماسة الى هذه الغرفة اللغز!

ان ما مارسه المطران بحق الاديب بيوس عفاص لا يقل عما مارسه تنظيم الدولة الاسلامية”الدواعش” بحق المسحيين عندما سيطر على مدينة الموصل وسهل نينىوى! الدواعش طردوا المسيحيين من دورهم والمطران طرد مسيحي من غرفته!!

بدلا من يقف هذا المطران احتراما واجلالا لقلم هذا الاديب، ويكرمه في عيد المحبة والسلام بل قام بطرده في ليلة ليلاء! طرده في يوم يحتفل فيه العالم بقدوم عام جديد ملئ بالمحبة والمسرة ويصافح احدهم الاخر، ولكن هذا المطران احتفل بطريقة غاية في الغرابة وبعيد عن كل ما يجب ان يؤمن به امام الملأ ولا اشك بان موعظته في العيد كانت تحتوي ما جاء في الكتاب المقدس (على الأرض السلام وفي الناس المسرة)! فهل العمل الذي قام به المطران فيه شيئ من السلام او المسرة، وكيف صافح المطران ابناء جلدته وهو يطرد علم من اعلام كنيسته في ليلة يحتفل العالم فرحا، وكيف ترجم ما تعلمه في حياته الكهنوتية الى قلب قاس بدون رحمة لرجل كبير السن! لا اشك بان ما فعله بعيدا كل البعد عن ما تعلمه في دراسته ،نعم بعيد كل البعد عن القيم الانسانية، ونهمس في اذني المطران بان زمن سياسة الاقصاء والالغاء اثبتت فشلها وعقمها في الحياة ونحن اصبحنا قرية صغيرة بفضل التكنولوجية الحديثة وليس هناك ما يمكن اخفائه والرسالة التي نشرها حول الحادث الاب بيوس عفاص خير دليل على ذلك.

اكتب مقالي هذا ليس دفاعا عن كاهن، بل دفاعا عن اديب ومثقف وكاتب وقامة اعطت الكثير للمكتبة امتدت اكثر من خمسة عقود كما اعطى الكثير من وقته وفكره وقلمه وصحته ، ويمضي اكثر من شهر على هذه الواقعة او هذا الاجراء التعسفي بحق رجل ،نعم اكثر من شهر ورئاسة كنيسته لم يصدر عنها اي توضيح حول هذا الاجراء،! كما لم يصدر المطران اي توضيح لما حصل!!هل هذا يعني بان اجرائه جاء بموافقة رئاسة كنيسته ام ان اجراء المطران ليس من حق الرئاسة التدخل بعمله!

على رئاسة كنيسة الاب بيوس عفاص ان لا تهمل هذا الاجراء وكذلك رسالة الاب بيوس عفاص التي نشرها على صفحته على الشبكة العنكبوتية والتي ورد فيها بعض الاتهامات التي وضعت المطران في موقف لا يحسد عليه ومنها ما جاء عن المطران ” انتخبه اساقفة لم يبحثوا عن ماضيه غير المشرق”و” القادم من لندن والذي ابتلى به ابناء وبنات هذه الابرشية”!! واضعا علامات استفهام على طاولة الرئاسة وعلى القارئ التعليق على الجملتين المحصورتين بين الاقواس،لانها تعني الكثير!

بعد هذه الحادثة، اصبح الجميع من زملائه وقرائه بانتظار توضيحا وعدم ترك الامر بهذا الشكل الغامض، لان الغموض يصبح مرتعا خصبا للتعليقات المتضاربة وانواع التكهنات! الجميع بانتظار ايضاح لان الحكمة ليست بالصمت دائما!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here