رؤية قانونية في النزاهة الانتخابية

رؤية قانونية في النزاهة الانتخابية

مسؤولون وسياسيون من الصف الاول، وقادة ورؤساء في مناصبهم واحزابهم يرددون هذه الايام ويؤكدون على ضرورة واهمية النزاهة الانتخابية، وينسى هؤلاء او يتناسون انه لو طبقت نسبة بسيطة من متطلبات وشروط النزاهة لما وصل احدهم الى المنصب الذي هو فيه او حتى الى مسافات بعيدة من المكان الذي وصل اليه، وحتى لا يتحول مفهوم النزاهة الانتخابية الى كلمة ينفر منها الناس من كثرة ترديدها خلال السنوات ال17 الماضية مثل محاربة الفساد والطائفية والشفافية والتسامح والمشاركة وغيرها من الشعارات الكبيرة التي لم ينجح النظام السياسي (اذا كان يصح وصفه بنظام) في العراق ان يحقق ولو نسبة بسيطة من التقدم او النجاح.

عليه نجد من المهم والواجب المساهمة في التعريف بموضوع النزاهة الانتخابية سواء جرت الانتخابات مبكرة، او في موعدها المحدد او حتى لو تأخرت لاي سبب من الاسباب، فمفهوم النزاهة او تعريفها يعني توفير وتهيئة مجموعة من المتطلبات وتحقيق مجموعة من المعايير المستندة إلى مبادئ الديمقراطية والمشاركة التي من خلالها تنفيذ الاجراءات الكفيلة بحماية حرية الانتخابات، وهذه الاجراءات والمعايير يجب توفيرها في ثلاث مراحل:

1-مرحلة ما قبل الانتخابات او مرحلة التهيئة والتحضيرلاجرائها، وهي تستلزم وجود قانون انتخابي واضح يحقق اكبر مشاركة لجمهور الناخبين، وممكن التطبيق من خلال توفيرالمستلزمات القانونية والفنية لتطبيقه، وهو ما يتطلب وجود قاعدة بيانات صحيحة للناخبين من خلال احصاء(تعداد) سكاني حديث تم اجراؤه وفق الطرق والاساليب العلمية الحديثة، وتوفير الشروط الفنية من اجهزة وبطاقات تعريف سواء كانت بطاقات بارومترية او غيرها، ورقابة حقيقية وفاعلة سواء كانت رقابة محلية او دولية من خلال الامم المتحدة ومنظماتها المتخصصة.

2–مرحلة يوم الانتخابات بتحقيق الامن الذي تتولاه سلطات وقوات الحكومة وحدها، وحصر السلاح والسلطة والنفوذ بالدولة من اجل قيام الناخب باداء حقه الانتخابي بكل حرية ومن غير خوف او تهديد او اكراه لتزوير ارادته.

3-مرحلة ما بعد الانتخابات والتي تتطلب حكومة قوية قادرة على ضبط الانتخابات بكل مراحلها ومنع تبديل او تغيير النتائج سواء بافتعال عمليات حرق الصناديق او تغيير النتائج بشتى الطرق والاساليب ، واعلان النتائج في موعدها المحدد منعا لكل تلاعب وتحريف وتزوير.

وفي كل المراحل علاه تتداخل وتتعاظم اهمية دور الحكومة في تنفيذ واجبها باجراء انتخابات نزيهة بالافعال وليس بالشعارات او الاقوال، من خلال حصر السلاح بيد القوات الحكومية الرسمية فقط، وتوفير كل المتطلبات لاداء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لاداء عملها المهني والفني، وتوفير الاليات القانونية من اجل ممارسة كل مواطن حقه في الترشيح والانتخاب وحق الطعن لدى الجهات المختصة قانونا فيما لو وجد ان انتهاكاً او تعدياً قد جرى على حقوقه.

وهذا لا يتم الا من خلال اعادة الروح الى المحكمة الاتحادية العليا المعطلة منذ اكثر من عام، بتعديل قانونها بما يكمل النصاب القانوني وبما يمكنها ممن اداء دورها في العملية الانتخابية والتصديق على نتائجها التي لا تكون نافذة الا بتصديق هذه المحكمة حسب المادة(93/سابعاً)من الدستور.

واخيرا فان الرقابة على الانتخابات بكافة مراحها من الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والمواطنون والمراقبون المحليون والدوليون تمثل الضمانة الهامة على نزاهة الانتخابات، لانها تسهم في اكتشاف وتفادي المشكلات قبل واثناء وبعد اجراء الانتخابات.

القاضي عضو الادعاء العام

عبدالستار رمضان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here