أحزاب تشرين تستعد لخوض الانتخابات وتخشى التصفيات والمال السياسي

بغداد/ تميم الحسن

مازالت بعض التنظيمات السياسية الجديدة التي خرجت من رحم تظاهرات تشرين، مترددة في خوض الانتخابات البرلمانية المبكرة، خوفا من “السلاح المنفلت” و”المال السياسي”، فيما تعد تلك التنظيمات خطة طموحة فيما لو وصلت الى السلطة.

ومن المفترض ان تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول المقبل، بعدما كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قد تراجع عن الموعد السابق لاجراء الانتخابات، والذي حدده في 6 حزيران المقبل، لـ”اسباب فنية”، بحسب تبريرات مفوضية الانتخابات.

وتأمل القوى الصغيرة والمستقلة، هذه المرة بالوصول الى البرلمان عبر قانون الانتخابات الجديد، والذي اعتمد لاول مرة بعد عام 2003 على “الدوائر المتعددة”، والذي لا يسمح للمرشح الذي يفشل بالحصول على مقعد بذهاب اصواته الى حزبه او كتلته.

وكانت تظاهرات تشرين، التي اندلعت في خريف 2019، قد اجبرت القوى السياسية على تبني ذلك القانون، على الرغم من المحاولات اللاحقة للاحزاب المتنفذة لتضييق الفرص على القوى الصغيرة في المشاركة بالانتخابات عبر طلب تعديل القانون.

ومنذ انحسار التظاهرات العام الماضي، واعلان الكاظمي استعداده لاجراء انتخابات مبكرة، بدأت بعض القوى السياسية التقليدية واخرى التي تمتلك اجنحة مسلحة باستخدام “تشرين” او اسماء مقاربة لها في اعلان احزاب جديدة تنوي المشاركة في الانتخابات المقبلة.

وبحسب مصادر (المدى) فان الاحزاب التي قدمت نفسها تحت “عناوين تشرين” قد وصلت الى نحو 60 حزبا وتجمعا، اغلبها غير ممثلة للمتظاهرين، بحسب ناشطين، وهي واجهات لاحزاب معروفة وفصائل مسلحة.

القبول بشروط اللعبة

وظلت قيادات التظاهرات والناشطين في ذورة التظاهرات، رافضين الانخراط في السياسية او المشاركة في عملية سياسية “فاسدة” بحسب الشعارات التي كانت مرفوعة حينها، لكن تدريجيا تم التراجع عن ذلك الموقف لعدة اسباب.

يقول محمد جبر وهو عضو في حزب امتداد، وهو أحد الاحزاب الجديدة التي ينتمي مؤسسوها الى احتجاجات تشرين، ان مادفعهم الى تأسيس حزب سياسي هو “عدم قدرة التظاهرات لوحدها على التغيير”.

كان أبرز ماحققته التظاهرات هو اجبار حكومة عادل عبد المهدي السابقة على الاستقالة نهاية 2019، واعتماد قانون انتخابات جديد يمنع احتكار القوى الكبيرة لاصوات الناخبين، لكن “امتداد” التي اسسها علاء الركابي، احد ابرز الناشطين في الناصرية تحلم باكثر من ذلك.

يضيف محمد جبر لـ(المدى) :”نريد ان نكون الظهير للاحتجاجات ونحمي حق التظاهر في العراق، ونقف ضد عمليات قمع السلطة، وننقل صوت الشارع الى البرلمان”.

وكان الركابي، قال الشهر الماضي خلال مؤتمر صحفي، إنه “سيتزعم التكتل الجديد الذي يحمل اسم (حركة امتداد)”. وأضاف أن الحركة “ستكون بمثابة صوت الاحتجاجات الشعبية لخوض الانتخابات البرلمانية المبكرة المقبلة”.

وأشار الركابي، خلال المؤتمر الذي شارك فيه ناشطون في الاحتجاجات من محافظات ذي قار، والمثنى، وبابل، والديوانية، إن “حركة امتداد ستواجه فساد النظام القائم في البلاد”.

وكان مؤسس امتداد قد تعرض سابقاً الى اتهامات من قبل متظاهرين، بانحيازه الى التيار الصدري – الذي دخل بعد نحو 3 اشهر من انطلاق الاحتجاجات في خلافات مع بعض المتظاهرين- كما اتهم الركابي بسعيه للحصول على منصب حكومي، وهو مانفاه الاخير حينها.

في تلك الاثناء يقول الناشط البارز حسين الغرابي، وهو مؤسس حزب جديد تحت اسم “البيت العراقي”، لـ(المدى) انه “امر غير معيب اذا قررنا الانخراط في السياسة. نحن نبحث عن بديل للدكاكين السياسية التي تسمي نفسها احزاب وتتواجد في البرلمان”.

ويشير الغرابي الى ان اغلب المحتجين كانوا قد خرجوا لممارسة “حق سياسي” ضد القوى السياسية التي “فشلت في ادارة الدولة”، وبانهم يسعون الان الى “انضاج مشروع سياسي جديد عراقي خالص” ويتعامل مع العراقيين بـ”دون تمييز”.

نسخة غير مكررة

وكانت بعض ردود الافعال في منصات التواصل الاجتماعي، عقب اعلان انشاء تنظيمات سياسية جديدة لشخصيات بارزة في الاحتجاجات، قد رفضت الدخول في “اللعبة السياسية” والتحول الى نسخة شبيهة من “الاحزاب الفاسدة” المتواجدة حاليا.

لكن الغرابي يؤكد ان حزبه “لن يكون نسخة مكررة من تلك الاحزاب” في حال قرر خوض الانتخابات، حيث لايزال هذا القرار مثار جدل ونقشات داخل التنظيم الناشئ، مضيفا :”اذا شاركنا بالانتخابات فلن نتحالف ولن نجلس على طاولة واحدة مع الاحزاب الفاسدة”.

ويخشى الغرابي “السلاح المنفلت” و”عمليات التزوير” التي قد تؤثر على نتائج الانتخابات المقبلة، لذلك فان حزبه يشكك في انه قد يتخذ قرار دخول الانتخابات اذا بقيت الاوضاع كما هي.

الغرابي وهو محامي، كان قد تعرض منزله في ذي قار الى انفجار بعبوة ناسفة في ايلول 2020، ماتسبب باضرار كبيرة في المنزل.

ووقع الانفجار مباشرة بعد عودة الغرابي من وقفة احتجاجية نظمها محتجون في ساحة الحبوبي للمطالبة بإطلاق سراح صديقه المختطف الناشط سجاد العراقي.

بالمقابل يشارك محمد جبر، عضو “امتداد” مخاوف الغرابي، من وجود السلاح المنفلت. ويقول :”نخشى التصفيات السياسية والتزوير، وكنا نتمنى مشاركة أممية واسعة بالانتخابات”.

ويعاني جبر ورفاقه في الاحزاب الصغيرة الجديدة، ازمة في التمويل، حيث تعتمد هذه التنظيمات على تبرعات المنتمين لها، وكان بعضهم قد نشر صورا لصكوك التبرعات على صفحات “فيسبوك” لضمان شفافية التمويل.

ويضطر كل تنظيم جديد ينوي المشاركة في الانتخابات بدفع 25 مليون دينار على الاقل، بحسب تعليمات المفوضية، حيث يعتبر هذا المبلغ، بحسب ناشطين، هو اول العراقيل التي وضعتها القوى الكبيرة ام الاحزاب المستقلة.

وتبدأ “امتداد” و “البيت العراقي” باعداد خطط وبرامج سياسية في حال قررت خوض الانتخابات، كما ان الطرفين يؤكدان انهما منفتحين على القوى المشابهة لهما، وقد يذهبان الى خيار التحالفات.

ويؤكد علي جبر ان “مقابلات ومناظرات ستجري مع المرشحين، ولن نقبل اي مرشح ينتمي الى اي من الاحزاب الحالية”، فيما يطمح حزبه الى تعديل الدستور “وجعل العراقيين يختارون رئيس الجمهورية والمحافظين بشكل مباشر”.

ويؤكد جبر وكذلك حسين الغرابي، بان الحزبين يهدفان الى “تصحيح النظام الديمقراطي، ومحاربة الفساد، والقصاص من قتلة تشرين وكل من تورط بدم العراقيين”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here